نجحت دولة الإمارات في إعاقة صدور قرار عبر مجلس الأمن الدولي يلزم الكيان الصهيوني بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بعد إعلان الحكومة الصهيونية عزمها على بناء 9 بؤر استيطانية في المنطقة، وبدلاً عن صدور قرار من المجلس يمنع هذه الخطوة اكتفى ببيان غير ملزم وافق عليه أعضاء المجلس الـ 15.
وعلى الرغم من أن المجلس أعرب بلهجة ناعمة عن قلقه واستيائه من إقدام حكومة الكيان الصهيوني على المزيد من التوسع الاستيطاني، إلا أنه كان لافتاً الحرصُ الإماراتي، والاندفاعُ الكبير لدعم ومؤازرة هذا الكيان الغاصب، وتوجيه المزيد من الطعنات الغادرة في ظهر القضية الفلسطينية، وهو ما يجدد التأكيد على أن أبو ظبي الخادم الأمين للصهاينة في المنطقة، بل وفي الأروقة العالمية.
وتداولت عددٌ من وسائل الإعلام قبل أَيَّـام خبراً تحت عنوان: “الإمارات لن تدعوَ مجلسَ الأمن للتصويت على وقف الاستيطان”، بمعنى أن أبو ظبي لا تريدُ أيَّ موقف من المجلس معارِض لهذه الخطوة، والتي هي بالتطبع ستكون على حساب فلسطين وسكان فلسطين المحتلّة، وستدفع الكيان الصهيوني إلى بناء المزيد من البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، ما يؤدي إلى تهجير السكان الأصليين من أبناء فلسطين، واستبدالهم بيهود محتلّين.
وبحسب وكالة “رويترز”، فقد أرسلت الإمارات مذكرة للدول الأعضاء في مجلس الأمن، ذكرت فيها أنها تعكف حَـاليًّا على صياغة بيان رسمي، يسمى “البيان الرئاسي”، والذي يتعين على المجلس الموافقة عليه بالإجماع، وبالفعل وزع البيان يوم الأربعاء الماضي، وتضمن عدم الدعوة لوقف الاستيطان، وقد أكّـدت بعض الوسائل الإعلامية الدولية ومنها صهيونية أن هذه الخطوة الإماراتية جاءت بعد اتصالات مكثّـفة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بوساطة أمريكية، تضمن الاتّفاق على تعليق إسرائيل الترويج للبناء بالمستوطنات في الضفة الغربية.
ويكشف هذا التحَرّك الإماراتي في مجلس الأمن، عن التماهي الكبير لأبو ظبي مع الصهاينة في شتى المجالات، كما يؤكّـد على حقيقة الدور الإماراتي المشبوه في المنطقة العربية، ومحاربة أعداء إسرائيل، وفي مقدمة ذلك القضية الفلسطينية، وهو دور وصل إلى أروقة مجلس الأمن، بعد أن أثخن في الجسد الفلسطيني طيلة السنوات الماضية، وانكشف للعلن بشكل أكبر بعد الإعلان الرسمي لتطبيع العلاقات الإسرائيلية الإماراتية في منتصف سبتمبر 2022.
وتتزامن هذه الخطوة الإماراتية المشبوهة مع تصريحات لمسؤول إماراتي وصف علاقة بلاده مع إسرائيل “بالزواج الجميل” وذلك في مقابلة مع صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية، وقد تحدث هذا المسؤول عما سمّاهم بالأصدقاء الإسرائيليين، الذين سيسمحون لهم بالمزيد من تنمية الأعمال التجارية الإسرائيلية والدولية، على حَــدّ قوله.
وبحسب الصحيفة فقد بلغ حجم التجارة بين الإمارات ودولة الاحتلال 2.59 مليار دولار في عام 2022، بزيادة قدرها 124 % عن العام السابق، مشيرة إلى أن الإمارات تتوقع أن تصل الاتّفاقية على الأرجح إلى هدفها المتمثل في الوصول إلى 10 مليارات دولار سنويًّا في النشاط الاقتصادي الثنائي مع إسرائيل بحلول عام 2026.
غطاء للاعتداءات
وتمثل كُـلّ هذه التصرفات الشيطانية الإماراتية “ردة” عن ثوابت الأُمَّــة وعقيدتها تجاه القضية الفلسطينية، كما يقول مسؤول الدائرة الإعلامية في حركة الجهاد الإسلامي داوود شهاب، مُشيراً إلى أن قيام الإمارات بإلغاء مشروع القرار الذي يدين الاستيطان الصهيوني يعكس مستوى ارتهان منظومة العمل العربي الرسمي للإدارة الأمريكية، والذي يعود بكوارث على الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية.
ويؤكّـد شهاب أن العدوّ يخطط لتنفيذ عدوان واسع على الشعب الفلسطيني خَاصَّة في القدس والمسجد الأقصى، وأن التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي سيشكل غطاءً للاعتداءات التي يمارسها العدوّ على شعبنا.
وقال: لا عجب أمام ما تقوم به حكومة أبو ظبي من خطوات تطبيعية مع العدوّ بالرغم من أنه يعيث فساداً في الإمارات.
وتجمع الفصائل الفلسطينية على أن الإمارات وجهت طعنةً جديدةً إلى القضية الفلسطينية، وهذه المرة عبر إلقاء تصويت مفترض على مشروع قرار يدين البناء الاستيطاني الإسرائيلي.
وكان نص مشروع القرار يؤكّـد مجدّدًا أن إنشاء إسرائيل مستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلّة منذ العام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، ليس له أية شرعية قانونية، ويشكل انتهاكاً للقانون الدولي، لكن الولايات المتحدة الأمريكية وقفت بكل ثقلها ضد هذا المشروع، وقالت إنها لا تدعمه.
وانتخبت الإمارات بعضوية غير دائمة بمجلس الأمن الدولي منتصف العام الماضي، وقوبل ذلك بارتياح وترحيب إسرائيلي؛ باعتبار الخطوة تساند تل أبيب في المحفل الدولي، وذكرت وسائل إعلام صهيونية أن إسرائيل تأمل أن يساهم حصول الإمارات على هذه العضوية في تبني قرارات أقل انحيازاً ضد إسرائيل، وهو ما يحدث بالفعل.
صحيفة المسيرة