ولو تأملنا من خلال هدايته للناس، من خلال تشريعه للناس، من خلال تدبيره لشؤون عباده، لشؤون مملكته لوجدنا ما يبهرنا من مظاهر رحمته بنا، لوجدنا ما يبهرنا من مظاهر حلمه عنا. رحمته الواسعة بنا ونحن ما نزال في بطون أمهاتنا، وبهذا ذكَّرنا في القرآن الكريم.
رحمته بنا ونحن في أحضان أمهاتنا، يعطفن علينا بقلوب مليئة بالرأفة والشفقة على الرغم من أننا نكون في ظرف لا ننفعهن فيه بشيء، بل نؤذي الأمهات. أليس الولد يؤذي أمه بأشياء كثيرة؟ يقلقها وقت نومها، يقلقها أثناء عملها، يوسخ ثيابها، وتخدمه بكل رغبة، تخدمه بكل ارتياح، يعجبها وترتاح حتى بأن تسمع صوته، وإن كان في منتصف الليل بعد أعمال شاقة طول النهار، يعجبها أن تسمع صوته، وتضمه إلى صدرها، وتَحْنُو عليه بقلبها وعطفها.
وهكذا تجد في مختلف الحيوانات الأخرى، حتى تلك الحيوانات الشرسة، تلك الحيوانات ذات المنظر البشع، أنثى التمساح التي ليس لها حِجْر تحتضن صغارها فيه، أين تضع صغارها؟ في فمها، ذلك الفم الممتلئ بالأسنان الرهيبة، فم طويل فيه مواشير من الأسنان فتحمل أولادها برفق وشفقة فوق أسنانها الرهيبة المفترسة، فيحس بالطمأنينة، ويحس بالإرتياح فوق تلك الأسنان، التي لو رآها واحد منا عن بُعْد لولى هاربًا من بشاعتها! لا تحاول أن تطبق فمَها على صغارها، تطبق فمها بالشكل الذي فقط يمسك صغارها. الرحمة حتى داخل الفم الممتلئ بالأسنان المفترسة البشعة الشكل، الكثيرة العدد. وهكذا تجد في بقية مخلوقات الله سبحانه وتعالى فيما يتعلق بمرحلة من مراحل المخلوقات هي مرحلة الولادة، ومرحلة الحضانة للصغار.
مظاهر رحمته بنا واسعة جدًا حتى في تشريعه لنا، يشرع لنا ما هو ضروري بالنسبة لحياتنا أن نسير عليه، حتى وإن لم يكن هناك من ورائه لا جنة ولا نار. المتأمل يرى بأنه ضروري فعلًا للحياة، أليس الناس يشرعون لأنفسهم قوانين ودساتير؟ هل وراءها جنة ونار من الدولة التي تشرعها؟ لا، مجرد تشريعات يقال: تمشون عليها لتستقر الحياة السياسية والاقتصادية، ويحصل استقرار داخل هذا الشعب أو ذاك الشعب فيسعد الناس.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
معرفة الله – عظمة الله – الدرس السابع
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 25/1/2002م
اليمن – صعدة