مـوقع دائرة الثقافة القرآنية - تقارير – 22 صفر 1447هـ
في مشهد يفيض بالعزة والإيمان، خرج الشعب اليمني في مسيرات مليونية غير مسبوقة، امتدت على أكثر (1.400) ساحة في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات، تحت العنوان الجامع "مع غزة جهاد وثبات لمواجهة أبشع إبادة وأخبث مؤامرات"، ليؤكد للعالم أجمع أن اليمن، أرض الحكمة والإيمان، ماضٍ بثبات في معركة النصرة، غير آبه بتآمر المتآمرين ولا بطغيان الطغاة.
احتشدت جماهير الشعب اليمني في أكثر من (1.400) ساحة وعلى النحو التالي: محافظة حجة:(281) ساحة، محافظة إب: (280) ساحة، محافظة الحديدة: (265) ساحة، محافظة عمران: (114) ساحة، محافظة المحويت: (94) ساحة، محافظة تعز: (83) ساحة، محافظة ريمة:(85) ساحة، محافظة ذمار: (53) ساحة، محافظة الجوف: (51) ساحة، محافظة صعدة: (41) ساحة، محافظة البيضاء:(24) ساحة، محافظة مأرب: (18) ساحة، محافظة الضالع: (12) ساحات، محافظة لحج: (3) ساحات.
وتدفقت الجماهير من كل حدب وصوب، تتوشح بالأعلام الفلسطينية واليمنية، وترفع شعارات العزة والكرامة، في مشهد يشهد على عمق ارتباط اليمن بفلسطين، كقضية راسخة في الوجدان. كانت الأصوات تهدر بهتافاتٍ صادقة، تتعالى مع دقات القلوب: "غزة ليست وحدها"، و"الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل"، في رسالة واضحة بأن معركة غزة هي معركة الأمة كلها، وأن اليمن لن يتخلى عن موقعه في الصفوف الأولى.
وبينما تتفاوت مواقف الشعوب العربية والإسلامية بين الصمت والبيانات، يظل اليمن متميزاً، يتفرد في حضوره الميداني الصادق، ويبرهن أن المساندة الحقيقية لا تكون إلا بالفعل والتضحية، لا بالتصريحات الخجولة.
-
صوت ضمير الإنسانية
ورفعت الحشود الهادرة التي تقاطرت من كل حدب وصوب، اللافتات المنددة بمجازر وجرائم العدو الصهيوني، والمؤكدة على وقوف الشعب اليمني إلى جانب الأشقاء في غزة وفلسطين حتى تحقيق النصر ودحر الصهاينة المجرمين.
وصدحت الحشود بالهتافات المزلزلة للطغاة والمستكبرين وأدواتهم، معلنة الجاهزية الكاملة للجهاد في سبيل الله نصرة لغزة ودفاعاً عن الأقصى الشريف ومقدسات الأمة مهما تواطأ وتخاذل المتخاذلون، وأرجف المنافقون والخونة والعملاء.
ونددت بمواقف بعض الأنظمة العربية والإسلامية المتواطئة مع العدو الصهيوني والداعمة له، والمتنصلة عن مسؤولياتها الدينية والإنسانية والأخوية في نصرة الأشقاء في غزة الذين يتعرضون للإبادة والتجويع.
وأكدت الحشود في هتافاتها وبصوت مدوي (العمليات اليمنية.. صوت ضمير الإنسانية)، (تصريح نتنياهو المجرم.. يتحدى العربي والمسلم)، (يا أمتنا الإسلامية.. ثوري ضد الصهيونية)، (غزة تحت حصار قاتل.. بالدعم الأمريكي الشامل)، (غزة يقتلها التجويع.. بتخاذل عرب التطبيع)، (خذلان مصري وسعودي.. خانوا القدس لأجل يهودي)، (تسليم السلاح خيانة.. ترضي الصهيوني وكيانه)، (قل للدولة اللبنانية.. لا تصغي الصهيونية)، (تسليم سلاح الشعوب.. يخدم مجرمي الحروب)، (من يخضع لهوى اليهود.. بالحسرة حتماً سيعود).
وأدانت الحشود ورفضت تصريحات المجرم نتنياهو عما يسمى "إسرائيل الكبرى" وهو ما يؤكد صوابية موقف اليمن المشرف والعظيم المساند والداعم لغزة باعتبارها خط الدفاع الأول عن الأمة في مواجهة المخططات التوسعية الصهيونية.
اليمن، الذي يقدّم الدم والسلاح في سبيل نصرة غزة، ينطلق من منطلقات إيمانية وإنسانية عميقة، راسخة في ضمير أبنائه. فالقضية الفلسطينية بالنسبة لليمني ليست قضية جغرافيا أو سياسة، بل قضية عقيدة وواجب شرعي وأخلاقي، تحركه آيات القرآن وتدعمه قيم النخوة والكرامة المتجذرة في ترابه.
إن هذا المشهد، حيث ارتفعت الرايات في (1400) ساحة، ليس مجرد حدث جماهيري عابر، بل صفحة جديدة في سجل الأمة، تكتبها صنعاء وصعدة والحديدة وتعز وكل المحافظات اليمنية بمداد التضحية والإباء، لتبقى شاهدة على أن صوت اليمن في الحق لا يخفت، وأن يده الممدودة لغزة لا ترتعش. اليمن اليوم قال كلمته: مع غزة جهاد وثبات… حتى النصر أو الشهادة.
-
مع غزة جهاد وثبات حتى النصر
من ساحات اليمن التي ازدانت بالملايين، صدح صوت الحق عبر بيانٍ ألقاه عضو المكتب السياسي لأنصار الله، محمود الجنيد، ليؤكد أن خروج الشعب اليمني الأسبوعي بالملايين ليس تظاهرة عابرة، بل هو جهاد في سبيل الله، وابتغاء لمرضاته، وثبات على موقف حق ومشرف، في نصرة شعب غزة الذي يواجه أبشع جرائم الإبادة الجماعية وأخبث المؤامرات التي يشهدها عصرنا، على أيدي العدو الصهيوني المجرم وشريكه الأمريكي.
وجدد البيان موقف اليمن المبدئي والثابت، الذي لا يتزعزع ولا يتبدل، في صف غزة وفلسطين ومقدسات الأمة، باعتبارها جزءاً من عقيدتنا وديننا، ومن أجلها نبذل الأرواح والأموال. وأكد الاصطفاف إلى جانب المقاومة الباسلة، التي تقدم أغلى التضحيات دفاعاً عن الأمة أمام أفظع الجرائم في هذا العصر، التي لا تستهدف غزة وحدها، بل كل الأمة، لولا وقوف المجاهدين في وجه العدو، وإشغاله بمعارك لا تهدأ.
وأشار البيان إلى أن الوحشية التي يمارسها الكيان الصهيوني في غزة قد تجاوزت حدود التصور، حتى ضج العالم من هولها، وأصبحت ضرورة قصوى على الأمة والبشرية أن تجرّم الصهيونية، وتسعى لنزع سلاح العدو لما يمثله من تهديد على شعوب المنطقة والسلم العالمي، ولما تعكسه جرائمه من ازدراء فجّ للقيم الإنسانية، وامتهان لحياة هذا الجيل، إن سكت أمام هذه الفظائع.
ودعا البيان إلى تعزيز سلاح المقاومة في فلسطين ولبنان، باعتبارهما حجر العثرة أمام مشروع الإبادة الشيطاني، وكبحاً لنزعة التوسع والدموية لدى العدو، ومنعاً لانتقال جرائمه إلى بقية البلدان. محذراً من أن أي تفريط أو تخاذل في هذا الواجب سيكلف الأمة والبشرية أثماناً باهظة، ويلحق بها عاراً لا يُمحى، وعذاباً في الدنيا قبل الآخرة.
كما أعلن البيان رفضه القاطع للمخطط الذي جاهر به مجرم الحرب الصهيوني نتنياهو، ضمن ما يسمى "إسرائيل الكبرى"، الذي يستهدف السيطرة على عدد من الدول العربية، بما فيها مكة والمدينة أقدس مقدسات الإسلام، مؤكداً الوقوف في مواجهة هذا المشروع بكل ما مكننا الله، متوكلين عليه، وواثقين بوعده بالنصر.
ونبّه البيان شعوب الأمة إلى أن هذا المخطط لم يعد وهماً أو تصريحاً عابراً، بل عقيدة دينية راسخة لدى العدو، ينفذها ليل نهار، وما يسمى بـ"تغيير الشرق الأوسط" ليس إلا ترجمة عملية له، إذا ما تمكن –لا قدر الله– من القضاء على محور الجهاد والمقاومة.
وختم البيان برسالة مدوّية: "إن اليمن، بكل ما يملك من إيمان وعزيمة، سيبقى في الصف الأول من معركة الأمة، ولن يفرّط في قضية فلسطين، ولن يساوم على القدس، حتى يتحقق وعد الله بالنصر، أو نمضي شهداء على هذا الطريق".
-
ختاماً
وليعلم العدو ومن يقف خلفه، أن هذه الساحات التي امتلأت اليوم بالملايين ليست ساحات هتاف فقط، بل هي ميادين عهد ووفاء، الجميع مستعدون أن يجعلوا من أجسادهم جسوراً لعبور الأمة نحو القدس. إن اليمن، الذي واجه الحصار والعدوان لسنوات، لم تزدْه الجراح إلا صلابة، ولن تزيده تهديدات الصهاينة وأسيادهم إلا إصراراً على المضي في درب الجهاد. فكما أُفشلت مؤامرات الأمس، سيفشل مشروع اليوم، وسيبقى صوت اليمن مدوياً: "لن تمروا إلا على أجسادنا، ولن تنعموا بأرضنا ولا بمقدساتنا ما دام فينا نفسٌ يتردد".
هكذا، اهتزت اليوم جبال اليمن وسهوله بأصوات الملايين، تردد قسم العهد: "لن نترك غزة، لن نخون الدم، ولن نساوم على القدس". كانت المآذن تصدح بالتكبير، والقلوب تشتعل حماسة، والأيادي ترتفع متوعدة أعداء الأمة بالرد الذي يليق بجرائمهم. في وجوه الحشود، ترى الإصرار الذي لا تلينه التهديدات، والعزيمة التي لا تكسرها الحصارات.
في (1.400) ساحة، كان اليمن يرسل للعالم رسالةً واحدة: إذا صمتت العواصم وارتعشت الجيوش، فإن في صنعاء وصعدة والحديدة وكل جغرافيا اليمن رجالاً يعرفون أن طريق القدس لا يُعبد بالتصريحات، بل بالدماء والمواقف. ومن بين زحام الهتافات، خرج صوت اليمن اليوم كالرعد، يقول لغزة وأبطالها: "معكم حتى آخر رمق… فإما النصر وإما الشهادة، والعاقبة للمتقين.