عندما أقول: أنا طالب علم وهأنذا أقرأ مادة تهتم بمعرفة الله سبحانه وتعالى، ثم أراني في الأخير أضعف نفسية، أضعف موقفاً، أضعف اهتماماً من أولياء الشيطان! إن هذا في المقدمة هو إساءة إلى الله سبحانه وتعالى، في المقدمة إساءة إلى الله أن يبرز أولياؤه، ومن يحملون عناوين مرتبطة به: [معرفة الله]، [دين الله]، [كتاب الله]، [سنة رسول الله]، [رجاء ثواب الله]، [خوف عقاب الله]، أليست كلها عناوين ترتبط بالله في الأخير؟. ثم نجد أنفسنا لا أثر لنا في الحياة، ولا بنسبة يصح أن تُعد نسبة مقارنة بما يتركه أولياء الشيطان من أثر في الحياة!.
لماذا؟ هل لأن الله سبحانه وتعالى الذي نرتبط به بعناوين كهذه هو من لا يمكن لأوليائه أن يكونوا هم الأعلون، أن يكونوا هم الأعزاء، أن يكونوا هم الواعين، أن يكونوا هم الأقوياء، فأنت ارتبطت بضعيف، وارتبطت بمن لا يعرف كيف يوجهك، ارتبطت بمن لا يعرف كيف يهديك! أم أن كل الخلل من عندنا نحن؟.
لا يصح أن يقال في الله سبحانه وتعالى، وهو من وصف نفسه سبحانه وتعالى بأنه: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (الحشر:23) هذه أسماء الله الحسنى وصف بها ذاته سبحانه وتعالى.
وكيف وصف الشيطان؟ كيف الشيطان؟. مذموم، مدحور، مطرود، ملعون، ضعيف، {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} (النساء:76)، لكن لماذا نرى أن أولياء الشيطان الضعيف، المدحور، المذموم، الذي لا يمتلك علم غيب، ولا يمتلك جبروت، ولا يمتلك قدسية، ولا يمتلك إلا وسائل بسيطة جداً، هي الوسوسة إلى أوليائه من الجن والإنس.
لماذا أولياء الشيطان هم يبدون في الصورة هم كل شيء في هذه الحياة، كل شيء بأيديهم حتى ثقافتنا نحن بأيديهم، حتى طغى ما يقدمونه هم لنا على ما قدمه الله سبحانه وتعالى لنا؟ أليس هذا إساءة إلى الله، وتصغير لما عظّم الله؟. ما السبب في ذلك؟. هو أننا فعلاً لا نحاول أن نعرف الله بالشكل المطلوب؛ لذا نرى أنفسنا ضعافاً؛ لأننا لا نثق به، لم نصل إلى درجة أن نثق به.
الإنسان بدون الله ضعيف، الإنسان بدون الله - وإن حمل عناوين ارتباط بالله ليس ارتباطاً حقيقياً واعياً - فهو ضعيف، حينها ينعكس ضعفي على كل شيء حتى ما أقدمه باسم الله.
أجمع لي مجاميع من طلاب العلم، وأقدم لهم الدين والعلم، أليس هذا أقدمه باسم الله؟ فينشأون ضعافاً لا وعي لديهم، لا اهتمام لديهم، لا شعور بمسؤولية؛ لأنهم نسخة مني، نسخة أخرى ونسخ متكررة لي، ضعفي ينعكس على أقوالي، ضعفي ينعكس على مواقفي، ضعفي ينعكس بشكل سلبيات تجعلني أجهل الكثير، الكثير مما يدور حولي، وحينها، وفي الأخير نرد اللائمة على الله سبحانه و تعالى نفسه، أنه هو الذي طبع الحياة على هذا النحو بأن جعل الضعف والمصائب، والإبتلاءات الشديدة، والضَّعَة، والمسكنة لأهل الحق، [أهل الحق يكونون عادة ضعافا مساكين لا يستقيم لهم شيء، ولا تجتمع لهم كلمة، والدنيا هكذا حالها لا تسبر ولا تستقيم، والباطل ينتشر فيها!!].
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
مسؤولية طلاب العلوم الدينية
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 9/3/2002م
اليمن صعدة