فيما أثر عن الإمام زين العابدين في دعاء يوم عرفة قال (عليه السلام): (الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام، رب الأرباب، وإله كل مَأْلُوه، وخالق كل مخلوق، ووارث كل وارث، ليس كمثله شيء، ولا يعزب عنه علم شيء، وهو بكل شيء محيط، وهو على كل شيء رقيب.
أليس هذا تمجيد أم هو دعاء؟ تمجيد لله وثناء على الله، وتعظيم لله.
أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد المُتَوحِّد، الفرد المُتَفَرِّد. وأنت الله لا إله إلا أنت، الكريم المتكرم، العظيم المتعظم، الكبير المتكبر. وأنت الله لا إله إلا أنت العلي المتعال الشديد المِحَال. وأنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم العليم الحكيم. وأنت الله لا إله إلا أنت السميع البصير القديم(1) الخبير. وأنت الله لا إله إلا أنت، الأول قبل كل أحد، والآخر بعد كل عدد. وأنت الله لا إله إلا أنت الدّاني في علوّه والعالي في دُنُوِّه. وأنت الله لا إله إلا أنت ذو البَهَاء والمجد، والكبرياء والحمد. وأنت الله لا إله إلا أنت الذي أنشأت الأشياء من غير سِنِخٍ(2)، وصوَّرت ما صورت من غير مثال، وابتدعتَ المبتدَعات بلا احتِذَاء، أنت الذي قدَّرت كل شيء تقديرًا، ويسرت كل شيء تيسيرًا، ودبرت ما دونك تدبيرًا.
أنت الذي لم يُعِنْك على خلقك شريك، ولم يؤازرك في أمرك وزير، ولم يكن لك مشاهد ولا نظير، أنت الذي أردت فكان حتمًا ما أردت، وقضَيتَ فكان عَدلًا ما قضيتَ، وحكمت فكان نَصَفًا ما حكمت، أنت الذي لا يحويك مكان، ولم يقم لسلطانك سلطان، ولم يُعْيِك برهان ولا بيان. أنت الذي أحصيت كل شيء عددًا، وجعلت لكل شيء أمدًا وقدرت كل شيء تقديرًا. أنت الذي قصُرَت الأوهامُ عن ذاتيّتك، وعجزت الأَفهامُ عن كيفيتك، ولم تدرك الأبصار موضع أيْنِيَّتِك، أنت الذي لا تُحَد فتكون محدودًا، ولم تُمثَّل فتكون موجودًا(3)، ولم تلد فتكون مولودًا. أنت الذي لا ضد معك فيعاندك، ولا عِدْل فَيُكَاثِرَك، ولا نِدَّ لك فيعارضك، أنت الذي ابتدأ واخترع، واستحدث وابتدع، وأحسن صنع ما صنع.
سبحانك ما أجل شأنك، وأسْنَى في الأماكن مكانَك(4)، وأصدع بالحق فرقانَك، سبحانك من لطيفٍ ما ألطفك، ورؤوفٍ ما أرأفك، وحكيمٍ ما أعرفك، سبحانك من مليكٍ ما أمنعك، وجوادٍ ما أوسعك، ورفيعٍ ما أرفعك، ذو البهاء والمجد، والكبرياء والحمد، سبحانك بسطت بالخيرات يدك(5)، وَعُرِفت الهداية من عندك، فمن التمسك لدين أو دنيا وجدك.
سبحانك خضع لك من جرى في علمك، وخشع لعظمتك ما دون عرشك، وانقاد للتسليم لك كل خلقك، سبحانك لا تُحَسّ ولا تُجَس، ولا تُمَس، ولا تُكَاد ولا تُمَاط(6)، ولا تُنازع، ولا تجارَى، ولا تُمَارَى، ولا تخادَع، ولا تماكَر. سبحانك سبيلك جَدَد(7)، وأمرك رَشَد، وأنت حي صمد. سبحانك قولك حُكم، وقضاؤك حَتْم، وإرادتك عزم. سبحانك لا رادّ لمشيئتك، ولا مبدل لكلماتك. سبحانك باهر الآيات فاطر السموات، بارئ النسمات).
وهكذا الإمام زين العابدين يُمَجِّد الله سبحانه وتعالى بهذا الأسلوب الذي يشد النفوس نحو الله، يشد القلوب نحو الله سبحانه وتعالى، ومن خلاله تتعرف على معاني أسماء الله الحسنى، وتعرف سعة علم الله، ما أمكنك ذلك، وتعرف حكمته، وتدبيره، وقدرته.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
معرفة الله – عظمة الله – الدرس السابع
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 25/1/2002م
اليمن – صعدة