مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

نرجع إلى موضوع موسى وفرعون، ما الذي حصل؟. نشأ موسى في قصر فرعون، تربى في قصر فرعون، وموسى عندما نشأ كيف كان ينظر إلى نفسه وينظر إلى الآخرين؟. - وفي هذا درس يجب أن يهتم به كل طالب علم، كل من يريد العلم - نبي الله موسى لم يقل: الحمد لله أنني هاهنا في هذا القصر آمن والآخرون يُقتلون، كان يهتم بأمر الآخرين، كان يهتم بشأن المستضعفين، كان لا يرى كل ذلك النعيم الذي هو فيه، وذلك الأمن الذي هو فيه، وذلك المقام الرفيع الذي هو فيه لا يراه شيئاً أبداً مقابل ما يرى من ظلم للمستضعفين، مقابل ما يرى من جبروت فرعون.

فعندما كان على هذا النحو، لديه اهتمام بأمر الآخرين, يهمه أمر الناس، يهمه أمر المستضعفين من عباد الله قال الله عنه: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (القصص:14) {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} هذه العبارة تعنى أنها سُنَّة إلهية، أنه يمنح الحكمة والعلم من توفرت فيه هذه الصفة فكان من المحسنين.

ما هو الإحسان؟ هل هو ما يقال: [أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك]. هذه, عبارة [تعبد الله] عبارة واسعة ومهمة، لكن الإحسان في القرآن الكريم قد تناوله القرآن في عدة مواضع كلها تبدو أنها اهتماماً بأمر الآخرين، اهتمام بأمر الدين، والدين مرتبط بالآخرين. {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (القصص:14).

حتى تعرف أنه محسن، وتعرف أن الله منحه حكمة, ومنحه علماً, لاحظ كيف أنه عندما رأى رجلين يقتتلان واحد من الفئة المستضعفة في المجتمع وواحد من الفئة المستكبرة، هاجم هو ذلك القِبْطِي الذي هو من الفئة المستكبرة من الفراعنة {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ}(القصص: من الآية15). ثم هل ندم على ما صنع؟ باعتبار أنه أضر بمصالحه، وأنه عرض نفسه للخطر، وأنه.. وأنه.. ما الذي حصل لديه؟. قال فيما بعد - عندما رأى نفسه أنه اتخذ موقفا هو الذي ينبغي لمثله أن يتخذه، أنه وقف موقف حق - عدّها نعمة كبرى من نعم الله عليه: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ} (القصص:17).

موقف عظيم، ليس موقف من يبحث عن المبررات، عن التبريرات الشرعية، عن حِيَل شرعية، عن وجه شرعي للقعود للجلوس، للسكوت عما يرى، لإغماض عينيه عما يناله الآخرون من الظلم والاضطهاد. لا.. ولم يندم على ما صنع بل عدّها نعمة كبرى عليه من الله أن اهتدى إلى أن يتخذ مواقف، مواقف حق {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ}. أصبح ولياً من أولياء الله، وهو قبل النبوة، قال هذه العبارة قبل النبوة. متى جاءته النبوة؟ عندما عاد من الشام وهو في طريقه إلى مصر جاءته النبوة.

{رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ} عندما اتجه بعد أن أخبره أولئك الناصحون له أن يخرج من المدينة خرج وهو غير نادم أيضاً على أنه اقترف عملاً أدى به إلى أن يُفوت نعمة كبرى عليه، وإلى أن يؤدي به الحال إلى أن يخرج من المدينة، خرج منها وكله شوق إلى الله، وكله حب لله، وكله ثقة بالله سبحانه وتعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} (القصص:22).

ولأنه يحمل النفس الكبيرة، يهتم بالآخرين، ذكر الله عنه تلك القصة في الطريق {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ}(القصص: من الآية23) أهمه أمر المرأتين يسأل لماذا؟. لماذا هن وأغنامهن بمعزل عن الآخرين؟. لم يقف هناك ويقول: أنا تاعب لا أستطيع أن أعمل شيئاً، أو لا يتساءل عن حالة تلك الفتاتين، بل اهتم بالأمر وانطلق ليسألهما عن لماذا؟ {قَالَ مَا خَطْبُكُمَا}(القصص: من الآية23)؟!.

هذا شأن من يهتم هو أن يسأل، من يهمه أمر الآخرين.. بعكس ما نحن عليه، نحن لا نسأل بل نحن لا نكاد أن نفهم, لا نكاد أن نعي من يذكرنا بأمر الآخرين، أما موسى فإنه من سأل، وهو تاعب {مَا خَطْبُكُمَا}؟. {قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}(القصص: من الآية23) نحن لا نزاحم مع الآخرين، وليس هناك من يقوم بهذا العمل غيرنا.

 

لم يقل: [إذاً امسكن طابور حتى يخرجوا، أنا تاعب والله سأرتاح لا أستطيع أن أعمل لكم شيء، امسكن طابور حتى ينتهي الرعاة من سقي مواشيهم ثم..]. ذهب هو ليسقي لهما؛ لأنه يحمل روحاً كبيرة. (محسن، محسن) هذه العبارة المهمة.

والإحسان دائرة واسعة، يدخل ضمنها الإيثار على النفس حتى أنه في مجال النكتة عندما تحدثنا عن هذا الموضوع قلنا لبعض الشباب ونحن نتحدث معهم: لاحظ متى ما وجدت عندما تقدم المائدة لطلاب علم تقدم لهم لحم مثلا تجد هناك من يحاول أن يَقْضِم أكثر، يضعه في يده ويلتهمه فإن هذا لا يصلح أن يحمل علماً، بل هذا لا يحصل على علم، ليس محسناً، يهمه أمر نفسه فقط، يهمه أمر نفسه! هذا ليس محسناً، المحسن يهتم بالآخرين حتى في أبسط الأشياء.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

من ملزمة مسؤولية طلاب العلوم الدينية

ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي

بتاريخ 09/03/2002

اليمن- صعدة


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر