مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

 

في بلدانا في اليمن، اليمن يمن الإيمان والحكمة، الشعب الذي هويته الإيمانية هوية راسخة، كان الموقف الرسمي سلبياً بكل ما تعنيه الكلمة، وبادر بشكلٍ علنيٍ وصريح إلى التحالف مع الأمريكيين، وسعى لاسترضائهم بكل جهد، وبذل كل شيءٍ في سبيل استرضائهم، فتح لهم المجال بشكلٍ كامل، لبَّى مطالبهم، عرض- كذلك- الاستعداد التام لفعل كل الذي يريدونه، وعلى المستوى الشعبي: كان هناك حالة إما من اليأس لدى البعض، والتردد والحيرة لدى البعض الآخر، وتماهٍ وتوجهٍ على نحو التوجه الذي لدى النظام في الإذعان والاستجابة للأمريكي، والسعي لاسترضائه، على أمل أن تكون سياسية الاسترضاء سياسة مجدية لدفع ذلك الخطر الكبير الذي يهدد البلد، كما هو يهدد الأمة بشكلٍ عام.

 

بعض التيارات والحركات التي تقدِّم نفسها كحركات إسلامية، وعلى رأسها آنذاك حزب الإصلاح، والذي كان له حضور جماهيري واسع، وإمكانيات ضخمة جداً على المستوى المادي، ومؤسسات كثيرة، ونشاط كبير جداً طاغٍ في الساحة اليمنية، وند- آنذاك- للمؤتمر الشعبي العام، وموقع سياسي متمكِّن، وحضور وتأثير في الساحة، وأضف إلى ذلك: كان جزءًا أساسياً من النظام، حاضر في كل المؤسسات في الدولة، في كل الجهات له حضوره المؤثِّر، وكان في مراحل معينة يتظاهر بدعمه لقضايا الأمة، بتمسكه بالقضية الفلسطينية، في وقفته مع الشعب الفلسطيني، على الأقل على المستوى الإعلامي.

 

هذا التيار اتجه لتغيير موقفه بشكلٍ كامل، ازدحم الكثير من أعضائه من ذوي اللحى الطويلة على صوالين الحلاقة؛ لحلاقة لحاهم، اختفى البعض من كوادرهم وقياداتهم في منازلهم، أو في أماكن سرية، اتجه هذا الحزب لتغيير عناوينه، شعاراته، مواقفه، خطابه تجاه القضية الفلسطينية، تجاه الموقف من الخطر الأمريكي، اتجه لمد الجسور والقنوات والاتصالات مع الأمريكيين، وسعى بشكلٍ واضحٍ في صحفه، في خطاباته، في مواقفه، لاسترضائهم، والتودد إليهم، غيَّر الكثير من المفردات، والمصطلحات، والعناوين، والشعارات، وطبع خطابه بطابعٍ مختلف، بدى منهزماً لدرجةٍ غريبة، لا سيما بعد هزيمة حركة طالبان في أفغانستان، كان صدى هزيمة حركة طالبان على حزب الإصلاح في اليمن إلى حدٍ عجيبٍ جداً، اتجه حتى لتغيير مناهجه الدراسية، وبدأ مساراً عكسياً تراجعياً في مواقفه السابقة، واتجه في مسارٍ تصاعدي في التودد إلى الأمريكيين، وفي الخطاب الذي يسعى من خلاله إلى التفاهم معهم، الانسجام معهم، التبرير لمواقفه السابقة على أنها كانت في سياق التوجه الأمريكي نفسه فيما يتعلق بأفغانستان.

 

لم يكن ما لديهم من إمكانات ضخمة، وجمهور واسع، وعناوين، وعبارات، وشعارات، وخطابات، على النحو الذي يؤهلهم للثبات، وأن يقابلوا ذلك التحرك الأمريكي والطغيان الإسرائيلي بثباتٍ أكبر، وصمودٍ أقوى، وموقفٍ صريحٍ قويٍ بمستوى التحدي، بمستوى الخطر، وهكذا كان هو حال الكثير من أبناء هذه الأمة في كثيرٍ من الشعوب.

 

فلذلك كانت تلك المرحلة خطيرة جداً على الأمة؛ لأن سياسة الاسترضاء للأمريكي بفتح المجال له ليفعل كل ما يحلو له: فتح البلدان أمام قواعده العسكرية، فتح مؤسسات الدول في كل مجالاتها للنفوذ فيها، وللتقبل لما يفرضه ويمليه عليها من إملاءات وسياسات وتوجهات، كانت كلها تصب في خدمة الأمريكي والإسرائيلي، وكانت كلها تساعد الأمريكي والإسرائيلي على تحقيق أهدافه، وتمكينه من السيطرة على هذه الأمة، فسياسة الاسترضاء لم تكن لتدفع الخطر عن الأمة؛ وإنما كانت لتفاقم من هذا الخطر على هذه الأمة، تضعف هذه الأمة وتجرِّدها من كل عناصر القوة المعنوية والمادية، وتمكِّن العدو، فكانت تعاوناً مع العدو على النفس، وهذا غباء، ليس من الحكمة في شيء، إضافةً إلى أنها لا تنسجم مع مبادئ هذه الأمة الدينية، لا تنسجم مع الإسلام، لا تنسجم مع القرآن، ولا تنسجم حتى مع الفطرة.

 

في ظل ذلك الظرف الذي كان على هذا النحو، تحرَّك السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، بلا إمكانات، يعني: في تلك الآونة لا يمكن أن نقول أنه يمتلك شيئاً من الإمكانات على المستوى المادي، يتحرك من منزله إلى مدرسة الإمام الهادي ليعلن هذا الموقف، ويتحرك في بيئة مستضعفة، الذين ينطلقون فيها في تلك القرى النائية من أقلِّ الناس إمكانات، من المستضعفين، الفقراء، والفلاحين، والمواطنين الذين يعانون أشد المعاناة في ظروف حياتهم، يعني: لم يكن يمتلك آنذاك قدرات عسكرية، ولا إمكانات مادية، ولا مؤسسات في اليد يمكنها أن تمثل رافعة لهذا المشروع.

 

فعندما نتأمل في حقيقة موقفه، عندما نتأمل فيما قدَّمه أيضاً منذ أن انطلق وتحرك في هذا المشروع، ما قدمه من محاضرات ودروس وكلمات، كيف كان يتحرك ببصيرةٍ عالية، بوعيٍ كبير، بثقةٍ عظيمةٍ بالله "سبحانه وتعالى"، ما يبرهن ويشهد على هذه الثقة العظيمة بالله "سبحانه وتعالى": أن يتحرك في واقعٍ كمثل ذلك الواقع، في طبيعة الهجمة الكبيرة جداً للأعداء، والتوجهات السلبية في الداخل على المستوى الرسمي، وعلى مستوى النخب الشعبية، والتيارات البارزة والمتمكنة، وعلى نحوٍ مختلف عما قد ساد في الساحة من حالة ركود، وجمود، ويأس، وهزيمة نفسية، واستسلام، وصمت، أو توجهات نحو الاسترضاء والتودد إلى الأمريكي من البعض الآخر، ومن واقعٍ مستضعفٍ، وبلا إمكانيات، نرى قيمة هذا الموقف أنه كان موقفاً بكل ما تعنيه الكلمة منطلقاً من وعيٍ عظيم، من بصيرةٍ عالية، من ثقةٍ عظيمةٍ بالله، من استشعارٍ عالٍ للمسؤولية.

 

عندما تحرَّك لم يكن هناك من يعلن مساندته له، أو يعلن وقوفه إلى جانبه، لا دولة، ولا كيان هنا أو هناك، لم يكن هناك من يمده بأي مدد، بأي إمكانات مادية، كان اعتماده بشكلٍ كليٍ على الله "سبحانه وتعالى"، ويسعى لأن يقوم بواجبه، وأن يقوم بمسؤوليته، وكان يدرك جيداً- وهو المستبصر ببصيرة القرآن الكريم، والمتأمل عميقاً في واقع أمته- الخطورة الرهيبة جداً للسكوت، للصمت، للاستسلام، للهزيمة النفسية، والأبعاد لذلك، وما يترتب على ذلك من نتائج خطيرة للغاية في مستقبل شعبنا العزيز، وفي مستقبل الأمة بشكلٍ عام.

 

فلذلك تحرَّك وأعلن هذه الصرخة، وتحرَّك مع هذه الصرخة أيضاً بشكلٍ نشط لمقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، ولنشر الوعي القرآني، في الوقت نفسه كان التحرك الأمريكي مستمراً، بعد أفغانستان ما حصل في العراق، وما تلى ذلك من استهدافٍ للأمة.

 

في نفس الوقت كذلك كان الموقف السلبي في الداخل العربي من جانبٍ آخر يزداد سلبيةً مع الوقت، وكانت المواقف الإيجابية والثابتة والصامدة لحركات المقاومة في لبنان وفلسطين، مع مساندتها الكبيرة من جانب الجمهورية الإسلامية في إيران، تزداد أيضاً تمايزاً، فالساحة العربية والساحة الإسلامية بشكلٍ عام تشهد حالةً من الفرز والتمايز، وتستمر فيها الأحداث ساخنةً ومتصاعدةً ومستمرة.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين 1442هـ


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر