شعفل علي عمير
عندما نتناول موضوع التطبيع، يتضح لنا أن المطبّعين مع كَيان الاحتلال الصهيوني هم -بطبيعة الحال- في حلفٍ وثيقٍ مع "الشيطان الأكبر" أمريكا؛ فهي الدولة التي أساء أحد مرشَّحيها للقرآن الكريم، في مشهد يعكس مدى انحدار القيم حين تُستخدم التجاوزات على مقدسات المسلمين كوسيلة للدعاية الانتخابية.
هنا، يبرز الارتباطُ العضوي بين الإدارات الأمريكية وكَيان الاحتلال الصهيوني؛ حَيثُ يُقاس نجاح المرشح السياسي بمقدار عدائه للإسلام؛ مما يؤكّـد أن من يوالي أمريكا هو بالضرورة موالٍ للعدو الصهيوني.
تعد قضية "الموالاة والمعادَاة" من المحاور الجوهرية التي تشغل ضمير الشعوب العربية والإسلامية؛ فهي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمقدسات والمعتقدات الراسخة، وخَاصَّة في المسائل ذات الأبعاد السياسية والدينية.
وفي هذا الجانب، تصبح قضية التطبيع بؤرة للجدل والنقاش، ليس فقط على مستوى الأنظمة، بل وبين فئات المجتمع بمختلف توجّـهاتها.
إن تناول مسألة التطبيع يستوجبُ توسيع المدارك لتتجاوز الدوائر الرسمية المعلَنة؛ فالتطبيع لا يقتصر على تبادل السفارات، بل هو "سلوك ومواقف" قد تتجلى أَو تبقى كامنة تحت السطح.
وهنا تظهر السعوديّة كحالة بارزة لدولة لم تعلن رسميًّا عن التطبيع، رغم وجود مؤشرات على علاقات نشطة مع كَيان الاحتلال تشمل التعاون في مجالات متنوعة، ومعادَاة كُـلّ من يعادي هذا كيان الاحتلال الغاصب.
هذا التقارب يستدعي إعادة تفكير عميقة في مفهوم الموالاة والمعادَاة: هل يمكن اعتبار العلاقات السياسية والاقتصادية مع أمريكا والكيان أكثر قداسة من القرآن الكريم؟ وهل هي أهم من الالتزام بالمبادئ الدينية والخلفيات التاريخية للصراع؟ هذا التساؤل يتردّد بقوة في ظل التجاهل الواضح من بعض الحكومات للإساءَات، بعكس دول أُخرى -وفي مقدمتها اليمن- التي خرجت جماهيرها بالملايين في احتجاجات شعبيّة واسعة ضد الانتهاكات المتكرّرة للمقدسات، بما في ذلك الإساءَات الصادرة عن المرشح الأمريكي.
إن هذه الاحتجاجات تعبر عن جوهر الروح الإسلامية التي ترفض التطبيع بغض النظر عن الاعتبارات السياسية، وهي تطرح سؤالًا وجوديًا: هل نواصل اتِّخاذ مواقف تتعارض مع هُــويتنا الأَسَاسية لمُجَـرّد تعزيز مصالح اقتصادية أَو سياسية زائلة؟
إن المسألة تتجاوز الدبلوماسية لتطرح تساؤلات حول المبادئ التي تقوم عليها قرارات الدول.
ما الذي يجعل دعم القضايا الدينية والوطنية أقل أهميّة من المعاملات السياسية مع دول تنتهك الحقوق الأَسَاسية لمقدساتنا؟
إن مسألة الموالاة والمعادَاة ينبغي أن تكون جزءًا من نقاش أعمق حول الهُــوية والقيم في عالم متغير؛ فإذا كان الهدف الأسمى هو الحفاظ على الوحدة والهُــوية، فقد يكون من الأجدر إعادة النظر في سياساتنا وعلاقاتنا بناءً على هذه القيم الجوهرية لا على حسابها.






.jpg)
.jpg)