ولاحظوا، مثل هذه النصوص القرآنية يجب أن تصنع وعيًا كبيرًا وعاليًا في واقع الأمة تجاه خطورة هذه المسألة؛ لأنه– للأسف الشديد- مسائل في غاية الأهمية، وأحيانًا في منتهى الخطورة، ونظرة الناس إليها نظرة عادية، استبساط، هذا الاستبساط هو الذي يساعد على نجاح مثل هذه الأمور، نجاح كبير للمفترين الكذب على الله -سبحانه وتعالى- فيما يأتي القرآن ليصنِّفهم في أنَّهم في مصاف وفي مستوى الأظلم: أظلم الناس للناس، وأظلم البشر للبشر، هذه الفئة من الناس- كما قلنا- هم مجموعة من علماء السوء، ومن يحذو حذوهم، توابعهم ولواحقهم من: مثقفين، وخطباء، ومرشدين… ممن يتجهون اتجاههم؛ لأن هناك العلماء الربانيين، وهناك- أيضًا– شخصيات في هذا الاتجاه تسير في الاتجاه السليم والصحيح، وهناك |لا|، من يتجهون هذا الاتجاه الذي هو اتجاه ظالم للناس، ظالم، وظلم خطير جدًّا، عليه هذا الوعيد الإلهي.
ولاحظوا، اليوم من المعروف في واقع الأمة لدى نخبها: العلمائية، والثقافية، و…إلخ. من المعروف جدًّا أنَّ هناك نسبة كبيرة من المرويات المحسوبة على رسول الله، وهي مكذوبة، هذا أمر معترف به إجمالًا، إجمالًا معترف به بين الأمة بكلها، هناك جملة كبيرة من المرويات المزورة والمكذوبة على رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- هناك نسبة كبيرة مما قدِّم إلى الأمة باسم تفسير لنصوص قرآنية، أو تقديم لمفاهيم، أو عقائد، أو ثقافات، أو تشريعات، أو أحكام… إلخ. يصنَّف على أنَّه مفترى، على أنَّه باطل، على أنَّه غير صحيح، لا يعبِّر عن حقيقة الدين، وإنما قدِّم بطريقة خاطئة، ويمثِّل مشكلة كبيرة؛ لأن هناك من يأخذ به على أنَّه من الدين، وشملت هذه المسألة الخطيرة كل المواضيع المهمة والرئيسية، ومختلف المواضيع، بدءًا من التحريف للعقائد، وردت عقائد مختلة بشكل كبير جدًّا، فُسِّرت لها نصوص قرآنية في غير محلها، وهذا شكل من أشكال التحريف: التفسير للقرآن بطريقة مغلوطة، وتقديم النص القرآني على غير مصاديقه، وكذلك أفتري فيها نصوص أخرى، وكُذِبَ على رسول الله فيها، وتضمنت هذه المشكلة الكبيرة جدًّا الإساءة إلى الله -سبحانه وتعالى- ما يتعلق بمعرفة الله، وردت هناك عقائد فيها تشبيه لله بخلقه، فيها التجسيم، فيها كل أشكال الإساءة إلى الله -سبحانه وتعالى- يعني: الإساءة إلى قدسيته، إلى جلاله، إلى كماله… والمساس بالعقيدة الإسلامية الصحيحة في هذا الجانب، أضف إلى ذلك وردت عقيدة الجَبر، وردت- كذلك– تفسيرات خاطئة لمفهوم القضاء والقدر، تفسيرات تضمنت إساءة فظيعة إلى الله -سبحانه وتعالى-.
ثم نأتي إلى موضوع الأنبياء، إلى الكلام فيما يتعلق بالقرآن الكريم والكتب الإلهية، إلى الكلام عن مختلف المواضيع الرئيسية، كم وردت من روايات، ومن نصوص، من كتابات، من أقوال، من… إلخ. تسيء إساءة كبيرة: إساءة إلى الله، إساءة إلى أنبيائه، إساءة إلى كتابه، إساءة إلى دينه في كل تفاصيله، أمر فظيع جدًّا، وباتت الأمة متَّفقة على أنَّ هناك دسًا كبيرًا في تراثها، في المرويات، وفي كثيرٍ من الأفكار والعقائد، يسمونه (بالإسرائيليات)، وصلت المسألة إلى هذا المستوى، يعني: دس من بني إسرائيل إلى روايات، إلى تفسيرات، إلى أقوال، إلى عقائد، إلى أفكار؛ تصبح- في نهاية المطاف- ضمن التراث الذي تعتمد عليه الأمة في مختلف مذاهبها، أو بعض مدارسها.
فإذًا، المسألة هذه مسألة خطيرة جدًّا، واشتغل عليها بنو أمية بشكل كبير، وحرَّفوا كثيرًا من المفاهيم، وقدَّموا مفاهيم بديلة على أنَّها تعبِّر عن الإسلام، وأخذ بها كثيرٌ من أبناء الأمة، وتربت عليها أجيال؛ فكانت للمسألة آثار سلبية ومدمِّرة جدًّا، وقدِّمت- حتى- تشريعات معينة باسم أنَّها من شرع الله، وهي تسوِّغ لهم ما يفعلونه في الناس، وتسوِّغ للناس أن يذعنوا لهم، بالرغم من كل ما يفعلونه، وأن يطيعوهم فيما هم عليه من: إفساد، وظلم، وجور، وطغيان، وإجرام.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
محاضرة السيد الرابعة بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام للعام 1440هـ-