بالرغم من التحريف الذي قام به اليهود على مدى التاريخ، تحريف مستمر في كل جيل، وما قاموا به من طمسٍ للحقائق، إلَّا أنَّ الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" كشف مخططهم في القرآن الكريم، ثم يتجلَّى في واقعهم، فيما قدَّموه كتحريف، وفي ممارساتهم الإجرامية، ما يشهد للحقيقة التي قدَّمها الله وبيَّنها في القرآن الكريم.
يقول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم في (سورة الإسراء(، بعد أن ذكر أنه أسرى بالنبي "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ" إلى المسجد الأقصى، قال الله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا}[الإسراء:4-8].
يبيِّن الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في هذه الآيات المباركة، عن بني إسرائيل فيما أخبرهم به في الكتاب، حتى في التوراة، أخبرهم به في التوراة، ومن غير المستبعد أن يكون أيضاً ورد في الإنجيل الضائع، إنجيل عيسى "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، الذي أنزله الله على نبيه عيسى "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، ثم ذكر الله هذه الحقيقة أيضاً في القرآن الكريم، فالله أخبرهم أنه سيكون لهم دور، لكنه دور سلبي، سيء، ليس دوراً مُقَدَّساً كما يصوِّرونه، وأنه مدعومٌ إلهياً؛ باعتباره مشروعاً لخير المجتمع البشري، وباعتبارهم جديرين بهذا الدور، الذي يجعلهم فوق المجتمعات البشرية بكلها، هو أولاً دورٌ سيءٌ للغاية، عنوانه الإفساد في الأرض، الإفساد الواسع، الإفساد الشامل، في وضعٍ يتمكنون فيه من سيطرة، ويستغلونها لهذا الدور: ليكونوا مفسدين في الأرض فساداً شاملاً، في كل المجالات: إفساد لمعتقدات الناس، إفساد لأخلاقهم، إفساد في كل مجالات حياتهم: في المجال السياسي، في المجال الاقتصادي، في الجانب الاجتماعي... في كل شؤون الحياة، فساد شامل، وفساد عام، {لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ}[الإسراء:4]، ومع الفساد عنوان آخر هو العلو، هو الاستكبار، الاستكبار، والظلم، والطغيان، الذي يمارسونه ضد غيرهم من المجتمعات البشرية؛ فهو ليس دوراً مقدَّساً، ولا دوراً إيجابياً، ولا دوراً مدعوماً من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، يمثِّل الإرادة الإلهية لخير المجتمع البشري؛ بل هو دورٌ في غاية السوء والخطورة على المجتمعات البشرية، وله أسبابه، له أسبابه السيئة في واقع الناس حتى يتمكَّنون من أن يكون لهم هذا النفوذ الذي يساعدهم لتحقيق هذا الدور السيء جدًّا.
مع اختلاف المفسِّرين حول مسألة المرَّتين، {لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ}[الإسراء:4]، هل قد مضت المرتان؟ أو مرَّة وبقي مرَّة أخرى؟ إلَّا أنهم يدركون أنَّ قول الله تعالى: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا}[الإسراء:8]، تبيِّن أنها سُنَّة من سنن الله تعالى معهم، أنه كلما عادوا لفسادهم من موقع النفوذ، من موقع التأثير، من موقع السيطرة؛ فإنَّ الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" لن يترك لهم المجال، لابدَّ أن يضربهم، لابدَّ أن يؤخذهم، بل أكثر من ذلك: الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" قال في القرآن الكريم: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}[الأعراف:167]؛ لأن الله يعلم شرَّهم، وسوأهم، وخبثهم، وعدوانيتهم، وإجرامهم، ووحشيتهم، وما يشكِّلونه من خطرٍ على بقية المجتمعات البشرية؛ ولـذلك فالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" ليس بغافلٍ عنهم، ولا عن إجرامهم.
فهذه هي الحقيقة، ليست الحقيقة كما صوَّروها ويرسِّخونها في أوساط المجتمعات الغربية، ويثقِّفون بها تثقيفاً وتعليماً في المجتمعات الغربية، للنظر إليهم على أنهم- كما يقولون- يمثلون الإرادة الإلهية، ولخير المجتمع البشري، وأنهم يتحرَّكون في إطار مشروع إلهي، مدعوم من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، المشكلة قد يكون لها وجه آخر فيما يتعلَّق بأُمَّتنا الإسلامية، هو جانب التسليط؛ لتفريط هذه الأُمَّة كأمة بشكلٍ عام في مسؤولياتها الكبرى، وهذا ما سنتحدث عنه في مقام آخر إن شاء الله.
ولـذ [الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي
حول آخر التطورات والمستجدات الأسبوعية
الخميس: 27 صفر 1447هـ 21 اغسطس 2025م