إن من يتأمل واقع أمتنا الإسلامية، واقع شعوب أمتنا الإسلامية فإن أكثر ما أذلها وما أهانها وما هيأها لأن تكون تحت هيمنة الأعداء وخاضعة لهم ومستسلمة لإرادتهم، أغلب وأكثر وأهم عامل أثر هذا التأثير هو فعلاً حالة الخوف، حالة الخوف التي تبعث على الاستسلام، وتبعث على اليأس وعلى القنوط من رحمة الله، والقنوط من نصر الله، واليأس من أن يتدخّل الله لصالح عباده المستضعفين، وهذه الحالة العامة في مجتمعنا الإسلامي لها هذا الدواء.
إن بإمكان مجتمعاتنا الإسلامية ومن خلال التثقف بثقافة القرآن الكريم، ومن خلال التربية الإيمانية، بإمكانها أن تصبح أمة لا تخاف إلا الله، أمة تعتبر القتل في سبيل الله شهادة، وتعتبر الشهادة كرامة، وتعتبر الشهادة في سبيل الله عزةً وخيرًا وفضلاً وأجرًا عظيمًا وشرفًا كبيرًا، هذا هو ما يخشاه الأعداء؛ ولهذا يغيِّبون عن أمتنا الإسلامية - سواءً في وسائل الإعلام أو عبر المدارس أو عبر الجامعات أو عبر الخطاب الديني في المساجد وغيرها - يُغيِّبون هذا الجانب بشكل كبير؛ لأنهم لا يريدون لأُمتنا أن تكون على هذا النحو، أمة تحطم قيود هذه المؤامرة، قيود حالة الخوف، تكسر أغلال الخوف الذي يكبلها ويجعلها مستسلمة وخانعة وخاضعة.
يجب أن نُذكِّر أنفسنا، نُذكِّر أُمتنا من حولنا بأهمية هذه الثقافة، بحاجة أُمتنا في هذا العصر إلى هذه الثقافة، ثقافة الجهاد والاستشهاد، وأن تكون النظرة إلى الشهادة في سبيل الله هي النظرة الحقيقة، النظرة التي قدمها القرآن الكريم، وبذلك لا يبقى هناك شيء يخيف الأمة، لا يبقى هناك بيد العدو وسيلة للهيمنة على المجتمع، للهيمنة على الناس، لإذلال الناس؛ لأنه فقد وسيلة من أهم وسائل السيطرة والتحكم وهي: سلاح التخويف.
الذي يُحبُّ الشهادة في سبيل الله، ويرغب بالشهادة في سبيل الله، والشهادة في سبيل الله بالنسبة له أُمنية يتمنى أن تكون هي عاقبته، وأن تكون هي خِتام حياته، أي شيء يمكن أن يخيفه من وسائل جبروت الأعداء، من وسائل الخوف، هل يبقى بأيديهم شيء يخيفونه به؟ كلاَّ.
وإذا تجاوزت أُمتنا هذه الحالة، حالة الخوف، حالة الرعب، وفشلت أمامها كل محاولات الأعداء، كل الوسائل، كل الأساليب التي تزرع هذه الحالة، وتخلق هذه الحالة فإن أمتنا ستتحرر حتمًا من هيمنة الأعداء.
(من كلمة للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في الذكرى السنوية للشهيد 1432هـ)