الإستشعار لقرب لقاء الله -سبحانه وتعالى- وأن تحسب حساب يوم القيامة، وحساب ما ستلاقيه من حسابٍ على أعمالك ومن جزاءٍ عليها، هذا هو الذي يفيد، ولذلك ورد في القرآن الكريم الحديث عن كثيرٍ من التفاصيل؛ حتى ندرك هنا في الدنيا أننا سنلاقي تلك التفاصيل، وأنَّ الإنسان المفرِّط والعاصي والمستهتر سيعيش تلك التفاصيل السيئة والخطيرة هو شخصياً، والإنسان الذي حسب حساب يوم القيامة، واستشعر الجزاء، وأناب إلى الله، ورجع إلى الله، وتاب من خطيئاته، وسعى للخروج دائماً من زلَّاته، وبادر إلى الاستجابة لله -سبحانه وتعالى- فيما دعا إليه، وفيما أمر به، سيعيش كل تلك التفاصيل والأجواء السعيدة والعظيمة والمشرِّفة، وسيعيش لحظات الفوز في ساحة القيامة، ثم ينتقل إلى الفوز العظيم والأبدي والدائم في الجنة.
كل تلك التفاصيل عليك أن تتذكر أنت شخصياً أنك المعني، أنك في حال تفريطك وتجاهلك وغفلتك، قد تكون أنت شخصياً ذلك الذي يتحسر، ذلك الذي يبكي، ذلك الذي يعيش كل تلك الأقوال، وكل تلك المواقف التي هي مواقف خسارة، وحسرة، وعذاب، وشقاء، وذلك الذي ينقل شخصياً إلى جهنم، فيرمى فيها ليبقى فيها للعذاب الشديد والأليم والعياذ بالله.
بينما إذا كنت متنبِّهاً متيقظاً واتقيت الله، كنت في عداد المتقين، الموعودين من الله بالأمن يوم القيامة، الموعودين من الله بالفوز يوم القيامة، الموعودين بالجنة، الذين سيمنُّ الله عليهم بكل ذلك التكريم، وبكل ذلك النعيم، فالمسألة مهمة.
عندما يسمع الإنسان عن تفاصيل كهذه، لا يتصور وكأنها تفاصيل تحكي عن آخرين. أنت شخصياً، أنت احسب حساب نفسك، أنت المعني، وأنت من سيتجه حتماً: إمَّا إلى ذلك المصير إذا أنت سرت في طريقه، وإمَّا إلى ذلك المصير إن أنت سرت في طريقه، فالمعني هو أنت بالتحديد، وليس شخصاً آخر، كل شخصٍ هو معنيٌ، وهذا ما يجب أن نتنبه له وأن نتذكره.
في يوم القيامة لا يمكن للإنسان الامتناع عن الحضور، في الدنيا قد كان يُدعى إلى أعمالٍ صالحة فيمتنع، قد كان يُدعى إلى الجهاد في سبيل الله وإلى النفير في سبيل الله فيمتنع، قد كان يُدعى إلى حضور مجالس الهداية وإلى سماع الهدى فيمتنع، قد كان يُدعى إلى أشياء كثيرة فيمتنع، قد كان في بعض الأحيان إذا ارتكب ذنوباً معينة، أو مخالفات معينة، أو مظالم معينة، يحاول أن يمتنع وأن يدفع عن نفسه الإجراءات العقابية من خلال الاستناد إلى قبيلته، أو إلى حزبه، أو إلى سلطته… أو إلى أي طرفٍ يمكن أن يحتمي به. هناك لا يمكن، لا يمكن أن تمتنع وتستند إلى أي أحد، ولا إلى قوتك، ولا إلى إمكاناتك.
لا يمكنك أيضاً في يوم القيامة التهرب والتملص، في الدنيا قد تتملص وتتهرب من أعمال كثيرة، قد تغلق التلفون؛ حتى لا تضطر وتحرج بالجواب وأنت تدعى إلى عملٍ صالح، قد تحاول أن تختفي في منزلك ولا تتجاوب لعملٍ صالح تخرج فيه، أو تتحرك فيه، وتوصي أقرباءك أن يجيبوا بأنك لست في المنزل، قد تحاول أن تتهرب بأساليب كثيرة للتهرب، في حال المظالم، أو المعاصي، أو المخالفات، قد تحاول أيضاً أن تتهرب وأن تختفي؛ حتى لا تنالك العقوبة. في يوم القيامة لا يمكنك أن تتهرب أبداً، تريد أن تمتنع؟ لا يمكن، يقول الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: {[يس: الآية32]، الكل، كلهم سيحضرون، ولا أحد يستطيع أن يمتنع، ولا أحد يستطيع أن يتهرب، ولا نسيان لأحدٍ من جانب الله -سبحانه وتعالى- ولا انشغال عن أحد، لا انشغال عن أحد بأحد أياً كان،{[الكهف: من الآيتين47-48]، الكل سيأتي بهم الله في ذلك اليوم، ولا يمكن لأحدٍ أن يتهرب، ولا أن يتخفى أبداً.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الرابعة1441هـ
يوم الحساب التجميع والتنظيم وعملية التوزيع.