[سورة عبس] من تأملها سيدرك الخطورة البالغة، ألم تأت آيات عتابًا للنبي (صلوات الله عليه وعلى آله)؛ لأنه بحرصه على الهداية وبحرصه على أن يسلم أكبر عدد ممكن من الناس ليهتدوا ليس ليضمهم إلى مقامه أنه يريد أن يتزعم أو أن هذا هو همه، إنما لينجوا من عذاب الله، ليهتدوا بهذا الدين العظيم فيسعدون في الدنيا والآخرة، حريص على الأمة.
عندما اجتمع مع ملأ من أولئك وتوجه إليهم بكل مشاعره حريص على أن يسلموا، جاء ذلك الأعمى، فكأنه رأى أنه جاء في غير الوقت المناسب، قطع الموضوع، فكأنه حصل لديه نوع ما من التقزز والاستياء أنه جاء في غير الوقت المناسب قطع عليه حديثه، وجعل أولئك يأنفون من مجيئه، وينفرون من أن يروا هذا الأعمى عنده، تأتي هذه الآيات: {عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى} (عبس1 - 5).
لأن المهم هو: أن تجد الرجل الذي تنفعه الذكرى، هذا هو المهم. هنا: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}.
فليكن عملك في هذا الوسط مع هذه النوعية، ولو شخصا واحدا، سيكون مكسبا كبيرًا من هذه النوعية. {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى كَلَّا} (عبس: 5 - 11) كلا: إنزجر عن هذا الأسلوب، وهو من قال الله له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4) وهو من انطلق بحرصه الشديد على هداية الناس؛ لأن الخطورة بالغة.
هؤلاء الذين يرون أنفسهم إذا ما دخلوا دخلوا من فوق، وبشروط وإملاءات، هم من سيكونون عقبة دائمة في ميدان العمل، هم من سيجعلونك تصنف كلامك مع الناس، كما نجده لدى الكثير، فخطاب مع الكبار يقدم نسبة من الدين فقط إليهم التي لا تثير مشاعرهم، ويتخاطب مع عامة الناس خطابا شديدًا ولهجة قاسية، فينطلق على المنبر يخاطب أولئك المساكين بلهجة قاسية فيحذرهم من جهنم وكلام من هذا، ويخاطب أولئك الكبار الذين قد حرص على أن يضمهم إلى جانبه - كما يتصور - خطابًا لطيفا رقيقا لا يثير مشاعرهم، فسيكون خطابك للناس منوعا ومشكلا، والدين هو واحد، وليكن منطقه واحدا أمام الناس جميعا.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
سلسلة دروس معرفة الله – الدرس الثالث عشر
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 5/2/2002م
اليمن – صعدة