- هناك أيضًا الحملات الإعلامية المشوِّهة، التي تستهدف أولئك المجاهدين، وتستهدف الفصائل الفلسطينية، التي تقف ضد العدو الإسرائيلي، وضد جرائمه، وضد احتلاله، وتسعى لتحرير الشعب الفلسطيني، وإنقاذ الشعب الفلسطيني، وتحرير فلسطين، كيف توجَّه ضدها حملات دعائية مشوِّهة، كيف تُحمَّل وزر ما يفعله العدو الإسرائيلي، مع أنه- كما قلنا في الكلمات الماضية- من ابتدأ الشعب الفلسطيني بالعدوان عليه، باحتلال أرضه، لم يسبق من الشعب الفلسطيني ما قبل قدوم الصهاينة المغتصبين إلى فلسطين أي شيء ضد اليهود، حتى يقال أنَّ ما يحصل هو مجرد ردة فعل إسرائيلية، منذ البداية العدو الإسرائيلي هو المحتل، الغاصب، القاتل، المجرم، الذي يفعل كل الجرائم، ويهتك الأعراض، ويفعل كل شيء.
وللأسف الشديد هذا هو ما يريده الأمريكي والإسرائيلي في منطقتنا بشكلٍ عام، هو يريد من كل سلطة تبقى في أيِّ بلدٍ عربي، أن يكون دورها الأساسي والفعلي هو الدور الذي تقوم به السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، يعني: سلطة لا تحمي شعبها، ولا تدافع عن شعبها، ودورها ينحصر في خدمة العدو، في مواجهة من يتصدى لعدوانه، لإجرامه؛ من أجل أن تبقى الساحة خاضعة وخانعة للعدو، يحتل، يقتل، يجرم، يرتكب الجرائم بكل أشكالها وأنواعها، دون رد فعل، وهذا ما نكرر في كل كلمة أنَّ العدو يسعى له.
الأمريكي والإسرائيلي يسعون بالفعل إلى ترسيخ وتثبيت معادلة الاستباحة لأمتنا، أن تكون أمةً مستباحةً في كل بلدانها دون رد فعل، وإذا صدر رد فعلٍ من أحد، فيتَّهم، ويحارب، ويعتدى عليه، ويواجه من الجميع، الحملات الإعلامية، واللوم الشديد، الدعايات توجه ضده، العمل العدواني، الاستهداف العسكري والأمني يوجَّه ضده، ويجرَّم فيما يفعله، وهذا شيءٌ مؤسفٌ جداً! يراد للأنظمة في العالم العربي والإسلامي، بعد أن يُجزأ ويقسَّم، أن تكون أنظمة شكلية، لكنَّ دورها الفاعل يكون في تنفيذ الأجندة الأمريكية والإسرائيلية.
فيما يتعلَّق بلبنان: يستمر العدو الإسرائيلي في الخروقات، والمحصلة للخروقات خلال شهر حسب بعض الإحصائيات: أكثر من اثنين وثلاثين شهيداً، وأكثر من ثمانية وثلاثين جريحاً، وتجاوزت الخروقات ثمانمائة وعشرين خرقاً، هذا خلال شهر! تجريف مستمر للقرى والبلدات، نسف للأحياء السكنية وتدمير لها، تجريف للأراضي الزراعية، ممارسة القتل، اختطاف لبعض الأهالي في حركتهم العادية، حتى إلى مزارع الزيتون... وهكذا كل أنواع الاعتداءات.
