إ نه من المؤسف جداً من المؤسف جدا أن الإنسان المسلم الذي معه القرآن الكريم، سماه الله بصائر ونورا وهدى، أصبحنا - ونحن معنا القرآن الكريم - لا نفهم قيمة الأعمال، لا نفهم مؤامرات أعدائنا، ولا نفهم ما الذي يؤثر على أعدائنا، واليهود أنفسهم عارفون، السفير الأمريكي نفسه فاهم هذا الشعار أن يرفع أو يردد، أن ينتشر هذا النشاط مؤثر عليهم، بينما تجد المسلم يقول: [ما فائدة هذا الكلام؟ هو فقط ضجة على الفاضي، ما الفائدة منه؟! ليس فيه فائدة، هل ستموت أمريكا، وهل ستموت إسرائيل، حينما نقول الموت لأمريكا وإسرائيل؟!] اليس يقول هكذا؟!
بل بعضهم انطلقوا يبحثون عن فتاوى انه لا يجوز، قد صاروا يفتون انه (ينقض الوضوء) وهذا قال: (لا يصح اللعن لليهود في المسجد) قد صار الجُهَّال ينطلقون ليفتوا فتاوى من أجل أن يتوقف هذا العمل! هذا شيء مؤسف جداً أن يكون الإنسان المسلم قد أصبح إلى الدرجة التي لا يعي فيها أي عمل مؤثر على أعدائه.
بعضهم أمّن، وهو يظن ان (التأمين) سيزعجنا وفي الأخير نقول: سنترك سنسكت لكيلا يعودوا للتأمين، فليأمّن من أمّن، فالقضية انه ماذا؟ انه كيف يكون للناس دفاع عن دينهم، دفاع عن ديننا.
قلنا أيضاً: عندما نجد الأمريكيين - مثلاً - لا يريدون أن يمشي هذا العمل، فهذا هو شاهد على أن لديهم خططاً لليمن نفسه، فهو يشكل عائقا أمام خطط لهم في اليمن، ليست مسألة أنهم لا يريدون مثلاً ان يرتفع هذا الشعار، وليس لديهم أي فكرة حول اليمن، وهم هناك في بلادهم، ويعتبر هذا الكلام في بلد كم بيننا وبينه ولن يؤثر علينا، بل إن هذا نفسه، (موقفه من الشعار) يعتبر هو شاهد على ماذا؟ على أن هناك خططاً للأمريكيين في اليمن، للهيمنة على اليمن.
القضية أصبحت قضية الشعوب أنفسهم، لا رهان على الحكومات.
مثلما أن محاولة أن يزور سوق السلاح ثم في الأخير ترى أنواعاً من السلاح تغيب، وترتفع أثمانها، يعني ماذا، يعني أن هذا يدل على أن هناك خططا لليمن، للهيمنة على اليمن، وأن يُوصلوا اليمنيين إلى درجة أن لا يجدوا ما يدافعون عن أنفسهم به.
ولهذا عندما يزور السفير الأمريكي سوق السلاح - مثلاً - في (الطلح) ثم بعد ما يغيب لا تدري إلا وغابت أشياء، وارتفعت أسعار أشياء، هل هو يؤسفه اليمنون ولا يريد ان يتقاتلوا فيما بينهم؟! أنه يريد الحفاظ على أمن اليمنيين؟! لا. هم هؤلاء يعطون إسرائيل الأسلحة المتطورة والفتاكة لضرب الفلسطينيين، لا يؤسفهم الأطفال والنساء الذين يصرخون أمامهم في كل شارع وفي كل مدينة. هل السبب أنهم رحيمون بنا، يريدون من أجل أمننا، لا يكون هناك أسلحة ليترك الناس السلاح ويتضاربوا فقط؟ ليست لهذه.
يريدون أن يجردوا المواطنين اليمنيين من أسلحتهم، من أجل فيما بعد، عندما يكون لهم مخططات عندما يكون لهم أهداف يتجهون الي تنفيذها، يكون اليمنيون عاجزين عن أن يدافعوا عن أنفسهم وعن أن يواجهوهم، وكل هذه تحصل ونحن "مشخِّر ين" لا يوجد عندنا تفكير، ليس لدينا تفكير أنه يجب أن تكون كلمتنا واحدة، يجب أن نعتصم بالله، نرجع إلى ديننا، يجب أن نعد ما نستطيع من قوة للدفاع عن ديننا وعن بلادنا.
ويكفينا من الشعار أنه كشف لنا عدة أشياء: فعند ما تجد الجندي اليمني - تجده لتنفيذ رغبه أمريكية - يحاول خدش الشعار، ولا يتحاشى عن خدش كلمة (الله أكبر) يخدش (الله أكبر) و(النصر للإسلام) من أجل الأمريكيين، هل تتصور بأن هذا ممكن يدافع عنك أو يدافع عن دينك؟! أبداً،
بل قد يُستخدم لمحاربتك أنت ودينك، الجندي اليمني نفسه الذي قد أكل ويأكل من عرقك، يأكل من جهودك، اليس الناس يقولون: [الرئيس لديه معسكرات مساكين يحتاجون، يحتاج ان يصرف عليهم] يصرف عليهم وتُشترَى أسلحة لهم وإذا الموقف في الأخير عكس؟! هذا كشف بأن من أنت تنظر إليهم، ونحن نقول: (معنا جيش لحماية الوطن، لحماية البلاد، لو يحصل شيء سيقومون باللازم) أنت عندما ترى الجندي، تعرف أن هذا الجندي نفسه لا يمكن أنه يحمي لا دينك ولا وطنك.
القضية أصبحت قضية الشعوب أنفسهم هم، لم يعد من الصحيح أن يجلسوا "يشخروا" في أن حكومتهم أو أن جيشهم ممكن ان يدافع، أبداً. الجيوش العربية، الحكام العرب أصبحوا مهزومين، أصبحوا مهيئين لأن يشتغلوا للأمريكيين وليس فقط ضد الأمريكيين، سواء بترغيب أو بترهيب، أي: لا تتصور بأن جنديا من (الأمن) وأيضاً يحمل عنوان (أمن) أي: أمن مَن؟ اليس أمن الوطن؟ أمن الوطن مِن مَن، إذا كان الأمريكيون يشتغلون ويقولوا له: (أوقِّف هذا الشعار) فيقول: (مستعد) وخدشه، وأزال ملصقاته، فهو يؤمن مَن؟ هل هو يؤمن الأمريكيين، أو يؤمننا؟!
ما هو الأمن الذي سيتحقق لنا من جانبهم في مواجهة الأمريكيين؟ لو كان هناك عمل يحقق الأمن، لكان أول عمل يقومون به هو ماذا؟! هو مدافعة التهم التي تلفقها أمريكا على اليمن أنها تهم باطلة، ترى في الأخير بعد ما يكونوا في البداية يعترفوا أن هذا العمل لا يمكن أن يكون عمل إرهابي، يضطروا في الأخير إلى أنه يتماشوا مع أمريكا: (وعمل إرهابي، وهناك إرهابيون).
فإذا لم يكن هناك من جانب الحكومة عمل على مدافعة التهم، وتحقيق في كل القضايا التي ألصقت باليمن، ولإثبات أن الواقع ليس هناك إرهابيون حقيقة وراء هذه، وأنها مخابرات أو أيادي أخرى، ليس لليمن علاقة بها، هذا الذي كان يعتبر عملا مهما تقوم به الدولة. لم يعملوا هذه! بل يسكتون عن التهم وفي الأخير تقريباً - يسلِّمون، أو شبه تسليم - بالتهمة على اليمن، والتهمة على اليمن تعني التهمة على البلاد كلها، بما فيها الدولة نفسها.
