مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

يعتبر الجهاد في سبيل الله من أهمّ القيم والمبادئ الّتي أحياها السّيد حسين بدرالدين الحوثي في الأمّة في هذا العصر, وقدّمه للأمة من خلال القرآن الكريم برؤية ومنهجيّة صحيحة, وثابتة, وسليمة لا شكّ فيها ولا ارتياب, سار في ذلك على ما سار عليه وانتهجه أنبياء الله العظام, والأئمة الهداة من آبائه الكرام, ولقد قدّم منهجاً قرآنيّاً في الجهاد والشّهادة في سبيل الله لا يوجد له مثيل في الدّنيا قاطبة, وقدّم الجهاد بمفهومه ومنظومته الشّاملة في الحياة روحيّاً, ونفسيّاً, ومعنويّاً, وتربويّاً, وثقافيّاً, وإعلاميّاً, وسياسيّاً, واقتصاديّاً, وأمنيّاً, وعسكريّاً مع مراعاة التراتبيّة والأولويّة بدءاً من جهاد الكلمة إلى جهاد السّيف في كلّ الميادين, ومع كلّ الفئات من منافقين, وعملاء, وكفّار, ومشركين, ويهود, ونصارى, وعاش السّيد "رضوان الله عليه" في حياته مجاهداً قولاً وعملاً حتّى لقيَ الله شهيداً محقّاً, وأصبح لهذه الدّعوة مئات الآلف من الأنصار رجالاً, ونساءً, وصغاراً, وكباراً من المجاهدين الأخيار, والشّهداء الأبرار, ولقد اشتملت الدّروس والمحاضرات على الرّؤية والمنهجيّة القرآنيّة الجهاديّة الشّاملة الّتي الأمّة في كلّ أقطار الدنيا أحوج ما تكون إليها, في مواجهة أحداث هذا العصر والزّمان.

المفهوم الشّامل للجهاد

مفهوم الجهاد في القرآن الكريم هو واسع وشامل بسعة وتعدّد مجالات الصّراع, فيشمل الكلمة, والقلم, والموقف, والسّلاح, وإلى آخره, ويعتبر الجهاد بالكلمة هو من الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر, وسلاحاً فعّالاً في ميدان المواجهة والصّراع مع الأعداء, وواجباً دينيّاً لا يكتمل الإيمان إلاّ به, ويعتبر السّيد أنّ للقلم دوراً مهماً جدّاً في استنهاض الأمّة, ومواجهة الأعداء, يقول السّيد: (القلم يعتبر جهادا إذا كان هو يصدر خطوطا تؤدي إلى القتال فهو جهاد, أما إذا كان يصدر سطورا تجمد الأمة, وتخدع الأمة فيعتبر ماذا؟ يعتبر منافيا للجهاد، يعتبر حربا على كل ما تعنيه كلمة جهاد) سورة آل عمران الدرس الثاني.

والكلمة الجهاديّة لا بدّ أن تكون كلمة قويّة ترتقي بالنّاس إلى درجة القتال في سبيل الله، وتحيي في نفوس الأمّة الرّوح الجهاديّة, والقتاليّة, يقول السّيد: (الكلمة نفسها إذا لم تأخذ بالبال أن تكون كلمة تحرك في مشاعر الأمة أن تصل بنفسها إلى درجة القتال لأعداء الله فهي كلمة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار) سورة آل عمران الدرس الثاني.

ويعتبر مصطلح الجهاد في سبيل الله هو المصطلح القرآنيّ الّذي يجب أن يترسّخ ويعمّم في أوساط الأمّة, وتتربّى عليه في المساجد, والمدارس, والجامعات, والخطب, والمحاضرات, وفي هذه المرحلة يعتبر هذا المصطلح القرآنيّ محارباً بشدّة من قبل اليهود, والنّصارى, وعملائهم, ويسعون إلى إلغائه من ثقافة الأمّة, واستبداله بمصطلحات بديلة, ضيّقة, وهزليّة, يقول السيد: (ألغيت كلمة الجهاد فحل محلها مناضل, مقاوم, حركة مقاومة, مناضلين, انتفاضة, ومن هذا النوع, ألم تغب كلمة الجهاد من أوساط المسلمين؟ على يد من غابت؟ على يد اليهود, هم الذين يفهمون كيف تترك المصطلحات القرآنية أثرها في النفوس فيعملون على إلغائها, يعملون على نسفها من التداول في أوساط المسلمين) سورة آل عمران.

ويوضّح السّيد عظمة الألفاظ القرآنيّة, وجمالها, وهي تعبّر عن صفات المجاهدين في سبيل الله, فيقول: (تجد الألفاظ هذه ما أجملها وهي تعبر عنهم تعبيراً يصورهم تصويراً أمامك، تتخيلهم ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾[المائدة:54] جهاد، جهاد في سبيل الله ﴿وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ﴾ [المائدة: من الآية54] فلأن هذا الميدان هو ميدان صراع متكامل يجاهدون بالكلمة، يجاهدون بالمال، يجاهدون بالقلم، يجاهدون بالسيف، يجاهدون بمختلف الأسلحة التي يمكن أن يحصلوا عليها، جهاد، يجاهدون جهاد بناء للأمة, وجهاد يهدم أعداء الله) سورة المائدة الدرس الأول.

ويبيّن السّيد أنّ معنى الجهاد في سبيل الله هو بذل الجهد في كلّ المجالات لإقامة دين الله, الجهاد بمفهومه الشّامل في مسيرة الحياة, وحركة الأمّة, الّذي يشمل القلم, ويشمل الكلمة, والموقف, والبذل, والعطاء, والسّلاح بمختلف أنواعه, وإعداد الأمّة نفسيّاً, ومعنويّاً, وتربويّاً, وثقافيّاً, وعسكريّاً, إلى آخر القائمة الشّاملة لكلّ مفهوم الجهاد وشموليّته, فيقول: (الجهاد معناه: بذل الجهد في كل المجالات لإقامة دين الله، لم يعد يعتبر الموقف من العدو نفسه إلا موضوعاً من مواضيع إقامة دين الله الذي يبدأ من داخل الناس أنفسهم هم، استقامتهم فيما بينهم، ألم نتحدث عن هذا سابقاً؟ القضايا الأساسية لأمة تتحرك لأن تجاهد أن تقدم نفسها نموذجاً فعلاً في التعامل فيما بينهم، في صدقهم مع بعضهم بعض، في إخائهم، في تآلفهم، في قوتهم، في منطقهم، في حكمتهم. بمعنى: العمل لإقامة دين الله، هذا هو الجهاد في سبيله، يشمل الكلمة، ويشمل القلم، ويشمل أشياء كثيرة جداً، ويشمل السلاح بمختلف أنواعه، فالجهاد هو هذه القائمة الواسعة، تتحرك فيها لا تنظر إلى مجال دون مجال، لا تنظر إلى مجال الكلمة، وتنسى موضوع إعداد القوة، قوة السلاح؛ لأنك ستخسر، كلمتك تتبخر في الأخير، لا تركز فقط على موضوع إعداد السلاح دون أن تعرف القضايا الأخرى التي يجب أن تعدها، القضايا النفسية، والمعنوية، والتربوية، والثقافية.. إلى آخره، هذا هو الجهاد في سبيل الله، لا أن تقول الجهاد كذا، أو الجهاد كذا) سورة المائدة الدرس الثاني والعشرون من دروس رمضان.

ويبيّن السّيد أنّ المجاهدين في سبيل الله ينطلقون من منطلق الحبّ لله, والتّضحية في سبيله, والإخلاص له, من منطلق القيم والمبادئ, والوعي الكبير, والاستشعار العالي للمسؤولية, لأنّ منطلقات الجهاد في سبيل الله هي قيم, ومبادئ, ومواقف محقّه وعادله, وليست منطلقات ماديّة, ولا دنيويّة, فيقول: (لأنهم يحبون الله والله يحبهم، فهم يبتغون بجهادهم رضاه، ما أعظم أن ينطلق الإنسان في سبيل الله, وما أعظم أمه تنطلق للجهاد في سبيل الله حيث ستكون فيما بينها أقرب إلى أن يتحقق علي يديها النصر, أي ليسوا من أولئك الذين ينطلقون إذا كان هذا أو ذاك سيعطيهم بنادق وفلوس وطحين ومصروف وصرفة وأشياء من هذه. ما كانوا أيام الثورة يوم ملكي ويوم جمهوري؟ يسير لبندق من عند الملكية، ويقول ملكي، وراح في يوم ثاني ودخل بـ[زامل] للجمهورية وقال جمهوري وصرفوا لهم بنادق وفلوس، هؤلاء متعيشين، هؤلاء يسمون مرتزقة، مرة هنا ومرة هنا. أما هؤلاء فهم يهمهم أن يجاهدوا في سبيل الله وعندما ينطلقون في الجهاد في سبيل الله ينطلقون بأموالهم وأنفسهم) سورة المائدة الدرس الأول.

وعند قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ﴾[المائدة:54] يوضّح السّيد صلابة, وقوّة عزيمة ونفوس المجاهدين, الذين لا يثنيهم شيء عن انطلاقتهم الجهاديّة, وتتبخّر كلّ المحاولات الرّامية لتثبيطهم, وثنيهم عن الجهاد في سبيل الله, فيقول: (أيَّ لومة كانت، وأي لائم كان؛ ولأنهم هم أصبحوا إلى درجة أنهم لا يخافون ممن يمكن أن يحذرهم من القتل؛ لأنهم مجاهدون؛ ولهذا لم يأت ليقول ولا يخافون مثلاً من يهددهم بالقتل، أو من قد يقول قد تتعرضون للقتل أو أشياء من هذه؛ لأنهم هم مجاهدون والمجاهدون في سبيل الله هم يبحثون عن الشهادة، أن تخوفه بالقتل ستخوفه بماذا؟ ﴿ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾ [التوبة: من الآية52] تخوفه بالحسنى بالنصر، أو تخوفه بالحسنى بالشهادة، ليس هناك ما يمكن أن تخوفه به.

يمكن أن يكون هناك لومة لائم من قريب من بعيد، من يقول له: [يا أخي ما عادك أحسن من فلان، هو ذا عندك من أولياء الله جالس أما أنت فبا تقوم تتحرك عادك أعلم منه عادك اما أنت كذا.. كذا] بيجي لوم كثير وبوسائل متعددة، هم ليسوا ممن يخافون لومة لائم. أما أنهم يخافون قتل، أو يخافون سجون أو يخافون أي شيء هم مجاهدون. هم أعزة مجاهدون فينطلقون برغبة، فأن تخوفه مما يرغب فيه فليس معقولاً، وليس منطقياً أن تخوفهم مما هم يرغبون فيه) سورة المائدة الدرس الأول.

ويبيّن السّيد أنّ الجهاد في سبيل الله فضل من الله ونعمة على عباده، واختصاص يؤتيه من يشاء ممّن هم مؤهلون لنيل فضل الله ورضوانه، فيحظون بفضل وشرف الجهاد في سبيل الله, فيصطفيهم الله, ويؤهلهم لهذا الفضل, لأنهم مؤهلون وجديرون بهذا الاختصاص, فيقول: (ثم هل هؤلاء يعتبرون ناس حمقى أو تورطوا؟. لا. هم ممن حازوا الفضل، هم من أصبحوا وحدهم من حازوا هذا الشرف العظيم ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ ﴾[المائدة:54] ما معنى فضل الله؟. فضل الله أن يهيئهم هم أن يكونوا هم من يحظون بأن يكونوا على هذه الصفة، من يكونوا بدلاً عمن تقاعدوا وتوانوا وتخاذلوا. أليس هذا اصطفاء من جانب الله لهم؟. تفضيل من الله لهم أن اختارهم هم؟ أن اصطفاهم هم ليكونوا بدلاً عن أولئك المتقاعسين المتوانين المثبطين المتعرضين للارتداد؟ فهم هم مفلحون هم فائزون، وليسوا متورطين.

﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ ﴾[المائدة:54] وهو فضل من الله أن يكونوا هم من يقوم بهذه المهمة بهذه المسؤولية التي يعد القيام بها فضلاً من قبل الله سبحانه وتعالى ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾[المائدة: من الآية54] عاد فيها يؤتيه من يشاء، وليست المسألة تكاد أن تكون مجرد اختيار من قبل الناس هنا أو هنا، بل قد يكون من قبل الله هو أن يرى أمة من الأمم أن يرى ناساً من الناس مؤهلين وجديرين بأن يؤتيهم ذلك الفضل وبأن يكونوا ممن يستحق هذا الفضل العظيم، ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة: من الآية54].

الله واسع الفضل ﴿ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ﴾ [النساء: من الآية95] ففضله واسع، فضله واسع وهو العليم بمن هو جدير بفضله، بمن هو جدير بأن يصطفيه لمثل هذه المهام التي يتقاعس عنها الكثير من الناس، وإن كانوا يحملون اسم الإيمان) سورة المائدة الدرس الأول.

ويؤكّد السّيد على أنّ ميدان الجهاد في سبيل الله هو النّاس, والعمل على إنقاذهم, وتحريرهم, وهدايتهم, وأنّ المؤمن الحقيقي الذي تعظم علاقته بالله وتصدق, هو من ينطلق ليجاهد في سبيل الله في كلّ ميادين الجهاد, ويبذل جهده في العمل على إنقاذ المستضعفين من عباد الله وتحريرهم, فيقول: (المؤمن يهمه قضية الآخرين إلى درجة أن يقاتل في سبيلهم كما حكى الله عن المؤمنين: ﴿وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً﴾ [النساء:75].

إن الله يريد من المؤمنين حتى أن يصلوا إلى درجة أن يقاتلوا لإنقاذ الآخرين، فكيف لا أبذل من مالي جزءاً بسيطاً قيمة شريط أو شريطين ليصل إلى الآخرين، كيف أبخل بالكلمة التي قد تنقذ شخصاً، كيف أبخل بالنصيحة كيف أبخل بالمشاركة في موقف يكون فيه إنقاذ للآخرين, المؤمن يهتم بكل شيء، وميدان اهتمامك كلما قويت علاقتك بالله, ميدان اهتمامك هو يتوجه إلى الناس, وإلى الحياة, أما الله سبحانه وتعالى فكلما تعززت علاقتك به لا يمكن أن يصل منك شيء إليه أو تعمل له شيئاً، هو سبحانه وتعالى ليس بحاجة إلى شيء منا, كلما ترسخ الإيمان في قلبك كلما تعززت علاقتك بالله فإن الميدان الذي يعكس إيمانك القوي وعلاقتك القوية بالله هو الناس, ميدان الحياة.

الجهاد في سبيل الله أين ميدانه؟ هل أن هناك جبلاً جعله الله وسماه سبيله، يمشي الناس يطلقون الرصاص على هذا الجبل؟ أو ميدان العمل في سبيل الله؟ والجهاد في سبيل الله هو الناس أنفسهم؛ أن تعمل لإنقاذهم لهدايتهم؟ فإذا ما أحسست في نفسك بقوة علاقة بالله فلا تظن أن هذا هو كل شيء، وأن هذا هو المطلوب: أن أرى نفسي أكرر ذكر الله سبحانه وتعالى, وأرى قلبي ممتلئاً بحب الله ثم أرتاح لهذه الحالة.

افهم هذه الحالة كل المطلوب من ورائها هو أن تنطلق في ميدان العمل لإنقاذ الآخرين, وهداية الآخرين, أين كان يتوجه إيمان رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)؟ ألم يتجل كل ذلك في حرصه على الآخرين؟) معرفة الله وعده ووعيده الدرس العاشر.

ويعتبر الجهاد في سبيل الله من كمال الإيمان, ومن مواصفات المؤمنين الصّادقين في إيمانهم, وعلى المؤمنين أن يعملوا بكلّ جدّ على تربية أنفسهم التّربية الجهاديّة الّتي يربّيهم عليها القرآن الكريم, ويوضّح السّيد أنّه لا يمكن للأمّة أن تتربّى التّربية الإيمانيّة الجهاديّة إلاّ على يد أهل بيت رسول الله المجاهدين, فيقول: (فالذي اتضح جليا أن الكثير من حكام المسلمين بما فيهم حكام هذا العصر لا يمكن بواسطتهم ومن خلالهم أن يقوموا بتربية الأمة تربية إيمانية تترقى بهم في درجات كمال الإيمان، ونحن نجد أنفسنا، وكل واحد منكم شاهد على ذلك, بل ربما كل مواطن عربي في أي منطقة في البلاد العربية شاهد على ذلك.. أنه متى ما انطلق الناس ليربوا أنفسهم تربية إيمانية من خلال القرآن الكريم بما في ذلك الحديث عن الجهاد في سبيل الله, وعن مباينة أعداء الله، وعن إعداد أنفسهم للوقوف في وجوه أعداء الله كلهم يحس بخوف من سلاطينهم ومن زعمائهم.

أليس الجهاد في سبيل الله هو سنام الإسلام؟. كما قال الإمام علي (عليه السلام)، أليس الجهاد في سبيل الله هو شرط أساسي من شروط كمال الإيمان؟. هذا هو ما أضاعه سلاطين المسلمين في هذا العصر, وإلغاؤه هو ما كان ضمن مواثيق [منظمة المؤتمر الإسلامي] أن لا يكون هناك حديث عن الجهاد، وهم من استبدلوا كلمة: جهاد، بكلمة: نضال، ومناضل، ومقاومة، وانتفاضة، وعناوين أخرى من هذه المفردات التي تساعد على إلغاء كلمة: الجهاد التي هي كلمة قرآنية, كلمة إسلامية.

أي مؤمن يمكن أن يقول أو أي إنسان يمكنه أن يقول أن بإمكانه أن يكون مؤمنا دون أن يكون على أساس، دون أن يكون إيمانه على أساس مواصفات المؤمنين في القرآن الكريم، لا يستطيع أحد أن يدعي ذلك.

إذاً فهل هؤلاء يسعون إلى أن يربوا الأمة تربية إيمانية؟ لا. التربية الإيمانية لا تكون إلا في ظل أهل بيت رسول الله، لا تكون إلا على يدي أهل بيت رسول الله (صلوات الله عليه وعليهم)، هذا ما شهد به التاريخ, وارجعوا أنتم إلى التأريخ كله بدءاً من يوم [السقيفة] إلى الآن) في ظلال دعاء مكارم الأخلاق الدرس الثاني.

ويؤكّد السّيد أنّ الجهاد في سبيل الله, والعمل الجادّ على نصر دين الله هو من أبواب العلم, والمعرفة, والحكمة, والنّور, والهدى, والبصيرة, فمن يعملوا ويتحرّكون في سبيل الله يحصلون على العلم والمعرفة, لأنّهم يحتاجون في مسيرتهم وحركتهم لأشياء كثيرة جدّاً, يدفعهم العمل والجهاد لنيلها, ويهديهم الله من خلال القرآن الكريم للحصول عليها, فيقول: (ولهذا أن موضوع الجهاد في سبيل الله، حمل مسؤولية الدين هي وسيلة من وسائل المعرفة، باب من أبواب العلم, عندما تقحم نفسك في عمل في سبيل الله تجد بعد كم هناك عن مشاكل، وكم هناك من حاجة إلى حلول، وتجد مشكلة يتفرع منها مشاكل، وحل تجد له ذوق، تجد هناك حاجة ماسة إليه, هنا تزداد معرفة، تزداد هدى, لكن إذا أنت مقفِّل ذهنيتك ما هناك شيء, ما تهتم بشيء، وفي نفس الوقت تغلق على نفسك باب من أبواب المعرفة الواسعة الذي هو باب العلم حقيقة؛ لأن العلم بكل سعته، بحكمته هي في القرآن، والقرآن ما يعطي إلا من يتحركون له، ما يعطي أحد لو كان كيفما كان, لو كان عبادة كيفما كان وهو يجلس محله لن يعطيه شيئاً, أشياء بسيطة سيعطيه, لكن مع حركته في سبيل الله، يعني حمل قضية الدين بكل ما تعني، نصر دين الله، إعلاء كلمة الله، إرشاد عباد الله، دفاع عن دين الله, هذا العنوان الكبير تتحرك فيه, في القرآن الكريم تلمس كم فيه من هدى, كم فيه من نور، كم فيه من حكمة، كم فيه من معارف جمة؛ لأن الحياة هذه هي مطبوعة بالحركة، حركة على طول، لا يوجد وقفة فيها نهائياً) مديح القرآن الدرس الثالث.