هذا المستوى من الإجرام، يحاول العدو الإسرائيلي من خلاله، ومن خلال هذا الكم الكبير من الخروقات، أن يصنع له صورة نصر، بعد فشله في تحقيق العنوان والهدف الكبير الذي أعلنه لعدوانه على لبنان، في القضاء على حزب الله، لأنه فشل من ذلك؛ هو يحاول أن يفعل ما يفعل في تلك المناطق الحدودية مع فلسطين، وهو- في نفس الوقت- يستفيد من مدى الدور الأمريكي المتواطئ معه تجاه ما يفعل، وهذا بكله يدل على الأهمية القصوى لوجود المقاومة، ويكشف عن عدوانية العدو الإسرائيلي، ما يفعله يفعله في مناطق ليس فيها مواجهة الآن، ومناطق باتت- بموجب الاتفاق- تحت سيطرة الجيش اللبناني، وهو يُقْدِم على ما يُقْدِم عليه من اعتداءات بكل أشكالها وأنواعها، هذا يدل على عدوانيته، وأنَّه يستهدف الجميع؛ لأن ما يعمله هناك يعمله ضد الأهالي، يستهدفهم في منازلهم، بيوتهم، مزارعهم، يمنع البعض من العودة إلى قراهم، ويريد أن يقوم بأكبر عملية تدمير ونسف للقرى، هذا مما أيضاً يبين- ودائماً الأحداث والسلوك الإسرائيلي يثبت هذه الحقيقة- أنَّه عدوٌ للجميع، ويستهدف الجميع.
أمَّا فيما يتعلَّق بالعدوان الإسرائيلي على سوريا: فالإسرائيلي مستمرٌ فيما يتعلَّق بالاحتلال، وتوسيع السيطرة، والتوغل في الأراضي السورية، وباتت سيطرته على محافظة القنيطرة باتت كبيرةً، يعني: في بعض المعلومات، وفي بعض الأخبار، بما يقرب من نسبة 95% من محافظة القنيطرة، قد قام بالاستيلاء عليها، يعني: معظم المحافظة، لم يتبق من محافظة القنيطرة إلَّا القليل جداً، نسبة 5%، هذا إن لم يكن قد استكمل هذه النسبة، التي هي 5%، كذلك باتجاه ريف درعا يتمدد، والمناطق الأخرى من جنوب سوريا، وبمحاذاة ريف دمشق الجنوبي.
من الممارسات التي يقوم بها، في المناطق التي قد قام باحتلالها والسيطرة عليها:
الاقتحام للمنازل في القرى والبلدات والمدن، وبحجة البحث عن السلاح، هو يريد أن يجرِّد الشعب السوري من السلاح تماماً، ليتحول إلى شعب أعزل؛ لأنه هكذا يريد لك الإسرائيلي والأمريكي أن تكون: أعزل من السِّلاح، أن تكون أعزلاً من السِّلاح؛ من أجل أن يتمكنوا من فعل ما يريدونه بك دون أي قلق، ويقومون أثناء عمليات الاقتحام للمنازل، والتفتيش لها، بالاعتداء بالضرب على الأهالي، وهم هكذا يريدون لأمتنا: أن تكون شعوبها لا تمتلك أي منعة، ولا قوة، ولا حماية لنفسها، يأتي الأمريكي أو الإسرائيلي إلى داخل منزلك، ويقوم بضربك، وضرب زوجتك، وبناتك، وأولادك، دون أن يكون لك رد فعل، أو أن تتمكَّن من أن تحمي نفسك وأسرتك، هذه هي الحالة التي يريدونها في تغيير ملامح الشرق الأوسط، بهذا الشكل، هذه هي الملامح التي قالوا أنَّهم يغيِّرونها بالفعل، لها هذا الشكل، لها هذه الصورة الحقيقية المعبِّرة عنها.
يقومون أيضاً بالتقييد لحركة الأهالي وتنقلاتهم، سواءً أوقات الدخول والخروج من المنازل، من بيوتهم، متى يخرجون، ومتى يدخلون، أو على مستوى القرى كذلك، يفرضون قيوداً من هذا النوع.
