أرجو منكم التركيز والتفهم, مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت يوماً ما منطقة عامرة بالإسلام, عامرة بالحق, من على منبر المسجد كان يوجه رسول الله محمد ذلك النور الإلهي وحي الله الطري المنزل وبه يعالج قلوباً مرضى ويشفي نفوساً ويزكي نفوساً ويطهر قلوباً ويقوّم سلوكاً وعملاً, يبني هذه الأمة ويصلحها, ومن ساحة تلك المدينة كانت تتحرك ألوية الجهاد وسرايا الجهاد في سبيل الله تحت قيادة النبي من أجل الإسلام, من أجل أن يسود العدل, أن يقوم الحق, أن يزول الظلم, أن تُطهر الأرض من الفساد والجريمة, لكن في مرحلة متأخرة بعد أفاعيل وعمل ومشاريع لهدم هذه الأمة ولهدم جهود النبي في هذه الأمة, وجد الإمام الحسين نفسه غريباً في مدينة جده لا ناصر ولا مجيب, يدعو فلا مجيب له, يضطر لأن يخرج من تلك المدينة خروج موسى من مصر, وخروج رسول الله من مكة وهو يتلو قول الله تعالى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ} من مدينة جده حيث يرقد النبي المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك الثرى وفي تلك التربة وجد ابنه, حفيده, نسخته المصغرة, وريثه في الأمة, القائم مقامه وجد نفسه غريباً لا مجيب ولا ناصر, التخاذل قد ساد ذلك المجتمع, الرضا بكل شيء, القبول بكل شيء, القبول بأن يُظلموا, القبول بالفساد, القبول بالجريمة, القبول بكل شيء, مجتمع لا يوجد عنده أي ممانعة.
خرج واتجه صوب مكة وهناك على أمل اجتماع الناس في الحج وفي فريضة الحج أن يحاول سبط رسول الله وحفيد رسول الله ونسخة رسول الله المصغرة, يحاول أن يستنهض الناس هناك في مكة المكرمة أثناء فريضة الحج أو توافدهم من أجل فريضة الحج أن يستنهضهم, أن يذكر الأمة بمسؤوليتها, أن يذكر الأمة بالخطورة الكبيرة حينما سلمت زمامها وقيادها وشؤونها ودينها ودنياها لطاغية فاجر فاسق تعرف الأمة فجوره وفسقه وطغيانه ولا يمكن أن يقدم لهذه الأمة إلا ما يتحلى به وإلا ما عُرف عنه, وصل مكة والتقى بوفود الحجيج من شتى أقطار العالم الإسلامي وبصوته الحر, صوت الحرية, صوت الحق, صوت القرآن, صوت الإسلام, ذكَّر الأمة هناك, المذكّر هو الحسين معروف بمقامه في هذه الأمة برؤياه, بكلماته, بمواقفه, نتذكر الجنة حينما نعرف أنه سيد شباب أهل الجنة, يقود إلى الجنة, يسير في اتجاه الجنة, في اتجاه رضوان الله, إلى الله إلى العز إلى المجد, لكن لا مجيب, كان يقول: ((إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا تكبراً ولا ظالماً ولا مفسداً إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي))؛ لأن الأمة فعلاً كانت بحاجة إلى إصلاح, أمة فسدت وفقدت كل القيم, فقدت الضمير, فقدت المسؤولية, فقدت العز, فقدت الطهر, فقدت الصلاح, ((إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي))؛ لأنه يعرف أن مسؤوليته من بعد جده أن يسير على خطى جده وفي طريق جده محمد؛ لإصلاح أمة جده, أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر رسالة الله, المسؤولية التي تتحملها هذه الأمة, لا مجيب ولا مناصر ويضطر (صلوات الله عليه) إلى الرحيل.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة ذكرى عاشوراء
للعام الهجري 1429هـ.