للشاعر / معاذ الجنيد
من قبلِ ميلادِهِ.. في دينهِ دخلوا
وقبلَ يُبعَثَ.. لاستقبالهِ رحلوا
وقبل أن تُشرقَ الدنيا بمولدهِ
أضاءَ فيهم.. أضاءوا منهُ واشتعلوا
هذا.. فكيف بِهم؟ من بعدما رَشَفوا
أسرارَ (طه) ومن آياتِهِ نهلوا!؟
هُمُ اليمانُونَ من آوَوَا ومن نصروا
بغير حُبِّ رسولَ اللهِ ما ثَمِلُوا
فمُنذُ تبشير (عيسى).. آمنوا، ولهُ
تهيأّوا، واستعدوا، جلجلوا، صهلوا
أعطاهُ (تُبّعُ) ميثاقاً بنُصرتهِ
غيباً.. كما أكّدَت مِيثاقها الرُسلُ
واختَطَّ من (أوسهِ) عهداً (وخزرجهِ)
أن تنصُراهُ إذا ما قومُهُ خَذَلوا
فهاجروا يرقبونَ الوعدَ في شغفٍ
لو لم يُهاجرْ إليهم.. نحوهُ رحلوا
ساقوا إليهِ مطاياهُم وموطنهم
وخيّموا (يثرباً) يحدوهُمُ الأملُ
هامُوا بِهِ وهوَ في أسمارِهِم خَبَرٌ
ولم يزل بينهُم والمصطفى دِوَلُ
تعلّقوا فيه حتى جاءَ مولِدُهُ
وهُم إلى ذروةِ الأشواقِ قد وصلوا
(قريشُ) مشغولةٌ في: كيفَ تقتلهُ
وهُم يودّونَ لو من أجلهِ قُتِلُوا!!
(قريشُ) مشغولةٌ في: كيف تُخرِجهُ!
وهُم بكيفيّةِ استقبالهِ شُغِلوا
ما بينَ أن ينحرَ القومُ القلوبَ لهُ
وبينَ أن تُفرَشَ الأرواحُ والمُقَلُ
وظلّ أباؤنا يرجون هِجرتهُ
و(يثرِبٌ) من لهيبِ الشوقِ تشتعلُ
حتى أتى الأمرُ من ربِّ السما، فأتي
وأوصلتهُ إلى أبوابنا الإبلُ
وناصرتُهُ سيوفٌ من قبائلنا
الموتُ في حدِّها المصقولِ والأجلُ
لو لم يكُن عمّهُ المغوارُ كافُلهُ
لكانَ أجدادنا للمصطفى كفلوا
هُم اليمانون لا زالوا كما عُرِفوا
أهلُ السماواتِ من إيمانهم ذُهِلوا
تأثّروا، وتأسّوا، عاهدوا، صدقوا
ساروا، أطاعوا، تولّوا، جاهدوا، عملوا
واليوم جاءوكَ من أوجاعهم فرحاً
كأنّهم قطُّ للأوجاعِ ما حملوا
هبّوا كطوفانِ يومِ الحشرِ.. تحسبهُم
من كلّ عصرٍ إلى ساحاتهم نزلوا
قلوبُهم لكَ تحبُو وهيَ نازِفةٌ
أشلاؤهُم بِكَ تشدو وهيَ تُنتَشَلُ!
يا سيدي إنّ قوماً باسمكَ ارتبطوا
لن تستطيعَ لهُم (حزمٌ) ولا (أملُ)
إن صعّدوا الحربَ.. صعّدنا تمسُّكنا
بسيّدِ الخلقِ.. فاستهدتْ بنا السُبُلُ
إنْ يقطعوا كلّ بابٍ من منافذنا
فحبلُنا برسولِ اللهِ مُتّصِلُ
وإنْ أعاقوا وصولَ الطائراتِ إلى
شعبي.. فيكفيه أنّ المصطفى يَصِلُ
فـ(كاف، ها، ياء، عينُ) الوصلِ حاضرةٌ
بـ(صادَ) صلى عليكَ اللهُ تكتحِلُ
الحربُ _صلى عليك الله_ مُضرَمةٌ
ونحنُ _صلى عليك الله_ نحتفلُ
والجُرحُ _صلى عليك الله_ مُتّسِعٌ
وفيكَ _صلى عليك الله_ يندمِلُ
والقومُ _صلى عليك الله_ مُذ تَبِعوا
خُطاكَ _صلى عليك الله_ ما خُذِلوا
ومنك _صلى عليك الله_فرحتُنا
بالنصرِ _صلى عليك الله_ تكتمِلُ
وفيكَ _صلى عليك الله_ قوّتُنا
بسِرِّ _صلى عليك الله_ تُختَزَلُ
ونحنُ _صلى عليك الله_ أفئدةٌ
كالدمعِ _صلى عليك الله_ تنهمِلُ
فأنتَ _صلى عليك الله_ غايتُنا
إليك _صلى عليك الله_ نمتثلُ
وأنتَ _صلى عليك الله_ عِزّتُنا
وكُلُّ من حاولوا تركيعنا فشِلوا
وأنتَ _صلى عليك الله_ عُدّتُنا
بحربنا نكّستْ أعلامها الدِولُ
وأنتَ _صلى عليك الله_ قائدنا
حياتُنا فيكَ بأسٌ، حكمةٌ، عملُ
وأنتَ _صلى عليك الله_ منهجُنا
إن مزّقت غيرنا الأحزابُ والمِللُ
وأنتَ _صلى عليك الله_ مفخرةٌ
بِها يُباهي اليمانيون إن سُئلوا
وأنتَ _صلى عليك الله_ صاحبنا
ونحنُ يا سيدي أصحابُك الأوَلُ
مُبشراً جئتَ بالنورِ المُبينِ لنا
وشاهداً أنَّ قومي خير من بذلوا
وهادياً وسراجاً زيتُهُ دمُنا
ورحمةً لم تزلْ في الآلِ تنتقلُ
هُم حاولوا صدّ شعبي عن زيارتكم
فزُرتنا أنتَ حتى هزّنا الخجلُ
وأنتَ واللهِ فينا مُنذ نشأتنا
صلّى على نوركِ الأنصارُ وابتهلوا
على النبيِّ التهاميِّ الذي ارتبطت
(تهامةٌ) باسمهِ لو أنّهم عقلوا
صلى عليك التهاميّون فانطلقوا
وكلُّ حُفنةِ رملٍ تحتهم جبلُ
صلت عليك قِبابُ الأولياءِ بها
صلى (جَبَرْتِيُّها) و(الفازُ) و(البَجَلُ)
استنجدوكَ: أغثنا سيدي مدداً
يا غوثنا كلما ضاقتْ بنا الحِيَلُ
صلّى وصلّى وصلّى الله تزكيةً
عليكَ والآل ما طابَت بِكَ العِلَلُ