مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
نحن بعد لم نستكمل الآيات في [سورة المائدة]، وصلنا إلى قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (المائدة:55).
قد تحدثنا حول هذه الآية وذكرنا أيضاً مما ذكره السيد [محمد حسين فضل الله] حول الآية أيضاً.
وقد يبدو للكثير منا بأن الموضوع قد استُكمل، أو قد يبدو للبعض أيضاً تساؤل من نوع آخر.
والذي أريد أن أقول: بأن هذا الزمن، هذا العصر لا نعلم بأنه مر في هذه الدنيا عصر أزهى منه، ولا أكثر تضليلاً وضلالاً مما يحدث فيه، ضلال بشكل رهيب، وبشكل دقيق، وبانتشار كثير على نطاق واسع، وبشكل أوسع من انتشار الضلال ربما في أي زمن من الأزمنة الماضية، الضلال ينتشر في هذه الدنيا من أقصاها إلى أقصاها في لحظة واحدة وفي ساعة واحدة، بينما كانت الكلمة الباطلة، الكلمة المضلة، أو الموقف الضال في العصور الماضية لا تنتشر في منطقة كالجزيرة العربية إلا في أشهر حتى تصل من أقصى الجزيرة إلى أقصى الجزيرة.
وعندما تصل لا تصل إلى كل قرية، عندما تصل لا تصل إلى كل بيت، في هذا الزمن يصل الضلال، التضليل، الخداع، التزييف إلى داخل - تقريباً - كل بيت، وفي لحظة واحدة، وبسرعة هائلة، حتى إلى داخل المساجد أنفسها، زمن رهيب جداً.
نعود إلى أنفسنا نحن [الزيدية] هذا الشيء الذي يزعجنا جداً, نحن الطائفة ربما الوحيدة في هذه الدنيا، وفي هذا العصر الرهيب، الطائفة المعرضة للتضليل بشكل رهيب جداً أكثر من غيرها؛ لأن كل ما نتلقاه ليس على أيدينا، حتى أبناءنا في مدارسنا لا يتثقفون على أيدينا، أليس كذلك؟.
الصوت الذي نسمعه ليس منا، الصوت أو الموقف أو الكلام الذي نراه أيضاً ليس من داخلنا، الصحيفة التي نقرأها ليست من داخلنا، ليس لنا أعلام واضحة، ليس لنا هداة نلتزم بهم، ليس لنا مدارس قائمة هي التي تتولى إخراج مرشدين يتحركون في أوساط مجتمعنا، ليس لدينا شيء، فكلما يدور في داخلنا في داخل بيوتنا، في داخل مساجدنا، في داخل مدارسنا، في داخل ساحتنا هو ليس منا ولا على أيدينا.
ونحن في نفس الوقت مُفَتَّحِين كل واحد منا له [أريل] أو إثنين يستقبل من كل الجهات يعني ذلك بأننا قد نكون نحن الضحية، الضحية الكبيرة للتضليل في هذا الزمن. طوائف أخرى لديها ضوابط، مازال لديها ضوابط معينة، لديهم عالم يمثل مرجعيتهم الكبرى أو العليا، وسائل إعلامهم من داخلهم، مناهجهم في المدارس هي على أساس مذهبهم وعقائدهم وتاريخهم، الصحيفة هي من داخلهم، السلطة هي سلطتهم، المرشدون هم منهم، الكُتَّاب هم منهم، المكاتب مملوءة بكتبهم، أليس كذلك؟.
لكن نحن الزيدية ماذا نملك؟ إذهب إلى أي مكتبة من المكتبات في صنعاء أو حتى في صعدة كم تجد؟ ربما أقل من 1% من الكتب التي أمامك، كلها 99% كتب أخرى، من كتب الآخرين.. أليس هذا مما نراه؟. مكتبات طويلة عريضة أدخل تجد 99% منها كتباً ليست زيدية، ليس لدينا شيء، لا ثقافة هي تمثل ثقافتنا تسود في الساحة، ولا ثوابت داخل أنفسنا تقينا من أي ضلال يأتي من هنا أو من هنا أو من هناك!.
لولا أن الآخرين من الطوائف الأخرى أو الكثير من الطوائف الأخرى لولا أنهم هم على ضلال فيما بين أيديهم لما تعرضوا هم للتضليل، ولما كانوا ضحية للضلال، لولا أن ما بين أيديهم هم ضلال؛ لأن ما بين أيديهم هو يُفعَّل، أليس كذلك؟ تراثهم هو الذي يُفعَّل, هو الذي يملأ المكتبات، هو الذي يرفع في المسجد، هو الذي يدرس في المدرسة، هو الذي يُكتب في الصحيفة إذا كان هناك صفحات عن قضايا إسلامية هو الذي يكتب في الصحيفة هو، هو الذي يتحرك لولا أنه من أصله لا يقوم على أسس صحيحة لما تعرضوا للتضليل والإضلال، ولما أصبحوا على ما هم عليه؛ لأنهم لا ينقصهم شيء، هم أساساً لا ينقصهم شيء بالنسبة لما هم يعتقدونه ويؤمنون به، ويثقفون أنفسهم به إسلامياً، هل ينقصهم شيء؟ لا.
ألا يعني هذا بأننا نحن الزيدية في هذا الزمن الرهيب قد نكون نحن الضحية الكبرى للتضليل، نحن من نرى أبناءنا هذا يسير كذا وهذا يسير كذا، أبناء الطائفة هذه، هذا وهابياً وهذا أصبح اثنى عشري، وهذا أصبح لا ديني! ونرى أبناءنا من داخل مدارسنا يتخرجون على نحو آخر. ألا يعني هذا بأننا نحن بحاجة إلى وعي إلى فهم؟ بحاجة إلى مزيد من المعرفة، بحاجة إلى مزيد من المعرفة بالثوابت التي نقف عليها، ونتحرك على أساسها، أو أنه لا تعنينا أنفسنا, لا يهمك أن تصبح ضحية للضلال، أو لا يهمنا أمر ديننا لا يهمنا، لسنا مسؤولين أمام الله.
تحدثنا في كلام سابق بأن المسؤولية على الزيدية تبدو أكبر من المسؤولية على أي طائفة أخرى، أكبر من المسؤولية على أي طائفة أخرى؛ لأننا - في نفس الوقت - نقول: نحن أهل الحق، ونحن من بين أيدينا مبادئ الإسلام وقيمه بشكل صافٍ ونقي لم نتعرض في تاريخنا إلى أن نحمل عقائد باطلة ندين لله بها، فنحن أهل الحق. إذاً فأنت أنت المسؤول الأول عن هذا الحق أن تعلي كلمته، أن تعلي صوته، أن توسع دائرته في هذه الأرض.
ثم مع هذا نبدو أكثر الناس مللاً, وأقصر الناس نظرة، - وتقريباً - أضيق الناس صدراً، لا نريد نسمع كثيراً، لا نريد أن نفهم كثيراً، متى ما تحدث أحدنا عن علي بن أبي طالب مرتين ثلاث قلنا [خلاص، يكفي] متى تحدث عن أهل البيت قلنا: [يكفي]. إذا تحدث عن قضايا المسؤولية وإشعارنا بمسؤوليتنا قلنا: [يكفي]. ملل وضيق أفق.
ألسنا نرى الآخرين لا يملون من أن يسمعوا ما هو حديث عن معتقداتهم؟ أحياناً حتى داخل مدارسنا العلمية هذه التي عمرها لا تزال ناشئة نسمع أن في داخلها من يقول: [خلاص - يا أخي - يكفي]. أنت أول من تَملْ وأنت من يراد منك أن تخرج داعية للأمة، مرشداً للمجتمع، مرشداً للناس فإذا كنت أول من يمل، أول من يقول: [يكفي] فلن تتحدث مع الآخرين حتى يقولوا: [يكفي] مثلما قلت أنت. ألا يعني هذا بأنا يجب أن نُفَتّح أكثر وأن نفهم أكثر، حتى لا نكون تحت أقدام منهم تحت أقدام منهم تحت أقدام من ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة، حتى لا نبوء بغضب من الله، حتى لا نتعرض لعقوبة الله في الدنيا قبل الآخرة.
وغير صحيح غير صحيح أن تقول: نحن نعيش مستضعفين أذلاء لكن إن شاء الله يوم القيامة ندخل الجنة، ونعيش أعزاء، ونعيش سعداء، ونرى الآخرين وهم في قعر جهنم. ليس صحيحاً هذا. إذا لم تكن أنت من تعمل هنا في الدنيا؛ لأن الجنة هي كما قال الله: {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (آل عمران: من الآية136) مجرد خداع فقط نخادع أنفسنا.
إذاً فلنعي ولنفهم ولنحاول أن نسمع أكثر، ولكن من أين؟ نحن نسمع كثيراً وتسمع أحياناً بغير إرادة منك، أليس الكلام في هذه الدنيا كثيراً؟. أليس الكلام كثيراً في الدنيا هذه؟ تسمع حتى على غير إرادة منك وتشاهد رغماً عنك، تسمع رغماً عنك، وتشاهد رغماً عنك، أنت تمشي في الشارع وذلك الميكرفون في الجامع فيه إنسان مضل يتحدث فتمشي أنت في السوق ورغماً عنك تسمع كلامه.. أليس كذلك؟ يتحرك وراءك بعربية الأشرطة أو سيارة فتسمع رغماً عنك، تلتفت إلى الأرض ترى قطعة صحيفة، قطعة كتاب تقرأها رغماً عنك، لافتة هنا أو هناك [يافطات] تقرأها رغماً عنك، أليس كذلك؟ حتى يصبح الإنسان يتعرض لبعض الأشياء رغماً عنه فيضل رغماً عنه.
عندما نقول: نفتح نسمع أكثر.. نسمع من قناة واحدة، لا يعني بأن نسمع من هنا ونسمع من هناك، كل شيء حاصل من هنا وهناك وهو الذي عانينا منه، إذاً فالزمن بكله والمرحلة بكلها هي نفسها ما سماه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله): ((فتن كقطع الليل المظلـم يمسي المـرء مؤمنـاً ويصبح كافـراً يصبح مؤمنـاً ويمسي كافراً)) ما المخرج؟.
هل المخرج كما يقال: [أن تتثقف أكثر] فتنظر هذا، وتسمع هذا، وتذهب إلى ذاك وتسير عند ذاك، وترجع إلى هذا، وتنظر عند هذا فيقال توسع ثقافتك على أساس أن يكون لديك معرفة ويكون لديك رؤية وأن يكون لديك خبرة، وتطور معلوماتك، وكلام من هذا القبيل.. هل هذا هو الحل؟. لا.
سيكون هذا مفيداً متى ما بدأت تمشي في طريق واحدة وتثقف نفسك أولاً من قناة واحدة فتصبح لديك ثوابت صحيحة، يصبح لديك رؤية صحيحة, مقاييس صحيحة، معايير صحيحة، ثم حينها انطلق في هذه الدنيا، اقرأ أي شيء، تسمع ولو كل قنوات العالم هذا تسمعها أو محطات الإذاعات كلها فيما بعد ستفيدك فعلاً خبرة وبصيرة، سترى كم هي ضالة، سترى كم فيها ما يشهد بصحة ما أنت عليه، حينها لا تكون عرضة إطلاقاً لأن تضل.
بعد أن أخبر الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) بأنه سيأتي بعده فتن كقطع الليل المظلم على هذا النحو هل سكت؟ هو من هو حريص على هذه الأمة أن يرشدها أن يبصرها حتى وإن كان في آخر أيامه، والمرض ينهك جسمه، والموت يدب في أعضائه، ما يزال يحمل حرصاً على هداية أمته.
من خلال الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) سنعرف ما هي هذه القناة، ومن خلال القرآن أيضاً. وأولاً نعرف ما هي هذه القناة التي نعطيها أهمية كبرى أولاً، الله قال في القرآن الكريم يتحدث عنه بأنه هدي {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}(الاسراء: من الآية9) {هُدىً لِلنَّاسِ}(البقرة: من الآية185) {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ}(المائدة: من الآية16) سبل السلام، سلام من ماذا.؟ السلام من الضلال السلام من الهلاك، السلام من الخزي، السلام من العار، السلام من جهنم.
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}(الأنعام: من الآية153) في أكثر من آية يذكر الله سبحانه وتعالى أن هذا القرآن هو هدى {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ}(البقرة: من الآية2) {هُدىً لِلنَّاسِ}، إنه الهدى الذي قال عنه: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى}(طـه: من الآية123).
أثناء الفتن وعند تراكم الفتن هذه التي كقطع الليل المظلم ما الذي يحدث؟ ليست الخطورة فيها في أنه كم قتلى يحصل هنا، كم دمار يحصل هناك لأنه قال فيها، يبين وجه الخطورة فيها على أمته ((يمسي المرء مؤمناً ويصبح كافراً, يصبح مؤمناً ويمسي كافراً)) أي الخطورة فيها خطورة تضليل رهيب والتباس في الأمور، وضلال رهيب، وضلال دقيق، ويأتونك من بين يديك، ومن خلفك وعن يمينك، وعن شمالك {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي}(طـه: من الآية124).
ألم يقل الله بأن هذا ذكر؟ {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}(طـه:124) لماذا يحشر أعمى؟؛ لأنه كان ضالاً عندما أعرض، أعرض فضل. {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ}(طـه: من الآية127) هكذا يكون جزاؤه أن يحشر يوم القيامة أعمى، وأن يعيش في الدنيا عيشة ضنكا.
الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول في حديث رواه الإمام علي (عليه السلام), عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال سمعت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول: ((ألا إنها ستكون فتنة.. فقلت ما المخرج منها يا رسول الله؟. قال: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم)).
قلنا أكثر من مرة بأن القرآن الكريم يستطيع أن يكشف لكل أمـة واقعها، يستطيع أن يكشف لك الواقع.

للإطــلاع على الملـزمـة بشـكل كـامـل
                         شـاهـد المـرفقات...


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر