كلنا بنو البشر مجمعون على أننا بحاجة إلى تشريعات، ودساتير، ولوائح، وأنظمة على مستوى الشعب الواحد، ثم على مستوى المجموعة الواحدة الآسيوية أو العربية، ثم على مستوى الدول كلها، القانون الدولي أليس هذا حاصل؟. هناك حتى قوانين دولية تنظم شؤون الدول كدول.. ألسنا نشهد على أنفسنا أننا بحاجة إلى هذا الجانب، وأن هذا الجانب، هو الجانب المهم الذي تستقيم به الحياة في كل مجالاتها؟.
إذاً فنحن شهدنا على أنفسنا بما يريد الله منا أن نعترف به له، فلماذا ننكره إذا كان من جانب الله ونراه ضرورياً إذا ما كان من جانبنا؟ الله الذي يدبر الشؤون لمخلوقاته الواسعة على هذا النحو الواسع: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ}(السجدة: من الآية5) نتنكر له أن يدبر شأننا، هذا الذي نرى أنه ضروري.
هذه من الشواهد، تشهد على الإنسان مواقفه في الحياة، تشهد على الإنسان ما هو مسلّم به في الحياة أنه لماذا تسلم بهذا فيما يتعلق بنفسك إذا ما كان من جانبك ضروري، أن يأتي من جانب الله. لا.. تشهد على الإنسان مواقفه، تشهد على الإنسان ضرورياته التي يعترف بها في الحياة، يشهد على الإنسان لسانه، يشهد عليه جلده، تشهد عليه أيديه وأرجله، وما أكثر الشواهد.
ألم يتضح لنا هذا الموضوع الآن؟ أننا وضعنا أنفسنا بديلاً عن الله في الجانب المهم، وأننا كفرنا بالله أن يدبر شأننا هو، وتدبير شأننا هو المهم في الحياة كلها؛ لأن شأن الإنسان هو الذي إذا استقام فاستقام الإنسان ستستقيم الحياة كلها.
لو أن المسألة بالنسبة لنا أن نقول: لسنا بحاجة إلى تدبير شأن إطلاقاً لكانت القضية أهون.. لكننا من نشهد على أنفسنا بأننا بحاجة إلى أنظمة ودساتير ولوائح وقوانين.. إذاً فلماذا لا نرجع إلى الله، أليس الله هو أعلم بنا وأعلم بهذا الكون كله من رجال القانون؟ من القانونيين، من الاقتصاديين، من فلاسفة القانون، من فلاسفة الاقتصاد، من فلاسفة النظم السياسية؟.
أليس الله هو الذي يعلم السر في السماوات والأرض؟ وهو الذي خلقنا وبدأ خلقنا من طين كما قال هنا: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ}(السجدة: من الآية7) الذي أحسن كل شيء خلقه أليس بإمكانه أن يدبر شؤون ما خلقه على أحسن تقويم؟ بلى، بلى هو الذي يستطيع وهو وحده, وحده الذي يستطيع أن يدبر شؤون مخلوقاته بما فيها الإنسان وهو المخلوق المهم على أحسن تقويم.. وكيف لا يعرف أن يدبر شؤونك وهو الذي خلقك وبدأ خلقك من طين؟.. آدم. {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (السجدة:8).
فالذي خلقنا على هذا النحو ورأينا أنفسنا وعلمنا من خلال ما نشاهده في قضية التوالد أننا نمر بمراحل متعددة. فإذا ما استكملنا قوتنا، متى ما اتجهنا إلى الحياة.. أليس الإنسان عندما يبلغ يتجه نظره إلى الحياة كلها يريد هذا، ويريد هذا، ويبعد هذا، ويقرب هذا، ويجمع هذا، ويفرق هذا..يلتفت إلى الحياة كلها.
أفي هذه المرحلة بعد أن كنت في جميع مراحل حياتك السابقة تخضع لتدبير الله من يوم أن كنت ماء مهينا في رحم أمك فلما اشتد ساعدك وأصبحت نفسك تنظر إلى الحياة بنظرتها الواسعة وبمجالاتها الواسعة، قلت لربك هذا لا يستطيع أن يدبر شأني، لا علاقة للدين بالحياة! الدين هو دين الله، أليس كذلك؟ دين الله هو هدايته، أي لا علاقة لله بالحياة.
ولأن الإيمان بأن التدبير لشؤون الإنسان كلها، ولشؤون الحياة كلها بما فيها جانب الهداية، الدين هذا هو للحياة كلها، هو للحياة بكل شؤونها، هو لحركة الإنسان في هذه الحياة في كل مجالاتها، وعلى أوسع نطاق في كل مجال من مجالاتها، الإيمان بهذا الجانب مهم جداً.
الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
معرفة الله وعده ووعيده الدرس الثاني عشر
ألقاها_السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 4/2/2002 م |
اليمن - صعدة


