الذين يرون بأن الأوضاع قد أطبقت، والناس لم يعودوا بالشكل الذي يمكن أن يؤثر فيهم كلام، أو يحركهم كلام، لينطلقوا في نصر الحق, ومقاومة الباطل وإزهاقه, فليسلكوا طريقة زين العابدين, الإمام علي بن الحسين, اجمع ولو خمسة من الطلاب تختارهم ثم علمهم، قدم لهم الدين كاملا، ابعث في نفوسهم الأمل، علمهم الأمل الذي يبعثه القرآن الكريم، لا تسمح بأن يكونوا عبارة عن نسخ للواقع الذي أنت فيه، لا تسمح أن تمتد هزيمتك النفسية إليهم، إلى أنفسهم، حاول دائما أن تعلمهم كيف يكونون رجالا, كيف يكونون جنداً لله, كيف يكونون من أنصار الله, كيف يعملون في سبيل الله لإعلاء كلمته ورفع رايته.
الكثير ممن يعلّمون لا ينطلقون هذا المنطلق, إما لأنه قد يرى أن بعض تلاميذه ليسوا ممن يثق بأن يكلمهم بكل شيء، إذاً فاختر لك تلاميذ خاصين، تلاميذ تختارهم ممن نفسياتهم قوية, ممن هم مؤهلون لحمل العلم، ممن هم مؤهلون لأن ينطلقوا للعمل في سبيل الله، فعلّمهم، وإن لم يكونوا إلا ثلاثة أشخاص، وإن لم يكن إلا شخصا واحداً.
لا يجوز أن نمشي في حياتنا هكذا جيلا بعد جيل، ومساجدنا تكتظ بحلقات العلم، وكثير من منازل علمائنا أيضا تقام فيها حلقات العلم لكنها في معظمها حلقات باردة, لا تصنع أكثر من امتداد للواقع المظلم، وامتداد للهزيمة النفسية، نتوارثها جيلا بعد جيل، يتلقاها التلميذ من أستاذه، وعندما يصبح هذا التلميذ أستاذاً أيضا يحملها للآخرين ويلقنها للآخرين، ندرس فنوناً معينة, لا نتحدث بجدية عن مختلف المواضيع المهمة، حتى أصبح الواقع هو نسيان, هو نسيان ما يجب أن يتحرك الناس فيه.
وكلنا نعرف ذلك الظرف القاهر الذي كان يعيشه زين العابدين (صلوات الله عليه)، لكن ننظر ماذا عمل زين العابدين، بنى زيداً, وبنى الكثير من الرجال، الذين انطلقوا فيما بعد حركة زيدية جهادية جيلا بعد جيل على امتداد مئات السنين.
هو نفسه كان يقول: ((اللهم بلغ بإيماني أكمل الإيمان)) وقد يكون في واقعه ليس ممن رضي لنفسه تلك الحالة التي كان عليها، لكن ذلك هو أقصى ما يمكن أن يعمله، لا يستطيع أن يخرج هو فيعلن الدعوة إلى إعلاء كلمة الله ونصر دين الله، ليس لضعفه هو, أو لعدم كماله, وإنما رأى الناس من حوله كلهم مهزومين، كلهم مقهورين, فمن الذي يستطيع أن يحركهم؟.
وهذه أحيانا تحصل، تحدث وضعيات كهذه، لكنها وضعيات هي نتيجة تقصير من قبل الناس أنفسهم يوم تخاذلوا مع علي (عليه السلام) كانت نتيجة تخاذلهم قوة للباطل في جانب بني أمية، جعلت مواجهتهم لذلك الباطل في أيام الإمام الحسن صعبة جداً، تخاذلوا معه أيضاً, جعلت المواجهة في أيام الإمام الحسين أكثر صعوبة أيضا، وصل الحال إلى أن يصبح واقع الأمة في عصر زين العابدين هو الانكسار، الهزيمة المطلقة، هي الظروف الصعبة, هي الحالات السيئة التي يصنعها تخاذل الناس.
[[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة في ظلال دعاء مكارم الأخلاق الدرس الأول
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 1/2/2002م
اليمن – صعدة