أليست مشكلة كبيرة أن تقع في حالة يمكن أن تؤدي بك إلى جهنم؟ أليست هذه مشكلة كبيرة؟، هل هناك شيء أشد من جهنم؟ هل هناك شيء أسوأ من جهنم؟ من عذاب النار؟، من عذاب الحريق؟ {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (آل عمران: من الآية 103) إذا كانت تهمكم أنفسكم فتبحثون عما يهديكم إلى ما فيه نجاتكم فلا تُظلمون في الدنيا، ولا تصيرون إلى ما تستوجبون به عذاب جهنم في الآخرة.
ثم أي طرف في الدنيا، أي جهة في الدنيا يمكن أن تكون أكثر رحمة بنا من الله سبحانه وتعالى؟ هل هناك أحد؟ وإذا افترضنا أن هناك من هو رحيم بنا، فهل هناك من يستطيع أن يهدينا كما يهدينا الله سبحانه وتعالى؟ لا.. قد ترحمك أمك، قد يرحمك أبوك، قد يرحمك إخوانك، قد يكونون حريصين على نجاتك، حريصين على سلامتك، لكن لا يمتلكون علم الغيب، لا يمتلكون ما يستطيعون به أن يرسموا لك طريق الهداية التي تعتبر حقائق لا تتخلف.
بل قد يحصل العكس، قد توجهك أمك أو يوجهك أبوك أو أخوك إلى الترك، ألا تتحرك في قضية يكون في الواقع سلامتك وهدايتك وعزتك ونجاتك في أن تتحرك فيها، فتنطلق أمك من باب العاطفة من باب الرحمة بك.
أليست تتحدث من منطلق الرحمة؟ لكنها لا تستطيع أن ترسم لك الهداية الحقيقة، لا تستطيع مهما كانت رحيمة. فبالنسبة لله سبحانه وتعالى تجتمع أشياء كثيرة: رحمته العظيمة بنا، وعلمه، هو الذي يعلم السر في السماوات والأرض، يعلم الغيب والشهادة، علمه بكيف يهدينا وما هو الذي فيه هدايتنا؟ ولهذا يتحدث بأن ما يهدينا إليه هو آيات. معنى آيات: أعلام على حقائق، حقائق لا تتخلف، حقائق هي تمثل إذا سرتم عليها وفي طريقها هدايتكم، فآياته أعلام على حقائق نمشي وراء هذه الأعلام نهتدي بها، ولا بد أن تحصل – إذا ما مشينا مهتدين بها – لا بد أن تحصل تلك الحقائق من وراءها، سواء ما كان منها في الدنيا من عزة ومكانة وشرف ورفعة واستقامة، وبالنسبة للآخرة الفوز العظيم بالجنة، أليست هذه هي الهداية الحقيقية؟
عندما يهدينا هو يهدينا إلى ما نحن في أمس الحاجة إليه في الدنيا قبل الآخرة، هذا شيء مؤكد؛ لأن الثمرات كلها ليست مرتبطة بأنه فقط ثمرتها هي الجنة لا شيء قبلها، بل يهدينا إلى ما نحن في أمس الحاجة إليه في الدنيا؛ كي لا نُظلم، لا نُذل، لا نُقهر، لا نصبح جندًا للشر والباطل، لا نصبح عبيدًا للشيطان، أليست هذه أشياء تهمّ الإنسان ألا يقع فيها؟
وعلى الرغم من ذلك أيضًا يكتب لنا أجرًا على كل ما نسير فيه مما نحن في أمس الحاجة إليه فيكتب لنا أجرًا عليه، ويكتب لنا الفوز بالجنة، وما أعظم الجنة، وما أعظم رضوان الله الذي هو أعظم من الجنة. أليست هذه هي منتهى الرحمة؟ ولهذا قال تعالى: {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (آل عمران: من الآية 107) كما سيأتي بعد في هذه الآيات، هذه هي الرحمة.
أمك أبوك خالك جدتك أي أحد من أقاربك أي شخص يهمه أمرك لو انطلق بكامل الإخلاص فلن يستطيع أن يهديك على هذا النحو، ومتى ما هداك فإنه لا يملك لك شيئًا من بعد، لا يملك جنة ولا يملك نارًا، وقد لا يملك فعلًا أنك متى ما سرت على النحو الذي هداك إليه أنه سيقف معك بكل ما يملك، قد يكون مجرد نصح فقط، أما الله فقد وعد أنك عندما تسير على ما هداك إليه فإنه سيقف معك، وسيؤيدك، وسينصرك، وسيهديك، ويوفقك، ويرعاك، ويرشدك.
الإنسان إذا تأمل لا يجد أي طرف إطلاقًا يمكن أن يهديه كهداية الله، لا يمكن أبدًا، ولا أن يتحقق له من أي طرفٍ مهما كان ناصحًا له كما يتحقق له على يد الله سبحانه وتعالى.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
سورة آل عمران- الدرس الثالث
ولتكن منكم أمة
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 11/1/2002م
اليمن – صعدة