تأملوا في هذه - مما يدلنا على غرابة موقفنا من الله سبحانه وتعالى - نحن جميعًا بني البشر مسلمين بأن التدبير هو لله، لكن نريد منه فقط أن يدبر شؤون المخلوقات من حولنا، أما شأننا نحن وهو الشأن الواسع، شأن جانب الهداية، رسم المنهجية في الحياة، الخطة التي نسير عليها في حياتنا، فنحن نتهرب من الله ولا نتركه هو أن يكون هو الذي يختص بوضعها لنا.. أليس الناس هم من ينطلقون الآن ليصيغوا الدساتير والقوانين لأنفسهم ويصيغوا التشريعات لأنفسهم؟ هم يريدون أن يتولوا هذا الجانب هم، وهذا هو الجانب المهم، هذا هو الجانب الأكبر.
كيف تنظر إلى الله هذه النظرة الغريبة.. تريد منه أن يدبر شؤون المخلوقات من حولك ثم لا يتدخل في شؤونك كما يقال الآن: [الدين لا علاقة له بالحياة] أليس هذا ما يقال؟ علماء الدين لا علاقة لهم بالحياة.. لا علاقة لهم بشؤون الأمة.. لا علاقة لهم بحكم الأمة.. أليس هذا هو إبعاد للدين، إبعاد لهداية الله، إبعاد لله عن أن يتولى شؤون الإنسان؟ كيف لا يتولى شأنك وأنت أنت المخلوق في هذه الدنيا الذي إذا استقمت ستستقيم الحياة كلها، وإذا فسدت ستفسد الحياة كلها {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي} من؟ البقر، أو الحمير، أو الطيور، أو مَن؟ مَن مِن المخلوقات هذه الكثيرة جدًا في هذا العالم الذي ظهر الفساد في البر والبحر على يده؟ إنهم الناس {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} (الروم: من الآية41).
إذًا فاعلم بأنك أنت المخلوق الذي لا بد من أن تسلم كل شؤونك لإلهك ليدبرها هو. أم أنك ترى نفسك أكبر من خلق السماوات والأرض! {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} (غافر: من الآية57) إذا كان الله هو الذي يدبر شؤون السماوات والأرض وهي أكبر من خلقك، ثم هي كلها مسخرة لك، كل ما فيها، ثم استقامتها، أو فسادها مرتبط بك، فإنك من يجب أن يتوجه التدبير الرئيسي إليه، وأن يتوجه التدبير على أوسع نطاق إليه، لتهتدي، لتستقيم، فإذا ما استقمت ستستقيم الحياة كلها، حياتك أنت وحياة المخلوقات كلها من حولك، سينطلق كل شيء من حولك يؤدي مهمته على النحو الذي رسم له.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
مديح القرآن- الدرس الرابع
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ 31/5/2003م
اليمن - صعدة