الأثر الآخر المدمِّر لهذه الجريمة الشنيعة، الفظيعة، القبيحة، الخسيسة: الأثر السلبي في الواقع الاجتماعي، تدمِّر بنية المجتمع، اللبنات الأساسية التي يتكون منها المجتمع هي الأسر، والأسرة من خلال الزوج والزوجة، والروابط المشروعة بين الزوج والزوجة، والتي تصب فيها الغريزة الجنسية، الشهوة، الإنسان يقضي شهوته مع زوجته، الزوجة تقضي شهوتها مع زوجها، وهنا يحفظ الله النسل البشري باستمرار التناسل المشروع، وتتكون الأسرة، تبتني الأسرة التي عندما يرزق الله الزوجين بالأولاد، بالذرية، ثم يتجه الزوجان أيضاً إلى أن يكون لهما ذرية طيبة، صالحة، مستقيمة، وتكون لبنة صالحة في المجتمع، لبنة متماسكة، تربط بينها رابطة النسب، وأواصر الرحامة، ثم أيضاً العلاقة ما بين هذه الأسرة وتلك، علاقة الصهارة التي تمثِّل أيضاً رابطاً آخر من الروابط، وهكذا ينشأ المجتمع مجتمعاً له روابط، بدءاً من الأسرة التي تربطها رابطة الأسرة، رابطة الرحامة والقرابة، والتي تساعدها أن تعيش في واقع الحياة متعاونة، متكاتفة، متعاطفة مع بعضها البعض، وهكذا يكون المجتمع مجتمعاً منظَّماً، ومجتمعاً متماسكاً ومترابطاً، ومجتمعاً متعاوناً.
عندما تشيع الفاحشة والجريمة- جريمة الزنى والمفاسد الأخلاقية- توجه ضربة إلى هذه اللبنة المهمة: (لبنة الأسرة)، وتؤدي إلى التفكك في واقع المجتمع تفكك كبير وخطير جداً، ثم تؤدي كذلك بدلاً من كل الآثار الطيبة التي هي في الإطار الأسري، الرحمة، والأواصر القوية، والقرابة، والتعاون، والتكاتف، تؤدي إلى نشوء حالات في المجتمع هي نتاج لذلك التفكك، حالات لا ترابط بينها، أولاد غير شرعيين، وتؤدي كذلك إلى ضعف الإقبال على الزواج وتكوين الأسر، وتؤدي إلى مفاسد كبيرة في الواقع المجتمعي، مفاسد كبيرة جداً.
المجتمعات الغربية من أكبر ما يهددها اليوم هذا التفكك الاجتماعي، هذا التفكك الخطير جداً الذي يصل ببعض المناطق، ببعض البلدان أن تكون نسبة الأولاد الذين لا أب لهم، لا أسر لهم، إلى نسبة مئوية: عشرين بالمائة، ثلاثين بالمائة، في بعضها أربعين بالمائة، أولاد لا أسر لهم، ينشأ بدون أسرة، لقطوه من الشارع فقط، وذهبوا به إلى ما ينشئونه هناك من مؤسسات للحضانة، ثم ينشأ لم يحظ بما حظي به ابن الأسرة، الذي حظي برعاية أسرته، ونشأ في إطار أسرته، في جو الأسرة، ينشأ ذلك ابن الشارع في حالة من الانفلات والضياع، ثم تأتي أيضاً مؤسسات ومنظَّمات إجرامية تستغله، وتجد فيه شخصاً منفلتاً لم يحظ بتربية، ولا حماية من أسرته، ولا من أحد؛ فتستغله استغلالاً كبيراً، في أشياء كثيرة يستغلونه، بما فيها الجريمة، فالقضية خطيرة جداً.
المجتمع إذا تفكك ضعف، ولا مستقبل له، الترابط الاجتماعي من أهم عوامل القوة، ومن أهم عوامل الاستقرار الذي يفيد المجتمع، وينفع المجتمع، ويصلح المجتمع، فالأعداء يحاولون أن يلحقوا ضرراً كبيراً بالبنية المجتمعية، وأن يدفعوا بالبعض إلى الابتعاد عن الزواج المشروع، الذي من خلاله يقضي الإنسان شهوته في محلها، ويكوِّن أسرةً، وإذا حمل الفهم الصحيح، واستوعب الرؤية الصحيحة لبناء الأسرة وفق تعاليم الإسلام، يستطيع الناس من خلال ذلك أن يتوجهوا لبناء مجتمعٍ عظيمٍ وصالحٍ، تقوم دعائم الحياة فيه وروابط الحياة فيه يها أها الأيها أيها الأخوة الأعزاءيها أها الأيها أيها الأخوة الأعزاءعلى أساسٍ من تعليمات الله وتوجيهاته، على أساسٍ من مكارم الأخلاق، على أساسٍ من الشرف والزكاء والطهارة والكرامة، ويكون لهذا الأثر الكبير على مستوى القيمة الإنسانية والأخلاقية، وعلى مستوى الاستقرار المجتمعي والأمني، ولهذا عندما قال الله -جلَّ شأنه- عن جريمة الزنى: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}، أسوء طريقة لقضاء الشهوة، أسوء طريقة؛ لأن الله قد رسم طريقةً صحيحة، سليمة من كل تلك الآثار السلبية جداً لقضاء الشهوة، وهي الزواج، ومن خلال الزواج يكون حتى للشهوة أثر إيجابي في تعزيز الروابط ما بين الزوج وزوجته، بدلاً من أن تكون لها أي آثار سلبية على المستوى النفسي، أو على المستوى الإيماني، أو على مستوى العلاقات الاجتماعية.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الخامسة عشر
جريمة الزنى وآثارها المدمرة للإنسان والحياة
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة الخامسة عشر
مايو 23, 2019م