مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

بسم الله الرحمن الرحيم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (آل عمران:101- 100).

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} خطاب للمؤمنين كمؤمنين وباسم الإيمان الذي يحملونه وينطقون به ويقرون به، أنتم كمؤمنين وترون أنفسكم مؤمنين {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} فريقاً منهم، فريق: طرف، وهو الفريق الذي يتحدث عنه القرآن الكريم بصورة خاصة، لأن القرآن الكريم كان حديثه - حتى وهو يلتزم جانب العدل, ويتحدث عن الواقع - كان حديثه بالنسبة لأهل الكتاب هو أنه لا ينسى فريقاً آخر كان لا يزال ملتزماً، كان لا يزال فريقاً يهدي، كان لا يزال فريقاً يمثل الخير في كل أعماله.

هناك فريق الشر، وفريق الغدر، فريق الكفر، فريق الحسد، فريق الدهاء الشديد، {فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} أهل الكتاب هـم: اليهود والنصارى، وكـان معظم مـن يواجه الناس في تلك الفترة، ويدخلون في صراع معهم هـم - وخاصة في بدايات فترة المدينة بعدما هاجر الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) إلى المدينة - هم يهود. كان من حول المدينة يهود في [خيبر] و[بني قريظة] و[بني قينقاع] و[بني النضير] ومناطق أخرى هم يهود، ولكن أهل الكتاب بصورة عامة؛ على الرغم من أن الله قد ضرب بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، لكنهم بالنسبة لنا يمكن أن يتشكلوا فريقاً واحداً.

[أهل الكتاب] هو اسم يطلق على اليهود والنصارى، هم أهل الكتاب السماوي السابق، أهل التوراة وأهل الإنجيل، والواقع كشف هذا: أن أهل الكتاب (اليهود والنصارى) اجتمعت كلمتهم علينا، أليس هذا الذي حصل؟ على الرغم مما حصل بينهم من عداوة وبغضاء، وعلى الرغم مما قد حصل فيما بينهم في هذا العصر مما يُوغِر الصدور أكثر، ويرسخ العداوة فيما بينهم أكثر، كما حصل في [الحرب العالمية الأولى] و[الحرب العالمية الثانية] وكما حصل لليهود في مختلف مناطق العالم، وكما يقال، إن كان صحيحاً تاريخيا ً ما حدث لهم في (ألمانيا) على يد [النّازِيّة] في أيام [هِتْلَر] على الرغم من ذلك كله اجتمعت كلمتهم علينا، وأصبحوا جميعاً يعملون سوياً في مجال أن يردوا الأمة بعد إيمانها كافرة، أن يردوا المؤمنين كافرين بعد إيمانهم.

الآية تحكي حالة قائمة وستبقى قائمة، وإن كانت هي في البداية، ومن يقرأها في أيام رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم)، وفي فترات من بعد موت الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) يتبادر إلى ذهنه أولئك اليهود الذين كانوا في المدينة وخارج المدينة، أولئك اليهود كانوا بالنسبة لهؤلاء الذين في عصرنا يُعدَّون بدواً وإذا كان أولئك اليهود الذين يتبادر إلى ذهن من يقرأ هذه الآية في فترة نزولها وما بعد نزولها في القرون الأولى من تاريخ هذه الأمة، يتبادر إلى ذهنه أولئك اليهود الذين كانوا حول المدينة، أولئك الذين يُعدّون بالنسبة ليهود اليوم بَدْواً أغبياء، أما هؤلاء فيهود متطورون جداً: في مكرهم، وخداعهم، وتضليلهم، يهودٌ أصبحوا يمتلكون إمكانيات هائلة، إمكانيات اقتصادية وإعلامية رهيبة.

ولكن كيف؟ كانت تلك النوعية - الذين هم بدو بالنسبة لهؤلاء - كان فيهم ما يكفي فعلاً من الخطورة البالغة لدرجة أنهم من الممكن أن يصلوا بالمؤمنين – الذين هم في زمن الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم)، والرسول بين أظهرهم والقرآن يتلى عليهم - أن يردوهم بعد إيمانهم كافرين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} أليست هذه حالة رهيبة؟ يقلب الأمة، يقلب الناس من إيمان إلى كفر، ولن يكون فقط أنه مجرد التضليل الذي يصل بك إلى درجة الكفر من حيث لا تشعر، أو التضليل الذي يأتي من قِبَلهم وأنت لا تشعر أنه من قِبَلهم ولو شعرت أنه من قِبَلهم لتمردت عليه. لا.

هم يستطيعون أن يصلوا بالأمة إلى درجة أن تلمس أن هذا هو من قِبَلهم هم (اليهود) وستنطلق في طاعتهم، هم يستطيعون أن يصلوا بالأمة إلى أن تطيعهم هم، وهم بكامل مشاعرهم يعرفون أن هذا من قِبَل اليهود، أو أن هذا يهودي ويطيعونهم؛ ولهذا جاء بالضمير {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً} تطيعوا فريقاً {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}.

توحي الآية: بأن اليهود وهم دائماً في كل أعمالهم يلحظون جانب التكلفة؛ لأنهم المال لديهم عزيز، ينظرون الى المال كسلاح مهم جداً، لكنه لديهم – أيضاً - له مكانة كبيرة لديهم، فهم معروفون بالبخل والحرص؛ لشدة نَهَمِهِم بالمال وجَشَعِهم عليه، فهم أيضاً يلحظون التكلفة في جانب التضليل، أن يضل الأمة وبتكلفةٍ أقل، لا يريد أن يخسر كثيراً في تحويل الأمة إلى ضالة، لا يريد أن يخسر كثيراً وهو أيضاً يتحرك لضرب الأمة حتى ولو عسكرياً، هذا أيضاً من الدهاء ، من الدهاء الشديد.

فما هي أقرب الوسائل إلى أن يجعلوا الناس كافرين بعد إيمانهم، ضالين بعد هداهم، نفوسهم مسالمة بعد إبائهم؟ هو أن يصلوا بالمجتمع إلى درجة الطاعة.

من يتأمل في أعمال اليهود يجد أنهم كانوا يلحظون هذا الجانب، يلحظ وبخطواتٍ متأنية وخطط دقيقة وشيئاً فشيئاً إلى أن يصلُوا بالأمة إلى أن تطيعهم، بل أن يتحول الناس إلى دعاة لطاعتهم، وحينئذٍ لا يخسرون شيئاً، يردون الأمة بعد إيمانها كافرة، بعد عزتها ذليلة، بعد مَنَعَتِها مقهورة وبتكلفة أقل. الشعور الذي لا يحصل عند أي شخص منا وهو يتشاجر مع الآخر ويتخاصم معه عند الحاكم، أليس كل واحد منا سيفتح الشنطة؟ كل واحد سيفتح الشنطة ولو فيها خمسون ألف سعودي، مائة ألف ريال سعودي (سيُقَرِّحُها) في رأس خصمه.

ليس بـ(تكلفة أقل) ليس لدينا هذا الحس في مقام الخصومة فيما بيننا: هو أن أتشاجر معك ولو من منطلق أن أحاول أن أحصل على حكم شرعي عليك وبالطرق الصحيحة، لكن أريد أن يكون بـ(تكلفة أقل) أليست هذه ستكون ميزة؟ فأصبحنا لا نمتلك - تقريباً - عقولا حتى في الصراع فيما بيننا، ناهيك عن الصراع مع هؤلاء الدُّهاة، (اليهود والنصارى).

ثم لماذا يحرصون على أن يردوكم بعد إيمانكم كافرين؟ لماذا لا تتجه أذهانهم إلى مشاعر السيطرة وقهر الأمة واستعباد الأمة بعيداً عن مسألة التكفير والتضليل، بعيداً عن مسألة أن يردونا عقائدياً: في أفكارنا، في ثقافتنا، في مواقفنا كافرين؟ أي هم هم يحرصون على أن يروك كافراً، لماذا؟

نحن قلنا: اليهود لديهم [خِبرَة دينية] ماذا تعني خبرة دينية؟ هم يعرفون أن هذا الدين حق، ويعرفون أن المؤمنين متى أصبحوا مؤمنين لا يمكن أن يقهروهم، لا يمكن أن يقهروهم أبداً متى ما أصبح الناس مؤمنين حقاً. فمن منطلق البحث عن تَدْجِين الأمة وبتكلفة أقل، تصور قد يقال - بالعقلية العربية (عقلية صدام ونحوه) - : [القهر بالدبابات، والطائرات، والقنابل النووية، ما دام لدينا قنابل نووية فلندمر هذه الأمة] أليست هذه هي عقلية عربية لدينا؟ "إنفجار كبير على الأمة وقهرنا أبوهم وطَحَسْنَا أبوهم" لكن كم ستكون التكلفة؟ تكون مليارات الدولارات، آثارها سيئة جداً على اقتصادهم، والاقتصاد هو صمام مُهم في ميدان المواجهة.

وهم يفهمون حتى لو انطلقوا بهذا المنطلق: (من منطلق القوة القاهرة والناس لا يزالون مؤمنين) فلن يستطيعوا - أيضاً - أن يقهروا المؤمنين.

 

اليهود مؤمنون بالله هل تعرفون هذا أم لا؟ مؤمنون بالله وكان يأتي منهم أنبياء كثير، وكان يأتي منهم هداة، ويأتي منهم مصلحون، ولديهم [خِبرة دينية] لديهم تاريخ آلاف السنين، عرفوا أحداثا كثيرة في مقام الصراع فيما بينهم وبين الآخرين، كيف أن الإيمان كان هو العنصر المهم في أن تحظى تلك الفئة المؤمنة بنصر الله، ومتى ما حظيت بنصر الله وتأييده فلن يقهرها شيء، حصل درس لديهم هم في قصة [طالوت وجالوت] التي نقرأها في القرآن: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ } (البقرة: من الآية251) { فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ } بإذن الله.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

سورة آل عمران (الدرس الأول)

{إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ: 24شوال 1422هـ

الموافق: 8/1/2002م

اليمن – صعدة.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر