{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة:190) فمما تعنيه كلمة اعتداء هنا: فيما يتعلق بالأشهر الحرم، ولذا جاء بعدها الحديث عن الأشهر الحرم المعروف عند العرب مسألة: أنه اعتدى أي ماذا؟ تجاوز، أو انتهك حرمة الشهر الحرام.
{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} هذه قضية هامة، وقضية مؤكد عليها في القرآن الكريم بشكل كبير: أن يكون الناس كلما يدخلون في صراع أن يدخلوا فيه على أساس هدي الله، وليكن في سبيله، على الطريقة التي رسمها، ومن أجله، وله. هذه قضية هامة حتى فيما يتعلق بالدفاع عن الأوطان، تحدثنا سابقاً عنها: أنها قضية يجب أن تكون هي القضية الرئيسية عندك حتى وأنت تدافع عن بيتك، أن القضية الأساسية أن يكون الناس مقاتلين في سبيل الله، إذا كانوا في سبيل الله، يكون تحرير أوطانهم قضية ثانوية، أي: تتحقق تلقائياً، تتحقق تلقائياً صيانة أعراضهم، صيانة ممتلكاتهم تحقق تلقائياً، لكن متى ما عكسوا المسألة: يقاتل من أجل الوطن، بالعبارة هذه، وهو المنطق الذي استمر عليه العرب فترة طويلة، ترسيخ الوطنية، والقومية، والعناوين هذه، في الأخير خسروا فعلاً، ما حققت لهم شيئاً، ولا استطاعوا أن يحققوا شيئاً في مواجهة العدو بهذه العناوين [لن نسمح بأن يحتل، سنعمل على أن نحرر كل شبر في الأرض المحتلة].
والتربية للجيش تربية وطنية بحتة: من أجل الوطن، من أجل الوطن، من أجل الوطن، هذه بدت المسألة بأنها ليس لها قيمة في الواقع، وجدنا ممن يهتفون بها هم هم ممن يبيعون الأوطان فعلاً، ممن يبيعون الأوطان. الناس الذين يتجهون في سبيل الله، ومن أجل الله، هم الناس الذين تعتبر الأوطان غالية لديهم، وتعتبر الأعراض عزيزة لديهم، وتعتبر الممتلكات هامة لديهم، فعندما ينطلقون في سبيل الله لا يعني: بأنهم لا يبالون بالوطن، أو أنها على حساب الوطن، أو على حساب الأعراض، أو حساب الناس أبداً.
هذا توجيه إلهي، لأن الله جعل دينه للناس، للناس، فعندما يقاتلون في سبيله، أنت في نفس الوقت تكون مستعداً أن تضحي بنفسك ومالك، فهل يمكن أن تصل إلى هذه الحالة من أجل التربة ومن أجل الآخرين؟ خاصة عندما يصل الناس في العلاقة فيما بينهم إلى هذه الدرجة التي الناس عليها.
لاحظ الناس وهم في الأسواق، لاحظ الناس وهم في حركتهم، هل تلمس احتراماً متبادلا بينهم؟ هل تلمس بأنه هذا فعلاً ممكن أن يصل إلى درجة أن يضحي بنفسه، وماله من أجل ذلك؟ أبداً. فسدت العلاقات فيما بين الناس، فأصبحوا في حالة لم يعد أحد يهتم بالآخرين، ولا يعطف على الآخر ولا يبالي بالآخر، فغير متوقع أن يأتي أحد من الناس يضحي، وهو يحمل هذا العنوان فقط: وطن. بمعنى أنه ماذا؟ إنه يضحي من أجللك ومن أجل التربة. أليس البعض يحلف يمين فاجرة من أجل التربة حتى لا يترك الآخر يأخذها، صاحبه !، هل سيضحي بدمه من أجل تربة الآخر؟ لا ترتقي هذه القضية بالناس أبداً إلى درجة أن يضحوا بأنفسهم، وأموالهم تضحية حقيقة، لا تصل إلى الدرجة هذه.
لكن متى ما انطلقوا في سبيل الله هذه هي القضية الهامة، تعتبرها تستحق أن تضحي بمالك، وتضحي بنفسك من أجل الله، وعلى طريقه في نفس الوقت، طريقه التي رسمها في مجال الصراع مع الآخر، وهي الطريقة الوحيدة التي يكون الله مع الناس إذا ما ساروا عليها. والمقصد الوحيد الذي يكون الله مع الناس، إذا ما توجهوا إليه أن يكون من أجل الله ولله. فهؤلاء سيكونون هم من سيحررون الأوطان، ومن يصونون الأعراض، ويصونون الممتلكات هم، أما الآخرون فيكون بعضهم وهو في المعسكرات، وطنية.. وطنية.. وطنية، وقد صار في موضع قيادة يأتي الأمريكيون يشترونه شراء، وفي الأخير يبيع الأمة والوطن!، هذا يحصل.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
[الدرس التاسع من دروس رمضان]
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 9 رمضان 1424هـ
الموافق: 3/11/2003م
اليمن ـ صعدة.