التوجه الأمريكي ليس ضد المواطنين فقط، بل حتى ضد الزعماء (تغيير الزعماء في البلاد) وضد البلاد من أجل أن يقسموها، أي شعب ما يزال كبيراً من البلاد العربية، فإنهم يقسمونه عدة أقسام، هذه فكرتهم، بدل ان يواجهوا هذه التهم، ويحاولوا ان يعملوا ملفات صحيحة، ويكذبوا كل التهم الأمريكية، جاء يبحث عن أي عمل يزعج الأمريكيين يحاول ان يطفئه، وهو رجل أمن، لكن اتضح لنا أنها أصبحت ماذا؟ اتضح أن وراءها ضغوط أمريكية.
طيب الأمريكي نفسه بإمكانك أن تقنعه، تقول له: الناس هم هكذا، بلادنا ديمقراطية، وأنتم الذين جئتم لنا بالديمقراطية – اليس الأمريكيون الذين جاؤوا بالديمقراطية؟ - وفي بلادكم يتظاهرون داخل (واشنطن) ضد قرارات الحكومة، ضد توجهات الحكومة الأمريكية نفسها لضرب العراق، آلاف من المتظاهرين يخرجون في (واشنطن) نفسها و(نيويورك) ضد الرئيس الأمريكي في تفكيره بضرب العراق.
عندما تجد أن هناك مسئولية عليك أمام الله فيجب أن تتحرك، حتى وإن كانت القضية فيها خوف، حتى وإن كانت القضية تؤدي إلى أن تضحي بنفسك ومالك. اليس الله ذكر هذا في القرآن الكريم، طلب من المسلمين، طلب من المؤمنين، بل جعل من صفات المؤمنين الصادقين، أن يبذلوا، أن يجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، {إنما المؤمنون الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (الحجرات: 15) أولئك هم الصادقون، والجنة هي للمؤمنين الصادقين، وعندما تجد القرآن الكريم، يطلب منك أن تضحي بنفسك، الله يطلب منك أن تضحي بنفسك، أن تضحي بمالك، متي؟ إذا لم يكن أمام ما تتحرك أمريكا وإسرائيل فيه، فأمام من؟ هل أمام المهدي المنتظر!
أنت إذا لم تبذل نفسك ومالك في مواجهة هؤلاء الأعداء فهم من سيسخرونك أنت لتبذل نفسك ومالك في سبيلهم، في سبيلهم فعلاً، وهم متجهون، أي: هذه عندهم سياسة ثابتة: أن يضربوا المسلم بالمسلم، عندهم هذه السياسة، أن يضربوا المسلم بالمسلم.
إذا لم تتحرك، فسيجندونك تضرب مَن؟ تضرب آخرين (مسلمين) خدمة لأمريكا وإسرائيل. مثلما جندوا في السابق عشرات الآلاف من المسلمين، من أجل تحقيق مطامعهم، ومن أجل الدفاع عن مصالحهم، أيام الاستعمار الأول.
كان هناك المسلمون يجاهدون تحت راية البريطانيين تحت راية الإيطاليين والفرنسيين، وقتال بين هذه الدول المستعمرة وقودها مَن؟ المسلمون، معظم وقودها كانوا هم المسلمين في بلدان أفريقيا، والبلدان المستعمَرة.
وهذه قضية يجب أن نتنبه لها: لا تتصور أن بإمكانك أن تتنصل من مسئوليات الحق وتجلس هناك سليما، عندما تتهرب من الحق ستساق إلى الباطل، أعداء الله سيسوقونك إلى الباطل، وتبذل أكثر مما كان يطلب منك في سبيل الحق، تبذله في سبيل الباطل، وأنت تتهرب على أساس أن تنجو بنفسك، ستبذل نفسك وتقتل في سبيل الباطل، والشواهد من التاريخ كثيرة في هذه، التاريخ في الماضي والتاريخ المعاصر، أيام الاستعمار وإلى الآن.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
(الشعار سلاح وموقف)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 11 رمضان 1423هـ
اليمن – صعدة.