لا بد أن نعرف كيف نهتدي بالقرآن الكريم, وعلى يد من نتعلّمه, وممن نأخذه, وإذا لم نعرف ذلك فسيأتي من المضلّين من يقدّم لنا القرآن الكريم بشكلٍ مغلوط, ويستخدمه وسيلة للضّلال كما حصل وهو حاصل لدى المسلمين اليوم, ومن الأسس المهمّة والضّامنة في فهم القرآن الكريم والإهتداء به أن نعرف أنّ للقرآن الكريم ورثة, وحملة, وقرناء, وأعلاماً، يصطفيهم ويختارهم الله سبحانه وتعالى لهداية الأمّة, يقول السيد: (من أمثلة هذه أنني إذا لم اهتد بالقرآن لأعرف أسس الهداية, ومصادر الهداية, إذا لم يكن عندي قابلية لهذه فسأكون في نفس الوقت قابل لأن أضل من أعلام ضلال, يقدم لي القرآن ضلال, هذا ممكن. ألست تجد كثيراً من أهل الباطل, كثيراً من أهل العقائد الباطلة, يحاول يقدم نصوصاً من القرآن؟ يقدم نصوصاً من القرآن, يحاول يقدم أحاديث مكذوبة على النبي, أنت تقبله من منطلق ماذا؟ أن الله قد قال في القرآن:﴿وَمَا آتَاكُم الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾[الحشر7] أليسوا يستخدمون هذه؟.
يقول لك هذه أحاديث عن رسول الله, وهي عندنا صحيحة. يقولون لك هكذا, وأنت عليك أن تقبل؛ لأن الله قال:﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾[الحشر7] ألم يطلع لك الآية بالشكل الذي تشدك إلى ضلال فيصبح القرآن اذا لم تعرف من أين تأخذه؟ وعلى يد من تهتدي به؟ وممن تقبله؟ فسيقدمه الأخرون وسيلة للإضلال, يقول لك: الله يأمر بالفحشاء, يأمر بالمعاصي, هو يحمل الإنسان على المعصية, هو يقضي بالمعصية, ويقدر المنكرات! وأشياء من هذه.. ثم أليس هو في الأخير يقدم لك آيات؟ يقدم آيات.
طيب من أين جاءت المشكلة بالنسبة لك؟ أنك ما قبلت هدي القرآن في ماذا؟ في إلى من تتجه, وممن تقبل الهدى, يأتي ليقول لك: الله قال:﴿يُضِلُّ مَن يَشَاءُ﴾[الرعد27] ﴿وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ﴾ [البقرة253] ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ﴾[الإنسان30] ويخليك تعتقد باطلاً في الله عن طريق ماذا؟ تقديمه للقرآن.
هذه واحدة من أمثلة هذه.. فإذا أنا لم أُقبل على هداه, إذا لم أُقبل على هداه, وهداه ليس فقط تفصيليات بالنسبة لكل شخص. هو يهدي إلى أسس هي مصدر هداية, يهدي إلى أعلام, مثلما قال الإمام الهادي: (القرآن يدل على العترة, والعترة تدل على القرآن)) مديح القرآن الدرس السادس.
وقد هدى الله في القرآن الكريم نفسه إلى قضيّة الأعلام والهداة, الذين يهدون الأمّة بالكتب التي يُنزّلها الله إليهم, وهؤلاء الهداة في المقام الأول هم أنبياءُ الله ورسله, ومن بعدهم ورثتهم الذين يسيرون في الأمّة بسيرتهم وطريقتهم, وقد هدى الله وأرشد في القرآن الكريم إلى قضيّة المنهج الذي تسير عليه الأمّة, والقدوة الذي يهدي الأمّة بهذا المنهج يقول السيد: (وأنه يرشد إلى منهج وقدوة، أليس كذلك؟ يرشد إلى كتاب ينزل من عنده، ورسول يصطفيه من عباده، رسول هو خاتم النبيين، فلا بد أن يكون هناك أعلام للأمة من بعده يسيرون بسيرته، وليكن في المسألة كفاية؛ لأن يكون من جهة الله وهو يرى أن فيها الكفاية للأمة, وورثة من أهل بيت نبيه، هم لا يرقون بالطبع إلى درجة أنبياء، إنما هم ورثة لنبيه يسيرون بسيرته يهدون الأمة بهديه، يكونون هم أعلام دينه وأعلام هديه، تلتف الأمة حولهم) سورة آل عمران الدرس الأول.
