والأُمَّة اليوم هي أحوج ما تكون إلى أن تحيا بالقرآن الكريم من جديد؛
والأُمَّة اليوم هي أحوج ما تكون إلى أن تحيا بالقرآن الكريم من جديد؛ لتصحيح وضعيتها، نجد كل هذه العناوين الكبرى، في نهضة الإمام زيدٍ "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، هي عناوين تحتاج إليها الأُمَّة في هذا العصر، بمقدار حاجتها إليها في ذلك العصر، وأكثر من ذلك، وأكثر من ذلك.
الأُمَّة بحاجة إلى أن تحيا بالقرآن الكريم من جديد؛ لتصحح وضعيتها، ولتشعر بمسؤوليتها، ولتتحرَّك في هذا العصر ضد الطغيان الأمريكي الإسرائيلي، الذي هو خطرٌ على هذه الأُمَّة في منتهى الخطورة:
- خطرٌ في الاستعباد والإذلال لهذه الأُمَّة.
- في الظلم والقهر لهذه الأُمَّة.
- في الإفساد في الأرض، والإفساد لواقع الحياة، والإفساد لهذه الأُمَّة.
- في الاستهداف لمقدَّساتها، وطمس معالم إسلامها.
- في الخطر بكل أشكاله على هذه الأُمَّة: على أوطانها، وحياتها، وأمنها، واستقلالها، وحُرِّيَّتها، وكرامتها... وكل شيءٍ مهمٍ لها.
الخطر الأمريكي الإسرائيلي هو كبيرٌ جدًّا على هذه الأُمَّة، والسبيل الصحيح- بحكم القرآن، وفق آيات القرآن الكريم، وبشهادة الواقع، وبشهادة التاريخ- هو: التَّحَرُّك الجاد على أساسٍ من الاهتداء بالقرآن الكريم، والانطلاقة الإيمانية في سبيل الله تعالى، بالاعتماد على الله، بالثقة به، بالتَّوَكُّل عليه "سُبْحَانَهُ وَتَعَاَلَى"، بالاهتداء بنوره؛ للتَّصَدِّي للخطر الأمريكي والإسرائيلي، في كل هجمته على هذه الأُمَّة:
- في هجمته بالحرب التي تسمَّى بالحرب الناعمة: حرب الإضلال والإفساد.
- وأيضاً في الحرب الصُلبة: حرب العدوان العسكري، والقتل، والتدمير، والإبادة... وغير ذلك.
في واقع هذه الأُمَّة، وتجاه هذا الخطر، تشاهد الأُمَّة جمعاء، ومن يتابع الأحداث، حجم المأساة والمظلومية للشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، كجزءٍ من هذا الخطر، انصب على شعبٍ من أبناء هذه الأُمَّة؛ وإلَّا هو خطرٌ عليها بكلها، خطرٌ يطالها، أضراره قائمةٌ في واقعها، مؤامراته، مخاطره، تأثيراته، قائمةٌ في كل واقع الأُمَّة، وفي كل المجالات، وتعاني منه الأُمَّة معاناةٍ كبيرة، أبصر ذلك من أبصره، وعمي عنه من عمي عنه.
لكن فيما يتعلَّق بما يحدث على الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، مأساة رهيبة جدًّا، ومظلومية كبرى، الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة هو الآن في أصعب مرحلة من مراحل التجويع، هناك القتل، هناك التدمير، الإبادة الجماعية، وهناك أيضاً التجويع، الذي وصل إلى مرحلة في غاية الصعوبة، الأطفال يموتون من الجوع، يُستشهدون من الجوع بشكلٍ يومي، بل أحياناً على مدار الساعة هناك وفيات من الجوع الشديد، والمجاعة الشديدة.
العدو الإسرائيلي هندس مسألة مصائد الموت، في قضية المساعدات الإنسانية التي يتحكم بها، ويجعل منها مصائد للقتل والإبادة، ومع ذلك يبقى الكثير في حالة جوعٍ شديد، ومأساةٍ رهيبة، وهم بين أوساط الأُمَّة، فلسطين في المنطقة العربية، بين أوساط العرب وأوساط المسلمين، بين مئات الملايين من العرب، بين ملياري مسلم يتفرَّجون، كأنهم أُمَّةٌ عاجزة لا تستطيع أن تدخل قُرصاً من الخبز، رغيفاً واحداً من الخبز، أو كأساً من الماء، أو حبَّة دواء، ولا شيء! تفرُّج كامل على ما يحدث، وكأنهم أُمَّةٌ لا يعنيها ما يحدث، هذا التَّفَرُّج، هذا التَّنَصُّل عن المسؤولية، هو يشكِّل خطورةً بالغةً على هذه الأُمَّة، في المسؤولية بينها وبين الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَاَلَى"، تؤاخذ على ذلك في الدنيا، وتؤاخذ عليه في الآخرة، هي حالة خطيرة جدًّا، وهي حالة تكشف عن حجم التدني في واقع هذه الأُمَّة: على مستوى الوعي، على مستوى المشاعر الإنسانية، على مستوى مكارم الأخلاق، نقص حتى عمَّا كانت عليه في أيام الجاهلية الأولى، في كثيرٍ من القيم: في النخوة، والشهامة... قيم مهمة جدًّا غابت عنها إلى حدٍ رهيبٍ جدًّا.
هذا- بحد ذاته- يكشف حاجة الأُمَّة إلى أن تُصَحِّح وضعيتها، وفق سُنَّة الله تعالى في التغيير: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[الرعد:11]، هذه الحالة مخزية، مخزية جدًّا للعرب في المقدِّمة، ولبقية المسلمين، أن يتفرَّجوا على ما يحدث، المشاهد المأساوية لأطفال فلسطين، الذين يموتون من الجوع، من التجويع في قطاع غزَّة، على مرأى ومسمع الأُمَّة، هي مشاهد مخزية، هي مأساوية، ومخزية لهذه الأُمَّة، وتكشف حجم التخاذل الرهيب، الذي جعل العدو الإسرائيلي ومعه الأمريكي يطمئنان تماماً، إلى أنهما مهما فَعَلَا ضد الشعب الفلسطيني، فلن يكون هناك ردة فعل قوية من أبناء هذه الأُمَّة، الحالة خطرة جدًّا.
شعبنــا اليمنــي، في تحرُّكه المتكامل، والمستمر منذ بداية العدوان على غزَّة، وبثباته على موقفه، بالرغم من كل ما يواجهه، من:
- عدوانٍ عسكري، في جولتين متتاليتين، عدوان (أمريكي، وبريطاني، وإسرائيلي)، آلاف الغارات الجوِّيَّة على بلدنا.
- ثم أيضاً ترافق مع ذلك الحصار الشديد، الحصار حتى في الملف الإنساني والمساعدات الإنسانية، والتقليص الكبير جدًّا فيما حصل في ذلك، وهو معروف، والحصار بشكلٍ عام على شعبنا العزيز.
- والحرب الاقتصادية الممنهجة والمنظَّمة، بكل أدواتها الموالية لأمريكا وإسرائيل.
- ومع ذلك الحرب الدعائية الهائلة جدًّا.
- وكل مساعي الاختراق الدعائي والأمني، ومساعي الاستقطاب، ومحاولات التفكيك لتوجُّه هذا الشعب، وصرفه عن الاهتمام بقضاياه الكبرى، وبهذه القضية الفلسطينية التي تعنينا جميعاً؛ باعتبار الشعب الفلسطيني جزءاً منا، ومظلوميته وهي مظلوميةٌ لكل الأُمَّة؛ وباعتبار الخطر الأمريكي الإسرائيلي خطر علينا وعلى كل هذه الأُمَّة.
شعبنا بهذا الثبات هو منطلقٌ من منطلقٍ إيمانيٍ ثابتٍ وراسخ، وهو يعي ويستبصر ببصيرة القرآن الكريم؛ ولـذلك- وهو بفضل الله تعالى- فشلت كل مساعي الأعداء في ثنيه عن هذا التَّوَجُّه؛ ولـذلك شعبنا سيواصل مساره، في التَّحَرُّك الفاعل والجاد في كل المجالات:
- في العمليات العسكرية المستمرَّة.
- في الأنشطة الشعبية المكثَّفة.
- في التعبئة العسكرية، في كل أنشطتها المهمة، من تدريبٍ، وتأهيلٍ... وبقية الأنشطة العسكرية فيها.
اتِّجاهنا في التَّحَرُّك في مسارنا ضد الطغيان الأمريكي والإسرائيلي، وامتداداته في الأُمَّة، هو اتِّجاهٌ نتحرَّك فيه ببصيرة القرآن الكريم، وبالمنطلق الإيماني في سبيل الله تعالى، وهو اتِّجاهٌ أصيل، يمتد في هذه الأُمَّة، امتداده عبر الأجيال، يصل إلى التأسي والاقتداء برسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، الذي قدَّم لنا دين الله ديناً متكاملاً، وعلى أساس القرآن الكريم، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب:21]، يمتد أيضاً عبر هداة الأُمَّة، من عترته الأطهار، وأخيار الأُمَّة الأبرار عبر الأجيال؛ ولـذلك موقفنا ثابتٌ في نصرة الشعب الفلسطيني، والتَّصَدِّي للطغيان الأمريكي والإسرائيلي، ونحن واثقون بوعد الله الحق، في تحقيق النصر، وفي أنَّ العاقبة للمتقين.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي
ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي عليهما السلام
25محرم 1447هـ