مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

المرحلة التي تكتمل فيها عملية الحساب ويتحدد فيها المصير بشكلٍ محسوم، هي مرحلة حسَّاسة جداً في يوم القيامة، فالمؤمن فيها يكون مستبشراً غاية الاستبشار، وفرحاً، ومسروراً، وأصبحت كل رغباته وكل تطلعاته إلى لحظات الانتقال إلى الجنة، أمَّا الخاسرون، والخائبون، والهالكون، والمفرِّطون، والمقصِّرون، والمستهترون، الذين مصيرهم بات محسوماً إلى النار، فهي حالة رهيبة ونعوذ بالله منها، حالة من الندم الشديد، حالة من الحسرة، من أسماء يوم القيامة سمِّي في القرآن الكريم بيوم الحسرة، {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ}[مريم: من الآية39]، حسرة شديدة، ندم شديد.

 

الإنسان في تلك اللحظات التي يكون فيها متحسراً، ونادماً، وباكياً، ومستعطفاً، لا يجديه ذلك، يجديك هذا في الدنيا: أن تندم على ما تقصِّر فيه، على ما عصيت الله فيه، هنا في الدنيا يجديك، ينفعك، تتوب، تنيب، تطلب من الله المغفرة، هذا الشهر الكريم جعله الله -سبحانه وتعالى- من الفرص العظيمة لتتوجه إليه بطلب المغفرة، بطلب الرحمة، بطلب العفو، لتنيب إلى الله -سبحانه وتعالى- هنا الفرصة، هنا يجديك، كل شيءٍ هنا له قيمته، الاستعطاف، التضرع، البكاء، الدعاء، الرجوع إلى الله -سبحانه وتعالى- هنا يفيدك، هنا وقته، هناك لا فائدة لذلك، لا رحمة، ولا عطف، ولا عفو عن الباكي المتحسر المستعطف، وكم سيبكي الكثير من الناس آنذاك، من أكثر مواطن البكاء هو البكاء في يوم القيامة، يبكون، كثير ممن كانوا في هذه الدنيا يعيشون حالة القسوة، وقلوبهم أقسى من الحجارة، ولا يستشعرون الخشية من الله، ولا الخوف من الله -سبحانه وتعالى- ولا الحياء من الله، وكانوا يعيشون حالة الاستهتار بكل شيء، آنذاك هم في أنهى مستوى من الخشوع، والخضوع، والخوف، خوف شديد جداً، تكاد قلوبهم أن تخرج من صدورهم من شدة الخوف، {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ}[غافر: من الآية18]، حالة رهيبة جداً من الخوف الشديد، والرهبة الشديدة، والندم الشديد، والحسرة الشديدة، وكل ذلك يكون عذاباً نفسياً لا جدوى منه، وليس له إلَّا هذا: أنه عذابٌ ليس فيه إلا أنه عذابٌ نفسي، هذه حالة خطيرة جداً.

 

حينها تبدأ في تلك اللحظات وفي تلك الأجواء حالة التعبير عن الحسرة والندامة، وعندما تأتي ضمن هذه الترتيبات عملية التقريب لجهنم والتقريب للجنة، وبداية الترتيبات والإجراءات لعملية النقل لأبناء البشر من ساحة الحشر، كلاً سيذهب ويتجه إلى مصيره الأبدي والنهائي، وتفترق البشرية فراقاً نهائياً، قد تفترق الأسرة الواحدة، قد يكون جزءٌ من أبناء الأسرة سيذهب باتجاه جهنم، وجزءٌ من أبناء الأسرة سيتجه باتجاه الجنة، ويفترقون فراقاً أبدياً، لا يلتقون بعدها أبداً، قد يكون على مستوى الذين كانت تجمعهم في هذه الدنيا القرية الواحدة، أو الحي الواحد، ظروف هذه الحياة تجمعهم، آنذاك سيفترقون: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}[الشورى: من الآية7]، هكذا يقول الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم.

 

في تلك الأجواء الرهيبة جداً يقول الله جل شأنه: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ}[الفجر: من الآية23]، وهي لحظة رهيبة جداً، عندما تقترب نار جهنم، ذلك العالم الذي كله بكل بما فيه من العذاب يجسِّد غضب الله -سبحانه وتعالى- وانتقامه، فيه بأس الله، فيه سطوته، جبروته، بقوته، نعوذ بالله من غضبه وسخطه وعذابه، في تلك اللحظة الكثير ممن كان غافلاً في هذه الدنيا لا يسمع، ولا يعي، ولا تنفعه الذكرى في هذه الحياة، {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}[الفجر: 23-24]، يقول في تلك الحالة في تلك اللحظات: {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}، يندم على أنه لم يحسب حساب هذه الحياة الأبدية، التي كانت الأولى بأن يحسب حسابها، وأن يقدم لها، وألا تكون حياةً يعيش فيها العذاب، حياةً خالصةً بالبؤس والعذاب الشديد، ليس فيها ولا لحظة راحة، حالة خطيرة جداً، {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}، يفكر البعض في نفسه كيف فوَّت الحياة في أيام الدنيا، ولم يغتنم الفرصة، وكيف فرَّط فيما يقربه من الله -سبحانه وتعالى- وقد أتاح الله له الفرصة الكافية، وعرض عليه ما فيه الخير له، ما فيه نجاته في هذه الحياة، فيتحسر، ماذا يقول؟ {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}[الزمر: من الآية56]، {يَا حَسْرَتَا}، سيقولها من أعماق أعماق قلبه، يقولها وهو نادمٌ غاية الندم، وهو باكٍ، وهو متألم، وهو يتعذب عذاباً نفسياً، وهو في حالةٍ من الرعب، ومن الإحباط الشديد، ومن الحسرة الشديدة.

 

البعض قد يفكِّر في نفسه وأنه في الدنيا أغواه خليلٌ له، صديقٌ له، ارتبط في الدنيا بصديق، بقرين سوء، فأثَّر فيه، واتجه به في المعاصي، أو انحرف به إلى صف الباطل، أو ورَّطه في جرائم وذنوب، أو أبعده عن طريق حق، وعن أعمال حق، وأعمال خيرٍ ونجاة، حينها سيندم؛ لأنه ارتبط بخليلٍ وصديقٍ أبعده عن التمسك بالهدى، والسير في طريق الهدى، يقول {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا(28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي}[الفرقان: 28-29]، حالة رهيبة جداً يتحسر فيها الإنسان، البعض قد يكون ضمن أناس اتجهوا في هذه الحياة اتجاهاً ضالاً، اتجاهاً خاطئاً، اتجاهاً باطلاً، ارتبط في هذه الحياة بالمستكبرين بأيٍ من فرق المستكبرين: من الطغاة والظالمين، أو من الكافرين، أو من الفاسقين والمجرمين، ممن كانوا في هذه الدنيا يتجهون في هذه الحياة في طريق الباطل، ويتحركون في صف الضلال، فارتبط بهم على ما هم عليه من باطل، هو كان في هذه الحياة إنساناً عادياً، وإنساناً ضعيفاً على مستوى إمكاناته وقدراته المادية، كان إما من الفقراء، أو كان من الناس العاديين، وكان في هذه الحياة يرى أنه سيؤمِّن لنفسه احتياجاته في هذه الحياة، متطلبات هذه الحياة، وأن يعيش أيضاً وضعيةً محترمةً في هذه الحياة لأن ينضم إلى صف أولئك المستكبرين، وأن يدخل في إطارهم، وأن يناصرهم، وأن يقف في صفهم، فيرى في ذلك أنه سيستفيد من جوانب متعددة، فاتجه نحوهم، وارتبط بهم، وترك طريق الحق، طريق الهداية؛ إمَّا كان بدافع الخوف، يرى أن أولئك هم أهل إمكانات وقدرات… وغير ذلك.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

المحاضرة الرمضانية الرابعة1441 هـ

حسم مسألة الحساب.. وتقرير المصير.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر