الحسين عليه السلام هو معلم من معالم الحق وأعلام الهدى، وحين قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيه وفي أخيه الحسن: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما) وحين قال صلى الله عليه واله وسلم: (حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الأسباط ) فليس ذلك مجرد ثناء وإنما يقدمه إلى أمته امتدادا لهديه وتأكيدا على الدور المهم له عليه السلام في مرحلة من أخطر المراحل التي مرت بها الأمة ، المرحلة التي وصل فيها يزيد بكل ما هو عليه من طغيان وفسق وفجور واستهتار بالإسلام ونبي الاسلام وقيم الاسلام وصل إلى سدة الحكم ليكون خليفة للمسلمين وحاكمهم والمتحكم فيهم بما يترتب على ذلك من طمس لمعالم الاسلام كما قال سيدنا الحسين عليه السلام قال: (وعلى الإسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد) فتحرك الحسين عليه السلام ونهض نهضته التي امتدت بأثارها المباركة في أجيال الأمة حرية وعزا وإباء ، وحفظت للإسلام خلوده وللحق بقاءه وللهدى امتداده وأرست دعائم الحق المحمدي القرآني الأصيل الذي لا يقبل بالإذعان والاستسلام للطغاة الجائرين والمستكبرين، وقال عليه السلام عن حركته ونهضته تلك: (ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا مفسداولا ظالما إنما خرجت للإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ) والحسين عليه السلام بموقعه في المسؤولية وريثا للهدى وقرينا للقران وبمكانه الإيماني العظيم لم يكن أبدا ليقبل بأن يفرغ الاسلام من مبادئه وقيمه ، تحرف مفاهيمه وتهان الأمة وتضام وتستعبد وتتحول ساحة المسلمين إلى ساحة لا وجود فيها للحق ، أي إسلام هذا الذي يكون واقعه وواقع أبائه فيه واقع مفرغ من الحق ؟ يسود فيها الباطل بكل امتداده في الحياة بكل ظلم وفساد ، لأن خلو الميدان من التحرك بالحق لمواجهة الباطل معناه أن تتحول إلى ساحة للشر والاشرار وتمتلئ بالظلم والضلال معناه ضياع للحق من واقع الحياة ولهذا قال الإمام الحسين عليه السلام: (ألا ترون أن الحق لا يعمل به والباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا فإني لا أرى الموت إلا سعادة ولا الحياة مع الظالمين إلا برما ) معناه ضياع للإسلام ولكل الجهود التي قدمها الأنبياء وقدمها خاتم الأنبياء رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهداية البشرية والسمو بالإنسان والسعي لتحقيق العدالة والخير والارتقاء بالحياة نحو السعادة في الدنيا والاخرة ، وبجهاد الحسين عليه السلام وتضحيته مع الخلص والصفوة من صالح الأمة القلة القليلة الوفية التي تحركت معه وبشهامته عليه السلام وبما قدمه في ملحمة عاشوراء بالقول وبالفعل خلد للأمة مبادئ الاسلام نقية وجسد أخلاق السلام وأحيا الشعور بالمسؤولية والاستعداد العالي للتضحية والوعي الراسخ والعميق بخطورة الإذعان للذل والهوان مناديا للامة بمسؤوليتها في الجور والظلم والتصدي للظالمين والمتجبرين قائلا) : أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ، فمن لا يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله )، وحين واجه التحدي باطمئنان وساوموه بين الذلة والهوان أو القتل والشهادة قال عليه السلام: بعزة الإيمان بمبادئ الإيمان بروحية الإيمان لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد ، وقال عليه السلام: ألا فإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة وبين الذلة وهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ونفوس أبية وأنوف حمية تؤثر مصارع الكرام على طاعة اللئام ،
من كلمة السيد / عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ورعاه، في ذكرى عاشوراء 1437هـ الموافق 24-10-2015م