{وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ}، عملية التمحيص: عملية تنقية من الشوائب، حتى في واقع المؤمنين من خلال ما يعانونه في نهوضهم بالمسؤولية، يدفعهم ذلك إلى أن يصلحوا وضعهم أكثر، يهذبوا أنفسهم أكثر، يتداركوا أخطاءهم أكثر، يتجهوا في صبرهم والتجائهم إلى الله -سبحانه وتعالى- وإقبالهم إلى الله، ومعاناتهم في سبيل الله، إلى أن يصلحوا، ويتخلصوا من كثير من الشوائب، والمؤمن– كما في الحديث عن رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- كسبيكة الذهب كلما أوقدت عليها النار ازدادت خلاصًا ونقاءً، في معنى الحديث ومضمونه، المؤمن كذلك: الشدائد، المحن، الآلام، الأوجاع، النكبات والمآسي والأحزان تنقيه أكثر، تدفعه إلى الالتجاء إلى الله أكثر، تدفعه إلى أن يتدارك واقعه، أن يحاسب نفسه، أن يقيم عمله، أن يصلح في نفسه وفي عمله وفي سلوكه، وأن يتدارك في واقعه وقصوره أكثر وأكثر. فعملية التمحيص تجعل للأحداث أثرًا إيجابيًا في نفسية الإنسان المؤمن، وفي واقعه وأدائه العملي، حتى في تقييم أدائه في نفس نهوضه بالمسؤولية، أدائه الجهادي، أدائه في العمل في أي مجال من مجالات المسؤولية.
ثم يقول الله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ}، يشتوا الجنة، المصلون يشتوا الجنة، والصائمون قالوا: [نصوم لندخل الجنة]، يمكن ندخل الجنة بتلك الأعمال المحدودة البسيطة، التي نعملها بكل بساطة في هذه الحياة، بل يمكن أن التعود عليها؛ حتى تصبح أعمالًا اعتيادية جدًّا، لا يعبِّر أداؤنا لها عن دافع إيماني، يمكن هذا أن لا يعبِّر عن دافع إيماني، ولا يعني ذلك أن يتركها الإنسان؛ لأنه لم يصل إلى أن يعبِّر بدافع إيماني. |لا|، مطلوب من الإنسان الاستمرار عليها، ولابدَّ منها، وهي أركان للإسلام يقوم عليها، الخطأ هو في فصلها عن الجوانب الأخرى، الخطأ هو في تجزئة وتقطيع أوصال هذا الدين، وأن يؤمن الإنسان ببعض ويكفر بالبعض الآخر: إما كفرًا عمليًا بالرفض لذلك الجانب العملي وتعطيله، وإما جحودًا بالتنكر له وإنكاره.
يقول الله -سبحانه وتعالى-: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)}، الجنة لابدَّ فيها من الجهاد والصبر؛ لأن هذا يدلل على مصداقية الإنسان في إيمانه بتلك المبادئ الإيمانية، أنت تقول: [أنا مؤمن]، طيب هل المسألة مجرد كلمة تقولها؟ |لا|، ائتِ إلى أوصاف المؤمنين في القرآن الكريم، ائتِ إلى المبادئ التي تقدم على أساس أنك تؤمن بها، تلك المبادئ، تلك القيم، تلك التشريعات، تلك التوجيهات، تلك الأوامر، تلك النواهي… ما مدى التزامك بها، إيمانك بها قناعة والتزام، أين هو الالتزام؟ الالتزام يجليه بالفعل، عندما تواجه خطرًا، أو تحديات، أو تؤثر تلك القيم والمبادئ على اعتبارات ومصالح هي رغبات للنفس وهوى للنفس، {وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
محاضرة السيد الثانية بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام للعام 1440هـ-