وكلما مرت الأعوام يزداد (محمد) تميزًا ورجاحة في العقل فكان يتأمل في الكون الفسيح فلم يعبد الأصنام ولم يفعل المنكرات، واشتهر في قومه بـ (الصادق الأمين) والأخلاق الفاضلة؛ فاختارته (خديجة بنت خويلد) للتجارة في مالها ثم للزواج منها، (خديجة) ذات المال والجمال والجاه والعقل، (خديجة) التي ترفض زعماء قريش وتختار محمدًا.
ولأن محمدًا بحاجة - في علم الله - إلى من يشد أزره في قابل الأيام ويواصل مسيرة الهداية من بعده؛ فقد اختارت عناية الله ابن عمه (عليًّا) ليكون رفيق دربه وتلميذه الوفي المخلص.
ولأن هذا الإنسان يحتاج إلى إعداد خاص فقد تم تأهيله في مدرسة خاصة على يد أمهر الأساتذة وأكملهم فكان الإسلام مدرسة (علي) وكان رسول الله محمد ‹صلى الله عليه وعلى آله وسلم› مُعَلِّمَهُ ومربيه.
هكذا أراد الله أن ينضمَّ (علي) إلى أسرة رسول الله؛ فيكون تحت رعايته، ويعيش في حجره، يتنسم عطر النبوة، ويشم عَرْف الرسالة، ويتبعه في كل أفعاله وأعماله وخصائصه ومميزاته، حتى أضحى ظل النبي الذي لا يفارقه، وربيبه الذي لا ينفك عنه. ورثه في جميع خصاله النفسية والدينية.