عبدالملك العتاكي
بينما ينشغل البعض بتفسير ما يحدث في المحافظات الجنوبية المحتلّة على أنه "خلاف سعوديّ إماراتي" أَو "تباين في وجهات النظر"، تؤكّـد الحقائق على الأرض أننا أمام مؤامرة مكتملة الأركان وجريمة منظمة يديرها الغازي الأجنبي، وتنفذها أدوات رخيصة باعت سيادتها وكرامتها في سوق النخاسة الدولي.
تبادل أدوار لا صراع أجندات
إن الحديث عن صراع بين الرياض وأبوظبي في المناطق الجنوبية المحتلّة عدن وحضرموت والمهرة هو مُجَـرّد "ذَرٍّ للرماد في العيون".
الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع هي أن هناك "توزيع أدوار" برعاية أمريكية-صهيونية؛ الهدف منه هو إبقاء الجنوب غارقًا في مستنقع الفوضى، وتدمير النسيج الاجتماعي، ليتسنى للمحتلّ السيطرة على الثروات والمواقع الاستراتيجية دون إزعاج.
ما يسمونه "خلافًا" هو في الواقع "كماشة" تُطبق على رقاب إخواننا في الجنوب؛ طرف يغذي الفوضى الأمنية، وطرف يمعن في سياسة التجويع وانهيار العملة، والنتيجة واحدة: "شعب منهك يبحث عن لقمة عيشه بينما تُنهب موانئه وجزره".
أركان الجريمة: "تفتيت المفتت"
الجريمة هنا ليست وليدة اللحظة أَو الصدفة، بل هي فعل عمدي يقوم على:
الإذلال بالخدمات: تحويل الكهرباء والماء والرواتب إلى وسيلة لتركيع الأحرار، وهي سياسة "تركيع لا تَرْكيع"، حتى يصل المواطن إلى القناعة بقبول أي مستعمر مقابل سد جوعه.
صناعة المليشيات: يتعمد المحتلّ تفريخ فصائل مسلحة متناحرة، لا تملك قرارها، هدفها الوحيد هو الاقتتال الداخلي ليبقى الجنوب "ساحة حرب" مفتوحة تخدم أمن كَيان العدوّ الصهيوني في البحر الأحمر.
الاحتلال المباشر: ما يحدث في سقطرى ومحيط باب المندب من استحداثات عسكرية وقواعد أجنبية هو "الوجه الحقيقي" للعدوان، وما الصراعات الجانبية في عدن إلا غطاء لتمرير هذا المخطّط.
الرهان على الوعي لا على الوعود
إن مأساة الجنوب اليوم تثبت صدق ما حذرنا منه منذ اليوم الأول: "المحتلّ لا يأتي بالورود، بل يأتي بالأغلال".
وما يسمونه "تحريرًا" لم يكن إلا "استعمارًا" بوجوه جديدة وأدوات محلية سقطت في وحل الخيانة.
إن الخروج من هذه الجريمة المكتملة لن يكون عبر "طاولات التفاوض" في الرياض أَو أبوظبي، بل عبر الوعي الشعبي والتحَرّك الجاد لطرد كُـلّ غازٍ ومحتلّ.
فالسيادة لا تُجزأ، والكرامة لا تُشترى بالدرهم ولا بالريال.



.png)