وكذلك في عمليات الاعتداءات بالضرب والاقتحام للمنازل، يقومون بتجريد البعض من الأهالي من ملابسهم، تصوَّروا إلى أيِّ حد يصل الطغيان الإسرائيلي، الإجرام الإسرائيلي، الإذلال للناس، الامتهان للكرامة! الإسرائيلي عدوٌ حقود ومتكبر، وفي نفس الوقت هو يحتقر شعوبنا العربية والمسلمة، يحتقرها جداً، ومن أكبر هواياته التي يمارسها ضد شعوبنا، هي: ممارسة الإذلال بكل أشكاله، من خلال: القتل، الإهانة، أشكال الاعتداءات، جرائم الاغتصابات... كل أشكال الإذلال، ومنها هذا الأسلوب في التعامل مع الناس: التجريد لهم من الملابس، هناك مشاهد من فلسطين لمثل هذا الأسلوب من التعامل الإسرائيلي العدواني الإجرامي، الذي هو بهدف الإذلال والامتهان للكرامة، مشاهد لتجريد أعداد كبيرة من الناس من ملابسهم، وعرضهم وهم بشكلٍ كبير، بأعداد كبيرة، بدون ملابس، وهذه هي الحالة التي يريد أن يصل بشعوبنا إليها.
كذلك يقوم بالاعتداء على المتظاهرين، في بعض المناطق التي خرج فيها الأهالي للتظاهر والاحتجاج، تعامل معهم بإطلاق النار عليهم بشكلٍ مباشر.
يقوم بتجريف الأراضي الزراعية، وهذا في مناطق متعددة من ريف القنيطرة، يقوم فيها بتجريف الأراضي الزراعية، وقلع أشجار الزيتون، وأيضاً قام بجرف المدرجات الزراعية، الممتدة من ريف القنيطرة باتجاه جبل الشيخ السوري المحتل، وسعى لأن يشق منها طرقاً من ريف القنيطرة إلى جبل الشيخ، وقام بجرف مزارع الأهالي.
وهكذا هو العدو الإسرائيلي، يعني: هو خطرٌ على الناس في كل شيء، لا يبقى لهم دين ولا دنيا، لا يبقى لهم كرامة ولا شرف، هو يريد أن يجرِّد الناس من كل شيء، يسلبهم أرضهم، وكرامتهم، وحريتهم، ودينهم، ودنياهم، ولا يبقي لهم شيئاً.
بعد كل هذا، أليس من المفترض أن يتَّخذه العرب عدواً في كل بلداننا؟ المفترض من كل السوريين أن يتَّخذوه عدواً؛ لأنه عدو بالفعل، وإلى هذا المستوى من الحقد، والعداوة، والإجرام في نفس الوقت، عدو لا يمتلك قيماً، ولا أخلاق... ولا غير ذلك.
ما يقوم به العدو الإسرائيلي أيضاً، فيما يسيطر عليه، بالتركيز على المسطحات المائية، وعلى السدود، وعلى ينابيع المياه، وهذه المسألة مما يركِّز عليها العدو الإسرائيلي منذ الخمسينات، في عدوانه على المناطق العربية، والبلدان العربية: في فلسطين، إلى الأردن، إلى سوريا، العدو الإسرائيلي يركِّز على السيطرة على ينابيع المياه، على السدود، على الأنهار، على الأحواض المائية، على المناطق التي تتوفر فيها المياه، ثم يسعى للتحكم بالمياه؛ لأنه يدرك أنَّ المياه- بالفعل- ثروة أساسية، وفي نفس الوقت عماد الحياة، وشيءٌ أساسيٌ لحياة الناس؛ ولــذلك هو يسيطر عليها، ثم يتحكم بها، ويجعلها وسيلةً:
- للابتزاز من جهة.
- وللاستغلال من جهة أخرى.
- وللحرمان من جهة ثالثة.
ولذلك يركِّز فيما يقوم به من توسُّع واحتلال وسيطرة في جنوب سوريا، على كل المناطق هناك التي فيها ثروة مائية، من ينابيع وأنهار، وحتى جبل الشيخ، هو من المناطق التي تمثل ذات أهمية كبيرة في أنها رافد مهم بالماء، بما فيه من ينابيع، وأيضاً بما فيه من ثلوج تذوب فيما بعد فصل الشتاء، وترفد تلك الينابيع.
الإسرائيلي في سعيه للسيطرة على المسطحات المائية والسدود في القنيطرة، سيطر على ستة سدود، سعتها التخزينية للمياه: أكثر من ثمانين مليون متر مكعب، وفي نفس الوقت يتوسَّع في حوض ونهر اليرموك، وهو نهر ممتد من سوريا إلى الأردن، وحوضه من الروافد المهمة له، وهو غنيٌ بالمياه، تستفيد منه سوريا، ويستفيد منه الأردن، بات العدو الاسرائيلي الآن يسيطر على أكثره، وعلى روافده الأساسية، من جبال ومناطق فيها ينابيع، فيها ثلوج، فيها مصبات للمياه، تنحدر إليه، ويركِّز على هذا الموضوع تركيزاً كبيراً.
العدو الإسرائيلي سيطر في الماضي على بحيرة طبريا، وكان مهتماً وحريصاً على ذلك؛ من أجل هذه السيطرة المائية والتحكم المائي، سيطر في ما مضى على نهر الأردن، وهو للأردن، وحتى باسمه، وهذا شيءٌ معروف، حتى الإسرائيلي يعني يسميه بنهر الأردن، بعد أن سيطر على نهر الأردن، يتحكم- من بعد ذلك وحتى الآن- يتحكم في ما يقدِّمه منه (من هذا النهر) للشعب الأردني من المياه، بأن يكون مقابل مال، وابتزاز كبير جداً، فتتعاقد معه الحكومة الأردنية بالأموال الهائلة؛ من أجل الحصول على قليلٍ من الماء من نهرٍ هو لهم، هو للشعب الأردني، فالشعب الأردني لا يحصل على المياه من نهره، إلَّا بدفع المال للإسرائيلي.
هذا المستوى من التحكم، من السيطرة، من الجشع، من الاحتلال، من النهب، من المصادرة، ما الذي يريده العرب أكثر من ذلك؟! عدو يفعل بهم كل شيء، ويمتهنهم في كل شيء، ينهب عليهم كل شيء، يقتلهم، ينهب كل ثرواتهم حتى الماء، ويتحكم عليهم حتى في شربة الماء... وهكذا يفعل.
والحال السائد الآن في سوريا: أنَّ الأمريكي والذي استقدم فيه هذه الأيام المزيد من التعزيزات العسكرية؛ للتمدد أكثر، والانتشار أكثر في شمال سوريا، حيث الثروة النفطية، والعدو الإسرائيلي يتوسَّع في جنوب سوريا، حيث الثروة المائية والزراعية، وحيث المناطق الزراعية الخصبة، وحيث المناطق الاستراتيجية، بما فيها جبل الشيخ السوري: جبل كبير جداً، امتداده واسع وشاسع، أهميته الاستراتيجية معروفة جداً، مزاياه العسكرية ضخمة، الإطلالة منه على مناطق كثيرة، يعتبر الآن أهم موقع تمكَّن العدو الإسرائيلي منه في الشام، يستفيد من ارتفاعه على مستوى النشاط المعلوماتي، والاستخباراتي، والدفاع الجوي... وغير ذلك، من جبل الشيخ يمكن للعدو الإسرائيلي أن يقصف بالمدفعية، بسلاح المدفعية إلى داخل دمشق! له هذه الأهمية، وله هذه المزايا، وهذا هو الحال في سوريا.
ولــذلك كل هذا يثبت أنَّ سوريا تعاني بالفعل من احتلال أمريكي إسرائيلي، وأنَّ شعب سوريا سيضطر- مهما تجاهل البعض هناك هذه الحقائق- سيضطر الشعب السوري في نهاية المطاف أن يكون في مواجهة مباشرة مع الإسرائيلي والأمريكي، لكن ما هي مخططات الأعداء هناك؟ هي مخططات تسعى لتهيئة الأرضية لبقاء الاحتلال وتوسعه أكثر، وعندما يستفيق الشعب السوري، يستفيق في مرحلة متأخرة، في وضعٍ صعبٍ وضعيفٍ جداً، بعد أن يكون مبعثراً، مجزأً، مفرَّقاً، وفي وضعية ضعيفة للغاية، أو أن يكون متقبِّلاً لهذه الحالة، دون اعتراض أينما بلغت.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 25 جمادى الآخرة 1446هـ 26 ديسمبر 2024م