حينما تعاني الأمة من الوهن!!
الأُمَّة في هذه المرحلة- بشكلٍ عام- تعاني من الوَهَن، الحالة العامة التي نراها تجاه ما يحدث في غزة هي الوَهَن، حالة خطيرة جدًّا على أُمَّتنا، هي الحالة التي حذَّر منها رسول الله "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ"، في قوله في الحديث المهم جدًّا: ((يُوشِكُ أَنْ تَتَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَم، كَمَا تَتَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا))، وكأنكم وجبة طعام، فريسة سهلة سائغة، يتناولها الأعداء ويأكلونها، تصبحون مأكلة للأمم، مأكلة، ينهبون ثرواتكم، يحتلون أوطانكم، يهتكون أعراضكم، يستبيحون قتلكم وإبادتكم، هذا معنى أن تكونوا كالقصعة التي يتداعى عليها الأَكَلَة ليأكلوها، هذا هو المعنى، أن تكونوا بهذا النحو، على هذا المستوى، يعني: حالة رهيبة، حالة مخزية، حالة استسلام ووهن وضعف، حالة ليست فيها عِزَّة، ولا كرامة، ولا حُرِّيَّة، ولا استقلال، حالة استباحة بكل ما تعنيه الكلمة، القصعة التي يتداعى عليها الأكلة، هي حالة استباحة لما يعتبرونه إداماً سهلاً، مستساغاً يأكلونه، ويتداعون لأكله.
(قَالُوا: أَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَومَئِذٍ يَا رَسُوْلَ اللَّه؟)، يعني: هل السبب في أن نصل إلى هذا المستوى من الضعف، تتشجع علينا بقية الأمم، التي لا تمتلك ما نمتلكه من مبادئ، ولا من قيم، ولا من دين يُمَثِّل صلة بالله، نحظى بنصره، بعونه، بتأييده، هل ستصل الحال بنا إلى ذلك المستوى لانعدام إمكانات، وقدرات، وقلة في عددنا، فيتشجعون علينا لذلك؟
((قَالَ: أَنْتُم يَومَئِذٍ كَثِير، وَلَكِنَّكُم غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْل، يُنْزَعُ الوَهَنُ مِنْ قُلُوبِ أَعْدَائِكُم، وَيُقْذَفُ فِي قُلُوبِكُم))، هذه الحالة الرهيبة لأُمَّتنا، أُمَّة الملياري مسلم، هي: غثاءٌ كغثاء السيل، انظروا كيف هي في مواجهة عشرة مليون يهودي صهيوني؟! كيف أُمَّة الملياري مسلم، كيف ضعفها، عجزها، قراراتها، توجهاتها، مواقفها، تصرفاتها، هذا الوهن حالة خطيرة على الأُمَّة، يشجِّع الأعداء عليها في كل بلدٍ وقطر، وتجاه كل شعب، حالة ليست حالة طبيعية، ليست سليمة، ليست إيجابية.
ولـذلك يجب التَّخَلُّص منها، يجب العمل على الخروج من هذه الحالة؛ لأن بقاء الأُمَّة غثاءً كغثاء السيل، يعني: مداسة، مداسة يدوسها الأعداء بأقدامهم، يدوسها الأعداء بأقدامهم، فالخروج عن هذه الحالة؛ حتى لا نبقى غثاءً كغثاء السيل، بل نتحوَّل إلى النموذج الذي يصلنا بقرآننا، بنبينا رسول الله "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ"، الذي قال الله عنه، وعن نموذجه الذي يمثِّل الإسلام حقاً: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ}[الفتح:29]، هذا المثل الذي يبيِّن الفارق:
- ما بين حالة الغثاء كغثاء السيل، الذي هو مداسة للأقدام، ولا قيمة له، لا وزن له، لا أهمية له، لا فائدة منه، لا تأثير له.
- وبين هذا النموذج، الذي يعبِّر عن الخير والقوة، وعن العِزَّة، وعن المنظر البهيج، القوي، الرائع.
هذا المثل أتى في (التوراة، والإنجيل، والقرآن)، في ثلاثة من كتب الله، مع ثلاثة من رسل الله، من أولي العزم من الرسل؛ ليعبِّر عن أنَّ ذلك هو الامتداد الأصيل لرسالة الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".
ولـذلك فيما يتعلَّق بواقع الأُمَّة، هي غثاءٌ كغثاء السيل:
- لأنها لا تمتلك البصيرة، ولا الرؤية الصحيحة.
- ولأنها أفلست على مستوى القيم والأخلاق.
- ولأنها فقدت شعورها بالمسؤولية، وأخذت بأسباب الضعف والوهن، فقدت التربية الإيمانية، التي تبنيها أُمَّةً عزيزةً قويةً.
قال الرسول "صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" عن هذه الحالة من الوهن، حينما سألوه عنها: (وَمَا الوَهَنُ يَا رَسُولَ الله؟)، قال: ((حُبُّكُمُ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَّتِكُمُ المَوْت))، هذا التعلُّق بالمصالح الزائفة، غير الواعي أيضاً بالمصلحة الحقيقية، غير الواعي بما فيه الخير في الدنيا، والخير في الآخرة، بما فيه العِزَّة والكرامة، هو الذي أوصل الأُمَّة إلى ما وصلت إليه من حالة الوَهَن.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي بمناسبة افتتاح الأنشطة والدورات الصيفية وحول آخر التطورات والمستجدات شوال 1446هـ