ويؤكّد السّيد أنّ من الآليات المهمّة في فهم القرآن الكريم والإهتداء به هو أن نعرف أنّ القرآن الكريم كتابٌ متحرك فنتحرّك بحركته, ومن يتحرّك على أساس القرآن الكريم سيجد أثر وبركة القرآن في نفسه, وموارده, ومصادره كما يقول السيد: (عندما تتحرك على أساس القرآن ترى عجائب القرآن نفسه في مواردك ومصادرك, يعني في كل حركتك, أليست هذه من أهم الآليات؟ إذا هي تقدم هناك آلية يقول لك: اقرأ علوم الآلة, اقرأ, اقرأ وستفهم القرآن!.. من الآليات الهامة هو أن تعرف أن القرآن متحرك, فتتحرك بحركة القرآن, وهنا ستفهم من القرآن, تفهم أشياء كثيرة جداً, هذه هي من الآليات) مديح القرآن الدرس السادس.
ومن الأسس المهمّة في الهداية، والإهتداء بالقرآن الكريم هو أن نعرف أنّ القرآن الكريم ليس كتاباً منفصلاً عن الله سبحانه وتعالى, ولا بديلاً عنه, بل هو كتابٌ من أسسه المهمّة أنّه يشدّنا ويهدينا إلى الله سبحانه وتعالى, ويربطنا به, فيتدخّل الله ويهدينا به ومن خلاله, يقول السيد: (أنّ من أسس القرآن هو الشد إلى الله, والهدى إلى الله, لا تفهم على الإطلاق أن القرآن ممكن أن يكون بديلاً عن الله, تتحرك تقول: قد معنا منهج مرسوم, وعلى أساسه قد, قد... وما عاد لك علاقة بالله! من أسسه الهامة, أنه يشدك إلى الله, هذه واحدة, والله يتدخل هو يهدي به, ومن خلاله يهدي هو, ما يزال يهدي هو) مديح القرآن الدرس السادس.
وفي سورة آل عمران الدرس الثاني يؤكّد السّيد أنّ الله لم يجعل شيئاً بديلاً عنه في علاقتنا به سبحانه وتعالى, ولا حتّى القرآن الكريم ليس بديلاً عن الله, بل أكثر ما فيه, ومن أكثر مقاصده أنّه يشدّنا ويهدينا إلى الله, وتعتبر العلاقة القويّة بالله هي مفتاح الإهتداء بالقرآن الكريم, والقرآن الكريم هو باب معرفة الله سبحانه وتعالى, وإذا لم نكن مشدودين إلى الله, ولم تكن علاقتنا به قويّة فلا يمكن أن نهتدي بالقرآن يقول السيد: (وصلنا أمس إلى أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل شيئاً بديلاً عنه في علاقتنا به، وحتى القرآن الكريم ليس بديلاً عن الله إطلاقاً, بل هو من أكثر ما فيه، وأكثر مقاصده، وأكثر ما يدور حوله هو أن يشدك نحو الله.
الله ليس كأي رئيس دولة، أو رئيس مجلس نواب يعمل كتاب قانون فنحن نتداول هذا الكتاب ولا نبحث عمن صدر منه، ولا يهمنا أمره، ما هذا الذي يحصل بالنسبة لدساتير الدنيا؟ دستور يصدر، أنت تراه وهو ليس فيه ما يشدك نحو من صاغه، وأنت في نفس الوقت ليس في ذهنك شيء بالنسبة لمن صاغه، ربما قد مات، ربما قد نفي، ربما في أي حالة، ربما حتى لو ظلم هو لا يهمك أمره.
لكن القرآن الكريم هو كل ما فيه يشدك نحو الله، فتعيش حالة العلاقة القوية بالله، الشعور بالحب لله، بالتقديس لله، بالتعظيم لله، بالالتجاء إليه في كل أمورك، في مقام الهداية تحتاج إليه هو، حتى في مجال أن تعرف كتابه.
﴿إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً﴾ [الأنفال: من الآية29] ألم يتحدث القرآن عن التنوير، والنور، والفرقان، التي يجعلها تأتي منه؟ ليس هناك شيء بديلاً عن الله إطلاقاً، فأن تأتي للقرآن الكريم هو، هو، وليس في ذهنك الله سبحانه وتعالى، العلاقة القوية بالله، الثقة القوية بالله؛ فإن القرآن في الأخير لا تستفيد منه) سورة آل عمران الدرس الثاني سلسلة دروس رمضان.
ويضيف السّيد أنّ من طرق الإهتداء بالقرآن ألا ندخل إليه كمعلّمين، ومفسّرين من خلال قواعد وعلوم معيّنة تعلّمناها، بل ندخل إليه بروحيّة ونفسيّة طُلاّب الهداية، والعلم، والمعرفة، لأنّه هو الكتاب المهيمن، وكتاب الهداية فيقول: (لا تدخل للقرآن كمعلم للقرآن عندما تدخل وعندك قواعد معينه تريد تحكمها عليه أنت هنا تدخل بروحية أنك أنت تأتي تأقلم القرآن وتريد تعلم القرآن كيف يكون هو) مديح القرآن الدرس السادس.
ومن الأسس المهمّة في معرفة القرآن والإهتداء به أن نعرف أنّه كتابٌ عمليٌّ مرتبطٌ بالحياة وأحداثها, فلا نفصله عن الواقع, والظّروف, والأحداث لأنّها كلّها مرتبطة ومتّصلة به, وهو كتابٌ يفهم من خلال العمل, والحركة, والأحداث, ومن خلال الإستجابة لله سبحانه وتعالى, والجهاد في سبيله, وتعتبر حركة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) هي من التبيين والتطبيق للقرآن الكريم يقول السيد: (لأنه هكذا القرآن مربوط بالحياة وبالحركة, والأحداث لها دخل كبير في الإستفادة منه, والجهاد في سبيل الله, نصر دين الله, الإستجابة لله هي تكون بهذا الشكل لها دخل كبير في ماذا؟ في الإستفادة منه وفي تبيينه, ولهذا نقول بالنسبة لحركة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) حركته هي من التبيين, حركته هي تطبيق, لا تتصور أن باستطاعة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) هو أن يجلس في مسجده ويبين القرآن كلمة كلمة, ويبين معانيه, بل هو نصه تنزل عليه مرتبا, أو منجما ـ كما يقولون ـ على مدى ثلاثة وعشرين سنة, مرتبط بالحركة, وبالحياة) مديح القرآن الدرس السادس.
ومن الأسس المهمّة أيضا في الإهتداء بالقرآن الكريم أن نعرف أنه كتابٌ للهداية، والإرشاد، والتعليم، وأنّه كتابٌ للحياة، وليس كتاباً للأحكام التشريعيّة والفقهيّة فقط يقول السيد: (وهذه مهمة القرآن الكريم هداية من الله لعباده، إرشاد من الله لعباده، ويجب أن ننظر إلى القرآن بهذا المعنى ما نقول آيات تشريع، آيات أحكام، أحكام شرعية أشياء من هذه) القرآن كتاب هداية الدرس السابع.
ويضيف السّيد أنّ مهمة القرآن الكريم هي هداية الناس في كلّ شئون، وجوانب، ومجالات حياتهم في كلّ الأزمنة، وكلّ العصور، وتعتبر كلّ الجوانب الأخرى التشريعيّة والعبادية هي وسائلُ عمليّة، وتربويّة، وترويضيّة في كيف تكون الأمّة مهتدية، يقول السيد: (القرآن هو كتاب هداية، يهدي الناس إلى صراط مستقيم، إرشاد لهم، إرشاد واسع بسعة الحياة كلها، وكل شئونها، وكل مجالاتها، والأزمنة كلها على تعاقبها إلى يوم الدين.
اعتبره كتاباً واسعاً أعظم من سعة الحياة, لا تأت تؤطره في ذهنك بخمسمائة آية, مثلما يعملون! يعني العلم كله, والدين كله في إطار خمسمائة آية!! وآلاف الآيات ماذا ستعملون بها؟! فهو كتاب هداية في كل مجالات الحياة, في كل شئون الحياة, وأنت سترى في الأخير, ترى بأن نفس العبادات هذه هي واحدة من وسائل الهداية هي فقط وسائل عملية للهداية, وسائل تربوية, وسائل ترويضية, والعبادات, المعاملات, كثير من أحكامها تجدها تصب في هذا الجانب: في كيف تكون الأمة هذه مهتدية) مديح القرآن الدرس السابع.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.