ولهذه المرحلة الختامية أتى من الله نورُه الأعظم برسولِه الخاتَمِ ورسالتِه الخَاتِمَة وكتابِه المجيد الخالد، قال تعالى:
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا }[النساء:174]
إنه مولدُ ومبعثُ ومجيئُ محمدِ بنِ عبد الله بنِ عبد المطلب بن هاشم في مكة البيتِ الحرام.
بعد أربعين يومًا من عذاب أصحاب الفيل الذين جاؤوا لهدم الكعبة (أول بيت لعبادة الله وضع في الأرض) وفي يوم من أيام مكة المكرمة، في الثاني عشـر من ربيع الأول وُلد السراج المنير، البشير النذير، وُلد المبعوث رحمة للعالمين، وُلد محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم من ولد إسماعيل ‹عليه السلام›، وُلد شاهدًا بتوحيد الله، وُلد ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وُلد استجابةً لدعوة نبي الله إبراهيم الخليل ‹عليه السلام›
{ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }[البقرة:129]
لقد كان مولد رسول الله ‹صلى الله عليه وعلى آله وسلم› في عام الفيل تلك الحادثة العجيبة، وكان للحادثة بنفسها علاقة بإرهاصات القدوم المبارك لخاتم الأنبياء.
الكون كله في فرح وسعادة وابتهاج بهذا المولود الجديد الذي تشع من وجهه الرحمة الإلهية، والهيبة الربانية إنه حبيب الله اصطفاه على الناس أجمعين من خير أسرة، يعيش مع أمه آمنة بنت وهب القرشية، ترضعه وترعاه في بيت سيد قريش جده عبد المطلب، تلاعبه وتناغيه وتحنو عليه، وهو يعتمد على يديه وركبتيه يحبو إليها ليرضع حتى ينام في حجرها.