((وانته بنيتي إلى أحسن النيات)) النية نفسها مهمة جداً, هي قصدك وأنت تتحرك في مختلف ميادين العبادة لله سبحانه وتعالى, توجهك، هي النية التي تجعل لعملك قيمة أو تجعله لا قيمة له حتى وإن سقطت ضحية في الميدان، وليست تلك النية التي تجعل كل قطرة من دمك تتحول إلى مسك يوم تبعث بين يدي الله, إذا لم تكن نيتك هي النية التي تجعل روحك تعيش في عالم آخر حيا فستكون أعمالك كلها لا قيمة لها، بذلك كله لا قيمة له، تضحياتك كلها لا قيمة لها.
ولأهمية النية تتكرر في القرآن الكريم - وهو يأمر عباده في مختلف مجالات ميادين العبادة - أن عليهم أن يتوجهوا بعبادتهم إليه {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}(البينة: من الآية5) {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}(الكهف: من الآية110) وعن الجهاد يقول دائما فيه: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أليس كذلك؟.هل تفهموا هذه؟
تتكرر هذه, يقول لك: يجب أن يكون توجهك وتكون نيتك وقصدك وأنت تتحرك في ميادين العمل في سبيل الله، ميادين أعمال الجهاد أن يكون ذلك كله في سبيل الله، من أجل الله من أجل نصر دينه، من أجل إعلاء كلمته. لا أريد من هذا أن يقدر لي عملي, ولا أريد من هذا أن يشكرني على ما عملت, ولا أريد من هذا أن يعلم ماذا صنعت ولا أريد من هذا أن يعلم أثر ما قدمت، أريد ممن يعلم الغيب والشهادة هو وحده أن يكتب لي أجر ما عملت، وأن يتقبل مني ما عملت وبدون منّة عليه.. سأقول له: هذا هو أقل قليل يمكنني أن أعمله، هذا هو ما يمكنني أن أعمله وهو قليل يا إلهي في جانبك, هو قليل في جانبك، هو قليل في جانب ما يجب علي لك. فما أكثر ما تكررت كلمة: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أو تأتي أحيانا بأبلغ منها {فِي اللَّهِ} {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}(الحج: من الآية78) {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت:69).
ثم أنت حتى تتمكن أن تقطع على نفسك أن لا تلتفت إلى غير الله، وأنت تنطلق في الأعمال العبادية بمختلف أنواعها قارن بين الله وبين الآخرين الذين تحاول أن يلتفتوا إليك ليقدروا عملك، أو يشكروا جهدك، أو يثنوا عليك ما قيمة ثنائهم عليك؟. ما قيمة تقديرهم لعملك؟. ماذا يمكن أن يصنعوا لك بجانب ما يمكن أن يصنعه الله لك؟. قارن بين الله وبين الآخرين، ستجد أنه ليس هناك أحد بمستوى أن تشركه في ذرة من عملك، في مستوى أن ترجو منه أقل قليل، قد يكون في مقابل أن تفقد الكثير، الكثير من ربك.
ليعظم الله في أنفسنا حتى يصغر كل ما سواه في أعيننا. الإنسان الذي يرائي، الإنسان الذي ينتظر الثناء من الآخرين، الذي ينتظر الجزاء من الآخرين هذا هو إنسان ليس لله في نفسه ذرة من شعور بالعظمة، هذا هو إنسان فعلا يؤلّه الإنسان أكثر مما يؤلّه رب العالمين، هذه هي الحماقة بنفسها، هذا هو الغباء بنفسه، هذا هو الضلال بعينه، هو ضياع الأعمال والجهود.
الإخلاص لله هو صمام الأمان في ميادين العمل أيضاً. إذا انطلق الناس وكلهم مخلصون لله سيخلصون في السر وفي العلن، وفي السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء، وسيخلص سواء هو أمام فلان أم ليس أمامه، سيخلص في أي عمل يقوم به سواء رآه أحد أم لم يره أحد، سيكونون هم مجموعة يحافظون على توحدهم على أرقى درجات ما يمكن أن يصل إليه الناس في توحدهم، فما يفرق بين الناس إلا هذه المشاعر مشاعر الرياء. [أنا تحركت فلم يقدروا جهودي، هؤلاء لا يصلحوا]. فتذهب من عندهم, والآخر يذهب, والآخرون يذهبون من عندك، وهكذا.
[[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة في ظلال دعاء مكارم الأخلاق الدرس الأول
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 1/2/2002م
اليمن – صعدة