جمال واكيم
اختارت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي تجاهل قوانينها وقواعدها ومبادئها، والمضي قدماً في تزويد الجيش والميليشيات الأوكرانية بالأسلحة، وهي بذلك تتجاهل مخاطر التداول غير المشروع للسلاح من قبل إرهابيين.
يبدو أنَّ الصراع في أوكرانيا سيكون طويلاً بسبب الدعم العسكري والمالي المستمر من الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة وأعضاء الناتو والدول الأوروبية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لنظام الرئيس فولوديمير زيلينسكي ضد روسيا.
والسبب في هذا الدعم يكمن في نية الولايات المتحدة والغرب جعل أوكرانيا قاعدة عسكرية أمامية يستهدفون من خلالها قلب روسيا من أجل تقسيم هذا البلد إلى عشرات أو مئات الدول الصغيرة، ما قد يساعدهم على السيطرة على مواردها الطبيعية الغنية. هذا الأمر يجعل هذه الحرب حرباً عالمية، ولكنها تقتصر حتى الآن على الساحة الأوكرانية.
عمليات النقل غير المشروعة للأسلحة
لقد كانت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي عديمة الضمير في متابعة أهدافها الجيوسياسية إلى حد تجاهل وتجاوز جميع قواعد ومبادئ القانون الدولي وقواعد الحدّ من التسلح والاتفاقيات الإنسانية الدولية.
من الأمثلة على انعدام الضمير من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الناتو فيما يتعلق بالوضع في أوكرانيا هو عمليات الإمداد الواسعة النطاق بالأسلحة الحديثة لهذا البلد، بما في ذلك الأنظمة الأكثر حساسية وتطوراً، ومنظومات الدفاع الجوي المحمولة "مانباد" و"إي تي أم جي"، وقاذفات الصواريخ المتعددة، وقاذفات الصواريخ المضادة للطائرات البعيدة المدى.[1]
في الوقت نفسه، تبتعد هذه الدول عن المبادئ الأساسية للرقابة الصارمة على تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية، والسلوك المسؤول عند النظر في قضايا نقلها إلى مناطق الصراع، والتي كانت هي نفسها التي تقدمت بها لاعتمادها عالمياً على مدى سنوات عديدة.
يُشار إلى أنَّ الموقف المشترك الذي يتبناه كلّ من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يحظر إصدار تراخيص لتوريد الأسلحة إذا كان ذلك يخلق مخاطر واضحة لاستخدامها في القمع الداخلي في الدولة المتلقية أو سيؤدي إلى انتهاك القانون الدولي الإنساني، لأنَّ ذلك قد يساهم في اندلاع أو تفاقم النزاعات المسلحة، إضافة إلى تنفيذ الأعمال الهجومية فيما يتعلق بالدول أو الأطراف الثالثة.[2]
انتهاك القانون الدولي
نظراً إلى أنَّ الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قررت تجاهل قوانينها وقواعدها ومبادئها، واختارت المضي قدماً في تزويد الجيش والميليشيات الأوكرانية بالأسلحة، فقد اختارت بذلك تجاهل مخاطر إعادة التصدير غير المنسقة والتداول غير المشروع للسلاح والعتاد والمعدات العسكرية (وهناك سوابق عديدة في هذا الشأن، وفقًا لليوروبول)، إضافةً إلى إهمال حالة حقوق الإنسان في البلد المتلقي وعدم استعدادها للوفاء بالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بالحد من الأسلحة بشكل عام.[3]
من المهم الإشارة إلى أنَّ المادة السابعة من المعاهدة الدولية لتجارة الأسلحة، التي دخلت حيز التنفيذ عام 2014، تطلب من كل دولة مصدّرة للأسلحة التقليدية تقييماً موضوعياً لاحتمال أن تضر المنتجات العسكرية المقدمة بالسلام والأمن في البلد الذي يصدر إليه السلاح، وخصوصاً إذا ما إذا كان يمكن استخدام هذه الأسلحة لارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات في مجال الحقوق الإنسانية الدولية، وارتكاب أعمال عنف قائمة على النوع الاجتماعي أو أعمال العنف ضد النساء والأطفال.[4]
إضافة إلى ذلك، تنص المادة 6 من المعاهدة صراحةً على أنه لا ينبغي لدولة طرف في المعاهدة أن تأذن بنقل الأسلحة التقليدية إذا كانت لديها، وقت اتخاذ القرار بمنح الإذن، معرفة موثوقة بنية استخدامها من قبل الطرف المستورد لها لارتكاب أعمال إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وهجمات على أهداف مدنية أو مدنيين، علماً أن هناك تهماً عديدة وجهت إلى الجيش والميليشيات الأوكرانية بارتكاب مثل هذه الأعمال، وهو أمر اختار الغرب تجاهله.[5]
بناءً على سنوات عديدة من الممارسة الدولية، يكون توريد معظم أنواع الأسلحة مصحوباً دائماً بتزويد البلد المتلقي للسلاح بشهادة مستخدم نهائي مناسبة، والتي يعدّ أحد شروطها الرئيسية هو عدم السماح بإعادة تصدير الأسلحة المتلقاة من دون موافقة خطية من الدولة المصدرة.[6]
هذا هو البند الَّذي يتمّ انتهاكه حالياً من قبل بلغاريا وبولندا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك وعدد من دول الناتو الأخرى بقيادة الولايات المتحدة، التي تحاول شراء أسلحة ومعدات عسكرية روسية أو سوفياتية الصنع لنظام كييف من بلدان مختلفة في العالم، بما في ذلك دول في الشرق الأوسط، مثل مصر وليبيا والعراق وغيرها.
مخاطر هذه الأفعال
يتجاهل منظمو عمليات تسليم السلاح هذه إلى أوكرانيا التهديد المتمثل بوقوع الأسلحة الحديثة العالية الدقة في أيدي المتطرفين والجماعات الراديكالية والإرهابيين والعصابات والمافيات المسلحة، ليس في أوكرانيا فحسب، ولكن في أماكن أخرى في العالم أيضاً.
في الوقت نفسه، تتجاهل العواصم الغربية بشكل صارخ عدداً من الاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى تقليل المخاطر في هذا المجال، بما في ذلك قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة 62/40 التي تدعو إلى منع النقل غير المشروع للصواريخ المضادة للطائرات والوصول غير المصرح به إليها والاستخدام غير المصرح به وفقاً للقرار المعتمد عام 2007 وعناصر مراقبة الصادرات للصواريخ المضادة للطائرات لعام 2003، المتفق عليها بموجب ترتيب واسينار بشأن ضوابط تصدير الأسلحة التقليدية والسلع ذات الاستخدام المزدوج والتكنولوجيات.[7]
إلى جانب ذلك، يسعى الحلفاء الأوروبيون الأطلسيون بكل الوسائل للحد من التعاون العسكري التقني لروسيا مع شركائها التقليديين، مثل الصين وكوريا الشمالية وإيران ودول في آسيا الوسطى. في المقابل، لم يتم تقديم أيّ شيء على الإطلاق من شأنه أن يضمن العمل بمبادئ حق الدول في الدفاع عن النفس المنصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.[8]
في الختام، فإنَّ سلوك الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي يهدد بنشر أسلحة متطورة عبر أوكرانيا إلى أجزاء مختلفة من العالم، وسقوطها في أيدي الجماعات الإرهابية، وزيادة مخاطر الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم، والتي من شأنها أن تعرّض السلام والاستقرار العالميين للخطر وتقلّص الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب.