وجههم بطريقة جميلة هي في نفسها ترويض في عملية الإنفاق، وكل شيء يحتاج إلى ترويض بالنسبة للنفس، تحتاج أنت أن تروض نفسك وتحتاج أنت إلى أن تروض أولادك أيضاً. يبدأ الترويض فيما يتعلق بجانب معين هو: الأقارب، الوالدين، والأقربين، قضية ليست صعبة جداً بالنسبة لك أن تنفق للأقربين، كذلك أشياء كانت معروفة عند العرب باعتبارهم أمة لديهم نفوس جيدة فيما يتعلق بالكرم، فيما يتعلق بفعل المعروف كانوا معروفين بهذا، بالسخاء، وبالكرم، هناك مثلاً اليتامى والمساكين، وابن السبيل.
ثم يبين أهمية هذه، هذه الفئات من المجتمع مهما كان الناس في أحلك ظروفهم فيها يجب أن لا ينسوا، لأنه متى ما نسي هذه الفئات، أقاربك محتاجون، والداك محتاجان، أو هناك يتامى، ومساكين، وابن سبيل مسافرون يحتاجون ، يعطيهم الناس حتى وإن كانوا في مراحل جهاد تتطلب أكبر نسبة من أموالهم؛ لأن هنا في الموضوع أنك تعطي شيئاً هو من اهتمامات الدين في نفس الوقت، أو تعطي لفئة، الدين هو يهتم بها في نفس الوقت، ثم مشاعرهم لا يكون هناك في المجتمع فئة تتحول إلى معادية لنفس الخط لأنها ترى أن الأموال كلها تستنزف في هذا مهما كان عظيماً .
الحاجات الخاصة تترك أثرها في النفس، مهما كان عظيماً، قد يحصل لديهم عقدة [كل ما قلنا قالوا مشغولين نحن نريد في مجال كذا في مجال كذا.. على طول على طول.] أن تنفق في سبيل الله مجال هام جداً لكن في نفس الوقت لاحظ أن لا توجد في المجتمع فئة تصبح معادية لهذا التوجه باعتبار أنها تراه يستغرق كل شيء، متى ما تحول فقراء، أو مساكين، أو أيتام، أو كذا..إلى ناس لديهم هذه النظرة، أو أقارب لك لديهم هذه النظرة ستنطلق من أفواههم كلمات فيها نوع من التثبيط، فيها نوع من العتاب، فيها نوع من الغضب، فملحوظ في مجال بناء الأمة بشكل عام هذه الأشياء،لا تكن حريصاً أنك تبني خارج، وأنت تخلخل داخل.
فهذه القضية هامة في أنها تعود الإنسان على أن ينفق، تروض نفسه على أن يعطي، وفي نفس الوقت فئات لا تنسى. نقول لهذه الفئات، مثلاً في مرحلة معينة: يكفيكم أنه مقدار معين مثلما قال الإمام الهادي، أذكر أن الإمام الهادي قال في مرحلة معينة كانت حرجة جداً: أن يصبر الفقراء، يصبروا فترة وإن شاء الله عندما تنكشف القضية التي هو فيها محرج فيها في موضوع جهاد على أساس، مثلاً غزوة معينة، أو فترة محدودة، لكن هنا ما الذي عمل الإمام الهادي؟ حاول أن يخاطب الفقراء، فالفقير عندما تخاطبه المسكين عندما تخاطبه تقول: [نحن نهتم بكم جداً، ونحن فعلاً نتألم لحاجتكم، لكن ظرف معين تفهمون بأننا نحاول نحن أن نصبر، وأن نخفف من نفقاتنا الخاصة، أنتم كذلك وإن شاء الله عندما تتحسن الوضعية، أو يخرج الناس من إشكالية معينة نحاول نعطي أكثر، أو نعطي الشيء المعتاد].
كلمة طيبة، يفهمون بأنهم محط اهتمام لدى الناس، ويفهم بأنها قضية ليست قضية ثابتة على طول. أي: أن هناك شيء قدم ليصرف المجتمع، ليصرف المتعاونين، المحسنين عن أن يقدموا لهم فيعتبر أنها ستكون طريقة على طول، وأنه قد صار هناك توجيهاً يقوم على أنه يصرف الناس في مجال إنفاقهم، وعطائهم إلى شيء معين، يصرفهم عنهم، وبطريقة يفهمونها وكأنها حالة ثابتة، وحالة دائمة!.
عندما يقول الناس، وهذه القضية هامة، إذا واحد ـ مثلاً ـ متعود على أن هناك فقراء معينين يعطيهم، يذكرهم هو: [أننا في مرحلة لا تكن أنت منتظر بأنه يعني: تريد يتوفر لك [لحمة] كل يوم، وتريد مصاريف كثيرة، وتريد..وتريد.. خفف قليلاً، وإنشاء الله عندما يفتح الباري علينا أكثر، أو عندما تتحسن وضعية الناس نعطي، نحن نحاول نقلل نحن في نفقاتنا ـ يقول له هكذا ـ ونحن لا ننساكم ونحن].. هذه قضية هامة، وقضية ملموسة فعلاً في المجتمع، ملموسة.
أيضاً أن يفهم الفقير نفسه، والمسكين نفسه، وابن السبيل نفسه بأنهم ناس هم عليهم مسئولية أيضاً عندما تكون أنت فقيراً ليس لديك أموال، يأتيك مساعدات من الناس حاول وأنت أيضاً أن تقدم بمقدار ما تستطيع أن تقدمه، أن تعوّد نفسك أنت على العطاء في سبيل الله، وتعرف بأنك لا تخرج من المخاطبين في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، أو في قوله: {وَأَنْفِقُوا} وفي كل ما فيه أمر إلهي يوجه للناس جميعاً، ويلحظ أيضاً وضعية كل إنسان بمفرده.
هنا لم يأت الجواب عن ماذا ينفقون، أجاب عن محط الإنفاق، وبطريقة جميلة جداً يعني: طريقة فيها ما يكشف نوعاً من الإهتمام بالفئة هذه، وهذا الشيء مهم؛ لأنه في خلال آيات الجهاد ذكر الإنفاق في سبيل الله، ألم يذكر في نفس السورة هذه الإنفاق في سبيل الله؟ {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (البقرة: من الآية195) ويأتي بعد آيات يذكر فيها الثواب الكبير جداً للإنفاق في سبيل الله فهنا قد يترسخ في ذهنية الإنسان توجه معين ينسيه فئة في المجتمع، هي فئة من؟ الأقارب، وفئة اليتامى، والمساكين، وابن السبيل.
هل ذكر هنا سبيل الله؟ ما ذكرها هنا، هذا عملية تكامل، أو موضوع قدم فيه توجيه متكامل أن تنفق في سبيل الله، وتهتم بالإنفاق في سبيل الله، ولا يكون على حساب بنسبة كبيرة، نفسيات وحالة الفئة هذه من الأقارب وغيرهم الذين حكاهم في الآية، اليتامى والمساكين، وابن السبيل. هذه الآية بالنسبة للفقراء، بالنسبة للفئة هذه، أليست هي في حد ذاتها ترى أن الله يهتم بهم؟ ـ إذا صحت العبارة ـ ما نملك إلا هذه، يهتم بهم، أو نقول: القرآن الكريم يعطي حالتهم اهتماماً، ويجعلهم محط اهتمام لدى الناس عندما يقول: {قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (البقرة: من الآية215) لايضيع أجر الإنسان، ويضاعف أجره.
هناك في آية أخرى بعد: {وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} ماذا ينفقون؟ {قُلِ الْعَفْوَ} (البقرة: من الآية219). أي لستم هنا موجهين بأن تنفق كل ما لديك، كما قال الله هناك في آية أخرى لرسول الله (صلوات الله وعلى آله) {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} (الاسراء:29). يعني: لا تبسط وفي الأخير تحس بحرج بالنسبة لك، بالنسبة لأسرتك، بالنسبة لأشياء يكون فيها إلتزامات مالية عليك، بالنسبة لضيوف معينين، بالنسبة لابن السبيل، بالنسبة لأشياء كثيرة تكون {فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} (الاسراء: من الآية29) يعني: كأن المطلوب أساساً، المطلوب أساساً هو: الإنفاق، أن الإنسان ينفق. والعفو يعني: الشيء الذي لا يؤدي إخراجه إلى إجحاف إجحاف بك أنت، والموضوع مفتوح، موضوع الخير، لكن هنا في الشيء المطلوب ولو أن الناس، لاحظوا لو أن الناس يعطون من هذا، من العفو أنه سيأتي شيء كثير جداً في سبيل الله من العفو نفسه. والعفو معناه: ما يقابل ـ تقريباً ـ الضروري، شيء زائد على الضروري، شيء إنفاقك منه لا يوجد إجحافاً بالإنسان على الحالة تلك التي حكاها في الآية الأخرى: {فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} (الاسراء: من الآية29).
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
[الدرس العاشر من دروس رمضان الصفحة [2 ـ 4] ]
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.