وبالعودة إلى الذكرى السنوية لشهيدنا العزيز الرئيس/ صالح الصَّمَّاد "رَحِمَهُ الله"، فهي من مناسباتنا التي هي محطةٌ مهمةٌ للاستلهام والاستذكار، نستفيد منها الدروس في القيم الإيمانية، والروح الجهادية، والعطاء في سبيل الله تعالى، والثبات في مواجهة التحديات، مع الإجلال والتقدير لعطاء الشهداء، الذي هو عطاءٌ مُقدَّس؛ ولـذلك مهما قلنا، أو فعلنا، فلن نفي بحقهم؛ وإنما جزاؤهم العظيم هو: ما تَكَفَّل الله لهم به من عظيم الجزاء والتكريم:
- فيما منحهم به من حياةٍ سعيدة، وفوزٍ عظيم، كما قال "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران:169-171].
- ثم الجنة في عالم الآخرة، كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}[التوبة:111].
- وأيضاً فيما بارك الله به جهودهم، وجهادهم، وتضحياتهم، وعطاءهم، في خدمة قضيتهم، والنتائج التي تتحقق بذلك في عاجل الدنيا.
فحديثنا عن الشهداء والشهادة، هو حديثٌ عن قُدسية عطائهم، ورفيع منزلتهم عند الله، وهذا مُحَفِّزٌ كبير للسير في دربهم، ومواصلة المشوار في طريقهم، بما لذلك من قدسيةٍ ومقامٍ عظيمٍ رفيع، وبما له أيضاً من نتيجة مهمة، لسعادة الإنسان نفسه، وفوزه بما لا يماثله فوزٌ، في أي مكاسب تتحقق لأي بشر؛ ولــذلك سمَّاه الله في (سورة التوبة) وفي (سورة الصف) بالفوز العظيم.
ثم مثل هذه المناسبات نستذكر فيها أيضاً مسؤوليتنا نحن، في الوفاء للشهداء، بالثبات على المبادئ والقيم، التي ضحّوا في سبيل الله من أجلها، فهم أصحاب قضيةٍ مقدَّسة، مسؤوليتنا هي الحفاظ عليها، وهي مسؤوليةٌ إيمانية.
فحينما نستذكر الشهيد الرئيس/ الصَّمَّاد "رحَمِهُ اللهُ"، نستذكر في شخصيته الفذَّة مميزاتٍ مهمة وملهمة:
- منها وفي مقدمتها- وهو العنوان الشامل، الذي تتفرع عنه بقية العناوين- التَّوجُّه الإيماني، والانطلاقة الإيمانية، والالتزام الديني:
وهذا مهمٌ جداً لكل إنسان، في أي موقعٍ من مواقع المسؤولية كان، وفي أي دورٍ يتحرك به في هذه الحياة، أن يكون ذلك مستنداً إلى انطلاقةٍ إيمانية، يؤمن بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ويؤمن بهدى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ويتحرك وفق المواصفات الإيمانية، والمبادئ الإيمانية.
- ثم الوعي القرآني، واهتمامه بالقرآن الكريم، وبالثقافة القرآنية:
ولـذلك كان ظاهراً في روحيته، وفي توجهه، وفي التزامه، وفي اهتماماته، هذا التَّوجُّه الإيماني، وأيضاً الاهتمام الكبير بالقرآن الكريم، في العناية بتلاوته، في الاهتمام أيضاً بالارتباط الوثيق به، وحمل روحيته، ثم أيضاً العناية القصوى بالثقافة القرآنية، فكان عاكفاً على الثقافة القرآنية، مهتماً بالثقافة القرآنية، متثقفاً بالثقافة القرآنية.
- وكذلك حمل الروح الجهادية والعملية، والشعور بالمسؤولية، والنشاط الكبير في ذلك، والاهتمام الكبير بذلك:
وهذا كان بارزاً في مسيرته الجهادية والعملية، هو إنسانٌ يتحرك وهو يحمل الروحية الجهادية، وأيضاً الروح العملية، كان نشطاً، ومهتماً، وعملياً، ودؤوباً في عمله في الليل والنهار.
- وكذلك سعة الصدر، وقوة التحمُّل، والحلم، والروح الاجتماعية:
وهذا كان بارزاً في علاقاته الواسعة، وتأثيره الواسع، واهتمامه بالشأن العام، واهتمامه بالناس، وفي علاقته الطيبة بالناس وبالمجتمع.
- وكذلك في التقدير للمسؤولية في أي ميدان من ميادين العمل، والخلاص من النظرة المزاجية:
وهذه مسألة مهمة جداً، الإنسان الذي ينطلق في سبيل الله تعالى من منطلقٍ إيماني، مخلصاً لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، هو ينطلق وهو ذائبٌ في الله "جَلَّ شَأنُهُ"، يهمه العمل الذي فيه مرضاة الله تعالى؛ ولـذلك لديه الجهوزية أن يتحرك في أي مجال من المجالات، ليبذل فيه وسعه وطاقته، وما يمتلكه من طاقات وقدرات، في سبيل العمل في ذلك المجال بما يرضي الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".
بينما البعض من الناس توجهاته مزاجية، حتى وهو يتحرك في إطار العنوان الجهادي والإيماني، هو يريد عملاً مُعيَّناً، يُعبِّر عن مكانة اجتماعية مُعيَّنة، أو مكانة مرموقة، أو له اعتبارات سياسية... أو غير ذلك.
لكنَّ المعيار المهم لدى الإنسان الذي ينطلق انطلاقةً إيمانيةً صادقة هو: ما الذي يحقق به مرضاة الله تعالى، ويصل به إلى رضوان الله عنه، هذا هو المهم؛ ولـذلك لديه الجهوزية أن ينطلق في أي عملٍ متاح، في أي مسؤوليةٍ تفترضها الظروف والواقع العملي، لديه استعداد أن يتحرك في أي مجال، بقناعة، برحابة صدر، وباهتمامٍ كبير؛ لأنه لا مجال للمزاجية في مسألة العمل في سبيل الله تعالى، وفي إطار المسؤوليات الإيمانية والجهادية.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد الرئيس الصماد
3 شعبان 1446هـ 2 فبراير 2025م