وعند قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾[البقرة:190] يبيّن السّيد أنّ من نعم الله على النّاس أن تُقدّم لهم قضية كبيرة يعملون فيها, وتستغرق ذهنيّاتهم, فيترفّعون عن الوقوع في الأمور والقضايا الهامشيّة, وتكون نظرتهم للحياة كبيرة وشاملة, وهذه القضيّة الكبيرة الّتي يجب أن يحملها النّاس هي قضيّة الجهاد في سبيل الله, والعمل على نصر دين الله, وهذه القضية هي تعتبر مهمّة جدّاً في مجال تحقيق معرفة الله, وتحقيق المعرفة الشّاملة بالحياة, فيقول: (من نعمة الله على الناس ألا يكونوا في حالة فراغ يحول بينهم وبين المعرفة، يكونوا منشغلين بقضايا هامشية، الناس يقدم لهم قضية كبيرة قضية كبيرة في عنوانها: القتال في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله، العمل لإعلاء كلمة الله، هذه قضية مهمة جداً في مجال المعرفة، في مجال معرفة الله بالذات، هامة جداً، في مجال المعرفة في كثير من الأشياء التي يجب أن يعملها الناس فتبنى الحياة بكلها، لا يعيش في حالة فراغ. إذا عاش الإنسان في حالة فراغ يكون في الأخير يكون بالشكل هذا: أسئلة هامشية اهتمام بقضايا لا تمثل شيئاً. إذا حمل الناس اهتماما كبيراً، وقضية كبيرة، استغرقت ذهنياتهم، استغرقت اهتمامهم، فترفعوا عن الأشياء التي لا تفيد في نفس الوقت، الأشياء الهامشية في الأسئلة، أو في الاهتمامات) سورة البقرة الدرس التاسع من دروس رمضان.

وعندما يذوب النّاس في العمل في سبيل الله, وتكون عندهم الجدّيّة والاهتمام بالجهاد, فإنّ لهذا أثره العظيم عليهم حتّى فيما يتعلّق بقضاياهم الخاصّة, وله أثره الإيجابي على وحدتهم, ووحدة كلمتهم, وصلاح ذات بينهم, لأنّهم يكونون في حالة عظيمة من المودّة والأخوّة, والحرص الشّديد على حلّ كلّ مشاكلهم, ولأنّهم ذهنيّاً وعمليّاً مشغولون بقضيّة كبيرة تشغل بالهم, وتسيطر على مشاعرهم, هي قضيّة الجهاد في سبيل الله, يقول السّيد: (عندما يكون الناس عندهم اهتمام فيما يتعلق بالعمل في سبيل الله ستجد أثر هذه عليهم، هم فيما يتعلق بقضاياهم الخاصة، فإذا حصل نزاع فيما بينهم يكونون قريبين إلى أن يحلوا مشكلتهم بسرعة. فإذا الناس في حالة فراغ، ليس عندهم أي اهتمام، سيجلسون يتشاجرون بعضهم عشر سنين وهم متشاجرون، طالع ونازل، أو كل يوم، أو كل أسبوع إلى المحكمة سنين، ومستعد يشاجر عمره، قضية قد تكون في الأخير لا تساوي ما يضيعه من وقت، الذي يشاجر عليه، لماذا؟ لأنه فارغ. فعندما يكون الناس فارغين يحدث في الواقع أنه يحصل فيما بينهم كثير من الخلاف والشقاق، فإذا بدت مشكلة، جلست مشكلة سنين، وتترك آثارها السيئة في وسطهم، تمزق صفهم، تفسد ذات بينهم. إذا هناك اهتمام بقضية كبيرة تبعد الناس عن الأشياء هذه التي تفسد ذات البين، وفي نفس الوقت إذا ما طرأت مشكلة يكونون قريبين لحلها، لأنهم مشغولون لا يريد أن تشغلهم القضية هذه، يقنع منك بيمين فقط، أو من أول جلسة، من أول جلسة أنت قدمت ما عندك، وهو قدم ما عنده، وحكم بينكم الحاكم، ومع السلامة، وتسيرون سواء في القضية الهامة التي هي مسؤولية عليكم جميعاً) سورة البقرة الدرس التاسع من دروس رمضان.

مقوّمات الجهاد في سبيل الله هما الجهاد بالمال، والجهاد بالنّفس، وقد قدّم القرآن الكريم قضيّة الجهاد في سبيل الله بالمال والنّفس قضيّتان مرتبطتان, وعمليّة واحدة لا يقوم الجهاد إلاّ بهما, يقول السّيد: (هنا يلاحظ الإنسان أهمية الجهاد في سبيل الله، والإنفاق في سبيله بأنها قضيتان مرتبطتان، بل قدمها في آيات أخرى سماها جهاداً كلها ﴿وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ﴾[التوبة: من الآية20]. ألم يجعلها عملية واحدة جهاداً بالمال وبالنفس، جعل الإنفاق في سبيله عبارة عن جهاد، وجعل مقومات الجهاد هي هذه. جهاد بالنفس وبالمال) سورة البقرة الدرس العاشر من دروس رمضان.

ويؤكّد السّيد أنّ كلّ القضايا الّتي تناولها الدّين كلّها تعتبر وسائل عمليّة وتربويّة تهيّأ النّاس للجهاد في سبيل الله, تصبّ في خدمة الجهاد في سبيل الله, ونشر دينه, ومحاربة أعدائه, فيقول: (الصلاة, الزكاة, الحج, الصيام, كلها في خدمة المبادئ المهمة التي ركز عليها القرآن والتي أعلاها الجهاد في سبيله والعمل على نشر دينه, ومحاربه أعدائه) معرفة الله وعده ووعيده الدرس الحادي عشر.

ويؤكّد السّيد أنّ الواقع الذي يفرضه القرآن الكريم على المسلمين في بنائهم وتربيتهم, هو أن يكونوا هم السّبّاقون إلى ميادين الجهاد, والقتال في سبيل الله, وأن يكونوا على أعلى مستوى من الاهتمام, والتحرّك في الأرض, لإعلاء كلمة الله, ونشر دينه, وهم من يجب أن ينطلقوا لنشر الإسلام في كلّ بقاع الدّنيا, وضرب الطّواغيت, والظّالمين, والمفسدين أينما وجدوا, فيقول: (الواقع الذي يفرضه القرآن الكريم أن المسلمين حتى وإن لم يغزوا إلى بلادهم, وإن لم يصل فساد الآخرين إلى بلادهم هم مكلفون, هم ملزمون من جهة الله سبحانه وتعالى أن يهتموا على أعلى مستوى من الإهتمام أن يكونوا هم من يتحركون إلى الآخرين هم من ينطلقون ليصلوا بإسلامهم إلى أعماق أوروبا, ليصلوا بإسلامهم إلى أمريكا ليهدوا كل بناء للطواغيت في أي مكان من هذه الدنيا, هذا ما يفرضه القرآن الكريم, وهذا ما أهل القرآن الكريم هذه الأمة لأن تنهض به) وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر