نأتي إلى محطة من المحطات المهمة ذات العلاقة بالجانب الصحي في الإسلام، وهي النظافة، وما أدراك ما النظافة، النظافة مهمة جدًّا في الإسلام، والمسلمون اليوم من أكثر الناس تقصيراً في النظافة بين شعوب وأمم الأرض، وهذا مؤسف للغاية، حتى أصبح طابع انعدام النظافة طابعاً عاماً في الساحة الإسلامية لدى المسلمين، ومظهراً من مظاهر تخلّفهم، وهذا مؤسف جدًّا، يفترض بنا أن نكون أرقى الأمم، أطهر الأمم، أكثر الأمم نظافة، في الإسلام برنامج طويل للنظافة،
طهارة ونظافة البدن
نأتي إلى الإنسان في نفسه، الله سبحانه وتعالى فرض الطهارة من الجنابة، فرض الوضوء للصلاة، هذا جزءٌ من النظافة التي نتنظف بها يومياً؛ لأنك مع الصلوات تتوضأ للصلوات، وهذا يساعدك على النظافة، وعندما شرع الله الطهارة، وفرض علينا الطهارة من الجنابة، والطهارة للصلاة، قال -جلَّ شأنه- في القرآن الكريم في آيةٍ مهمةٍ جدًّا: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[المائدة: من الآية6]، في القرآن الكريم يقول: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}[التوبة: من الآية108]، فنلحظ حث كبير على الطهارة، الطهارة جزء من التزاماتنا الدينية في الإسلام، الطهارة من الجنابة، الطهارة للصلاة، هناك في قائمة الآداب والمستحبات مناسبات على الإنسان أن يغتسل فيها، عليه من باب الآداب الإسلامية، مما فيه الأجر والثواب، وعليه الحث، وفيه الترغيب الكبير، مثل: اغتسال يوم الجمعة، الاغتسال في يوم العيدين... الاغتسال في مناسبات معينة، وبعد الأعمال الأخرى التي يتسخ فيها الإنسان، ولو لم يتنجس، حتى على مستوى الاتساخ، فيستحب له أن يغتسل، وأن يتنظف، وأن يكون نظيفاً.
الطهارة من النجاسات، وهذه إلزامية، وهي أيضاً تدخل في إطار النظافة، تنظف الإنسان مما هي قذارات، مما هي أدران، مما هي نجاسات، يأتي أيضاً برنامج طويل فيما يتعلق بالإنسان، نظافة الجسم بشكل عام بالاغتسال، نظافة الأسنان، في الإسلام حث على تنظيف الأسنان، حث على السواك، حث على تنظيف الأسنان ما قبل الوضوء، في أوقات متنوعة متعددة، في ظروف معينة، حثٌ على هذا الجانب، وله أهميته الصحية، إضافة إلى أهميته الحضارية، تنظيف شعر الإنسان، مثلاً مواضع من الجسم يُذِهب الإنسان الشعر منها بالكامل، ويتنظف من الشعر، أما على مستوى شعر الرأس واللحية، يقص أو يحلق فيما يتعلق بشعر الرأس، فيما يتعلق باللحية يقصر في مستوى معين، إحفاء الشارب أيضاً، تقصيره من أطرافه، هناك برنامج كبير أيضاً يتعلق بقص الأظافر، بالغسل لليدين قبل الطعام، وبعد الطعام، برنامج واسع لتنظيف الإنسان تنظيف جسده؛ لأن الله يريد للإنسان طهارة الروح، طهارة القلب، طهارة المشاعر وطهارة الجسد، ونظافة الجسد، لا يريد للإنسان أن يكون متسخاً خلق الله الماء وأنزله ماءً طهوراً، جعل فيه خاصية التنظيف والتطهير للإنسان، وخلق أشياء كثيرة ذات خاصية منظفة ومطهرة يستخدمها الإنسان لشعره، مثل: السدر، الشامبوهات... أشياء كثيرة. وهكذا هو برنامج طويل ضمن قائمة الآداب لتنظيف جسد الإنسان كما يريد الله منه أن ينظف مشاعره ووجدانه من المشاعر الخبيثة وأن يعزز كل معاني الخير في نفسه.
طهارة ونظافة الملابس
في الملبس، ملبس الإنسان من أعجب ما في القرآن الكريم أنَّ الله عندما خاطب رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- قال له: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}[المدثر: 1-5]، أتى موقع الطهارة للثياب، ويدخل بشكلٍ أولي المعنى المعروف للثياب، غير المعنى المجازي، بشكلٍ أولي المعنى المعروف والحقيقي للثياب الملابس، {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}، الموقع الذي لطهارة الثياب في الآية موقع يفيد أهمية طهارة ما يلبسه الإنسان، مع طهارة الجسم، طهارة ما يلبس، هذه مسألة مهمة جدًّا، طهارتها من النجاسات، وأيضاً في الإسلام حث على نظافة الملابس من الدرن، ونظافة الملابس من الأوساخ، وكان رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- يربي المسلمين في زمنه وعصره على النظافة، ويحثهم على النظافة: نظافة الملابس، ونظافة الجسم، ونظافة الأسنان، قال مرةً لبعض أصحابه: (مالي أراكم قُلحاً) ينتقد عليهم عندما رأى أسنانهم مصفرة من الوسخ لا ينظفونها، كان عندما يعود من غزواته وقبل أن يدخل المدينة يأمرهم بالاغتسال وتطهير الثياب، وأن يدخلوا إلى المدينة نظيفين، وليس عليهم وعثاء السفر.
فالعناية بنظافة وطهارة الملابس كذلك أمرٌ مطلوب وصحي في نفس الوقت، له أهمية على المستوى الصحي، نظافة الجسم لها أهمية صحية، نظافة الملابس لها أهمية وفائدة صحية،
نظافة الطعام والشراب
نظافة الطعام ونظافة الشراب، بدءاً من نظافة المطبخ وأثناء عملية التحضير للطعام، ونظافة الأواني، وغسلها ما بعد الطعام، وألَّا تكون ملوثة، هذه مسألة صحية، ومسألة مهمة ضمن التعليمات الإسلامية في الطهارة وفي النظافة، وهنا نلفت النظر إلى أهمية أيضاً نظافة المطاعم، ونظافة المقاهي، ونظافة اللوكندات، والأماكن التي يُقدَّم فيها الطعام أو الشراب للناس، ويجب أن يكون هناك رقابة حكومية، وأن يستشعر من لهم حركة تجارية في مثل هذه الأمور أن يستشعروا رقابة الله -سبحانه وتعالى- عليهم، تتحول بعض المطاعم إلى مصدر للأوبئة والأمراض؛ لانعدام النظافة في مطابخها، في عملية التحضير للطعام، في نظافة العاملين.
كذلك في المنازل من المهم جدًّا نظافة المطابخ، ونظافة المرأة التي تطبخ، عليها أن تحرص هي أن تكون نظيفة، أن تطهر يديها أيضاً بالمطهرات قبل تحضير وجبة الطعام، أن تكون الأواني أيضاً نظيفة وطاهرة، هذا مهم جدًّا للسلامة والصحة، ويدخل ضمن آداب وتعليمات الإسلام في النظافة.
نظافة الأسواق والأفنية والساحات
الأسواق من المهم أن يسعى الناس إلى أن تكون الأسواق نظيفة؛ لأن حالة انعدام النظافة يترتب عليها التلوث البيئي، ويترتب عليه أيضاً انتشار الأوبئة، انتشار الجراثيم، والله أعلم قد تكون الكثير من الجراثيم عقوبات، إذا انعدمت حالات النظافة تنشأ مثل هذه الجراثيم، وقد تأتي أيضاً عقوبات على أشياء أخرى وأعمال أخرى، ولكن عقوبات في هذا الجانب نفسه أيضاً.
هذه من الأشياء التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، ولو التزم المسلمون بتعليمات الإسلام لكانوا أرقى أمة وأنظف أمة، نأتي أيضاً إلى جانب تنظيف الأفنية والساحات، رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- كان يأمر المسلمين بتنظيف الأفنية والساحات والشوارع وعند منازلهم، هذه مسألة مهمة جدًّا، وكان يقول لهم: (لا تكونوا كيهود)، كانت الأحياء اليهودية معروفٌ عنها عدم النظافة والروائح المنتنة والكريهة، والاتساخ والقمامات، وهذا كان مظهراً بشعاً وملوثاً، كان يقول: (لا تكونوا كيهود)، اليوم- للأسف الشديد- قد يكون بعض المسلمين أكثر سوءً من ذلك في هذا الجانب.
من المهم جدًّا أن نحرص على النظافة كوعي عام وثقافة عامة، لو بذلت البلديات من جهود كم ما بذلت وليس هناك وعي عام، يتعامل الناس مع القمامة بطريقة غير صحيحة، يطرحون القمامة في قارعة الطريق، مع أن من الإيمان إماطة الأذى من الطريق، تنظيف الطريق، تنظيف الشارع، لا تضع في طريق الناس قماماتك، وقمامات منزلك، وقمامات مطبخك، أنت تلوث البيئة، تلوث، تؤثر على الصحة العامة، وأنت أيضاً تترك عراقيل على الناس في حركتهم في الحياة.
ولذلك تعامل الناس مع القمامة يجب أن يكون حضارياً، وأن يكون وفق تعليمات الإسلام التي تركز على النظافة والطهارة، ولا تقبل بمثل هذه المعاملات السلبية، يضع الإنسان بشكل عشوائي، يجمع قمامته بشكل عشوائي، يضعها بشكل عشوائي في أي مكان.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الرمضانية التاسعة 1441هـ
الجانب الصحي وموقعه في دين الإسلام