علي هراش
يمتاز شعبنا اليمني العريقُ بتمسكه الوثيق بالإسلام، والتزامه العميق بتعاليمه، وعشقه الصادق لمبادئه.. إنه ارتباط متجذر في أعماق التاريخ والوجدان، يشكل هُوية جمعية تفوح إيمانًا وتشع أخلاقًا.
فاليمانيون، بشهادة التاريخ، شعبٌ تلقَّى الإسلامَ بقلوب مفتوحة وعقول مستنيرة؛ فوجدوا فيه تجسيدًا لما تنشدُه فطرتُهم السليمة، وتطلعاتهم النقية.
لم يقبل اليمنيون الإسلام كتعاليم مفروضة، بل كحقائق تلامِسُ جوهرَ كينونتهم، وترعى ما فيهم من قِيَمٍ أصيلة؛ من كرم الشهامة، وإغاثة الملهوف، والوفاء بالعهد، والشجاعة في الحق، ونصرة المستضعَفين.
ترتبط بـ "جمعة رجب" مناسبة تاريخية عظيمة، مثَّلت محطة أَسَاسية في انتماء هذا الشعب للإسلام.
فقد أرسل رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) الإمام عليًّا (عليه السلام) إلى اليمن ليدعوَ أهلَها إلى الإسلام.
ووصل الإمام عليٌّ إلى صنعاء حاملًا رسالة النبوة، فكانت الاستجابة سريعة، والدخول طوعيًّا بكل رغبة وقناعة.
في ذلك اليوم، أعلن عددٌ كبير من أبناء اليمن إسلامهم، وكتب الإمام عليٌّ إلى رسول الله يخبره بالتفاصيل؛ فسجد النبي ﷺ شكرًا لله، وسُرَّ بذلك سرورًا عظيمًا، ليرسخَ هذا اليوم كعيد للأعياد وميلاد لليمن الجديد.
هذا التمازج بين الأصالة الفطرية والالتزام الإيماني جعل من الشعب اليمني نموذجًا فريدًا في الثبات على المبدأ.
فالقيم الإيمانية كانت درعًا واقيًا في كُـلّ المحن التي مرت بها اليمن عبر العصور.
وقد تجلى هذا الصمود اليوم في دفاعهم عن مقدسات الأُمَّــة ونصرة المظلومين، والحفاظ على هُويتهم الأصيلة رغم كُـلّ محاولات التشويه.
ولم يكن هذا الصمود ليكون لولا توفيق الله، ثم ما يتمتع به هذا الشعب من وعي حكيم لحقيقة الصراع بين الحق والباطل.
اختص الله اليمن بقيادة حكيمة تقف سدًا منيعًا في وجه المؤامرات، حاملةً لواء الدفاع عن كرامة الأُمَّــة وسيادتها واستقلالها.
وفي ذكرى جمعة رجب من هذا العام 1447هـ، نستذكر بكل إجلال هذا الإرث العظيم والمسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتق هذا الشعب الأبي.
إنها مسيرة تستلهم من الماضي دروس العِبر، وتستشرف للمستقبل آفاق النصر والتمكين، ومواجهة الطواغيت، مؤمنةً بأن العاقبة للمتقين، وأن النصر حليف الصابرين المتمسكين بنبيهم وأعلام هداهم.
فحفظ الله شعبنا وأهله، وأخزى أعداءه وزلزل عروشهم، وأدام عليه نعمة الأمن والإيمان، وجعل مسيرة أبنائه المخلصين نورًا يهدي، وصراطًا مستقيمًا تسير عليه الأجيال القادمة، حاملةً رسالة الدين الخالدة، مدافعةً عن مقدساتها، وصامدةً في وجه التحديات، مؤمنةً بوعد الله تعالى للناصرين لدينه.







.jpg)