درس الأحد
تابع...فإما يأتينكم مني هدى
ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه
- نقاط هامة للمراجعة وربطها بالواقع
- {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} .... حقيقة قرآنية عن واقع كل المعرضين عن هدى الله.
فلماذا نرى دول الكفر يعيشون في حضارة ورخاء؟
- تحدث عن ظواهر الضنك في المعيشة في الغرب نتيجة الإعراض عن هدى الله.
- المطلوب هو عمارة الدنيا، لكن على نحو من الصلاح، يترافق معه عمارة النفوس، زكاء النفوس وطهرها،
- الإنسان لا بد أن يكون حذراً جداً من الأخطاء،
أخطاء تخلق انحرافاً عقائدياً
أو أخطاء تخلق نوعاً من الجمود، والقعود.
- لو يأتي واحد يسرد، كم هي القضايا التي نحن نتعبد بها وهي غلط لطلعت أشياء كثيرة، وأشياء خطيرة جداً، خطيرة على الدين، وخطيرة على الناس.
- {مِّنِّي هُدًى} .... دلالات مهمة.
- مع الدرس نسأل الله الهداية
س - هنا كأنه سئل لماذا سبرت الدنيا للمعرضين عن هدي الله؟ فقال: قلنا سابقا: إذا سبرت لهم في الصورة من جهة فلأنهم أحياناً قد يأخذون جانباً من هدي الله فيما يتعلق بالدنيا، في التعامل مع الدنيا، الدنيا لها سنن معينة، والتعامل معها على نحو معين يعطي نتائج، لكن السعادة، السعادة نفسها التي تجعل الحياة سعيدة ليست فقط بقضية المال، أليست الإحصائيات تأتي كثيرة من دول الغرب عن عمليات الانتحار، كم يحصل من انتحار! [السويد] البلد الذي قد هو يعتبر أكثر دول الغرب رفاهية، حالة الانتحار فيه أكثر من أي مجتمع آخر. تأتي مظاهر أخرى تجعل الحياة ضنكا: تفكك الأسر، في الغرب، تفكك الأسر ظاهرة معروفة، فتجعل الناس يعيشون مع بعضهم بعض وكأنهم وحوش، ولا علاقة لبعضهم بعض، يأكل القوي فيهم الضعيف، فتصبح مظاهر الحياة ما هي؟ أعلام شامخة، هكذا، أشياء تتحرك هنا وهنا. وبالنسبة للإنسان نفسه، الإنسان نفسه يكون شقياً حتى في ظلها. هو قال: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} وإن بدت مظاهر من حوله، ناطحات السحاب، وأشياء من هذه، وإن بدت على هذا النحو، قد تبدو أمامنا سعادة، وتبدو أمامه سعادة، يعني توفير للحياة، لكن هو لا يمكن أن يذوق طعم الحياة بالشكل الذي كان يمكن أن يحصل عليه لو سار على هدي الله، تنطبع كلها، حياتهم، وحياتنا بهذا النوع من المعيشة: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً}، من كانت بالنسبة له صعوبة في الحصول على لقمة العيش، ومن يحصل على لقمة العيش، فهناك شيء آخر: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(الفتح4) يجعل معيشتهم ضنكا بأي طريقة، بأي طريقة تكون ضنكا. عندما يكتبون عن دول الغرب، عن الحالة الاجتماعية في دول الغرب، حالة مقلقة جداً، القلق النفسي، التوتر النفسي الذي يجعلهم أحياناً يميلون إلى الحيوانات، يألفون الحيوانات، يألفون الكلاب، ويألفون مختلف الحيوانات، لم يعودوا يألفوا بعضهم بعض. إذا كنا لا نفهم إلا نمطاً معيناً من ضنك المعيشة فالله يخبرنا بأنه: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} يستطيع أن يجند أيّ شيء، ولو فيروس معين يجعل حياتك ضنكا. يحصل تلقائياً، عندما تبنى الحياة في جانب معين، ولا يسير الناس على هدي الله في مختلف الجوانب الأخرى، تتحول حتى هذه المظاهر إلى عذاب، ما الله قال هكذا عن الكافرين؟ {فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}؟ ما معنى هذا بأن بالإمكان أن يكون ما بين يديك وسيلة عذاب لك، إذا كان ما بين يديك قد يكون وسيلة عذاب لك فهو من مظاهر الحياة الضنكا، والمعيشة الضنكا. لأن هذه حقيقة لا يمكن أن تتخلف، وعندما ترجع فعلاً إلى إحصائيات عن دول الغرب التي هي مترفة، ترجع إلى ما كتب عن دول الغرب هذه، عن واقعهم كناس، وليس عن واقع البلدان كبلدان، البلدان ترى فيها المصانع، ترى فيها البنايات الضخمة، ناطحات السحاب، ترى فيها الشوارع الجميلة، الحدائق الجميلة، ترى فيها مختلف الأشياء المنتجة، لكن ليست هذه وحدها هي الحياة، ليست هي وحدها المعيشة، وإلا لعاش الناس سعداء لمجرد وجودها، لمجرد وجودها لا تجعل الحياة سعيدة، هناك أشياء أخرى تجعل حياة من أعرض عن ذكر الله ضنكا، سواء ما كان بشكل عقوبة تأتي من قبل الله سبحانه وتعالى، أو بما كان على شكل أنهم ساروا على غير هدي الله، فكانت النتائج على هذا النحو الذي يشقيهم. لأن المطلوب هو عمارة الدنيا، لكن على نحو من الصلاح، يترافق معه عمارة النفوس، زكاء النفوس وطهرها، وعمارة الحياة، عمارة الدنيا، فلتكن هناك ناطحات السحاب، وليكن هناك مختلف الأشياء من مظاهر ما هو متوفر في هذا العصر، يترافق معها زكاء في النفوس، نفوس زاكية، نفوس طاهرة، مجتمع صالح، هنا تحصل الحياة السعيدة فعلاً، الحياة السعيدة فعلاً تحصل. ظهر في هذا العصر أمراض خطيرة فتاكة لم تظهر في الزمن الأول، من أين تأتي؟ أليست تأتي كلها من هناك؟ أمراض [الأيدز]، وانتشار السكر، وكل مرة يظهر مرض من هذه الأمراض، قد يكون فيروس، أو جرثومة صغيرة جداً جداً فتفتك بهم، وتقلقهم، وتحول حياتهم إلى قلق، وتعاسة. إذا كان الله يخبرنا بأنه من الممكن أن يكون ما بين يديك من مال، وإن كان يبدو في الصورة، وتبدو أمام الآخرين وكأنك سعيد، يمكن أن يجعله الله عذاباً لك في الدنيا، الآية صريحة: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}. نحن إذا عدنا إلى القرآن نفهم من خلال القرآن بأن كل من يعرض عن ذكر الله سيعيش معيشة ضنكا، ويحشر يوم القيامة أعمى، فالإيمان بأن هذه حقيقة، حقيقة لا تتخلف هو المطلوب من المتقين، وإن كنا قد لا نفهم كيف سيكون شقاء هذا، وشقاء هذا، وشقاء هذا، وشقاء هذا. وعلى أساس هدي الله تكون الحياة سعيدة، ويكون المجتمع صالحاً، ويعيش عيشة سعيدة. إذا عاش الناس معيشة ضنكا فمعنى هذا أن هناك خللاً من قبل أنفسهم، وعلى أيديهم، سببه أنهم معرضون عن ذكر الله، فتبدو هنا المسألة، المعرض عن ذكر الله عملياً، ويفسد بيده، والمعرض عن ذكر الله الذي لم يتحرك ليقطع يد المفسد، والذي لم يسر على هدي الله في قطع يـد المفسد، فيشتركون جميعاً؛ لهـذا يأتي يوم القيامة - الذي يبدو من خلال الآيات - أن أهل النار يكونون كثيرين جداً جداً، من مختلف الأجيال. لهذا يأتي الخطاب للناس يوم القيمة: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} (يس60) كأنه يخاطب المحشر بكله، كأنه يخاطب البشر كلهم في المحشر: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} (يس61- 62) من أين هذا؟ من الذين يضلهم الشيطان فيتحولون إلى عبَّاد للشيطان، سواء ممن كان يعبد الشيطان تحت اسم دين، ومن ديانات الله، فهو يُضِل، يَضل ويُضل باسم الدين، باسم الإسلام، بعد ما جاء رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)، أو باسم دين موسى، أو باسم دين عيسى، أو باسم أي دين يأتي على أيدي أنبياء الله. والضلال خطير جداً، الضلال يأتي أشياء بسيطة، لاحظ كيف ذكر الله عن الشيطان بأن عمله يتمثل في ماذا؟ أليس في وسوسة؟ وسوسة، لكن الوسوسة هذه تعمل عملها، الضلال، الضلال يأتي بوسائل تبدو وكأنها عادية، وبسيطة؛ لأن وسائل الضلال هي تتجه إلى النفوس، أليس إلى النفوس؟ تغيير النفس، إضلال النفس سهل، تكون بوسائل وسوسة، وأشياء من هذه، لكن تترك أثراً كبيراً، فيتحول الإنسان هذا بطاقاته، يتحول [إلى ضال مضل]. [الإنسان لا بد أن] يكون حذراً جداً من الأخطاء، أخطاء تخلق انحرافاً عقائدياً هناك واضح، أو أخطاء تخلق نوعاً من الجمود، والقعود والإبتعاد، والتعامل مع الباري على نحو من الخداع، وفهم خاطئ للدين، وللحياة، ولليوم الآخر، وللجنة، وللنار، هذه تحصل، سواء من قبل الشيطان، والشياطين، بسوء نية، وتحصل أيضاً بعضها بحسن نية. المسألة أن الله لم يترك هذه القضية للناس أنفسهم، هو الذي رسم الهدى، وتمثل هداه في القرآن، هو الذي رسم الهدى، من يحاول أن يفكر أن المسألة مفتوحة لا بد أن يقع في ضلال، هناك في الحديث ألم يقل: (ومن ابتغ الهدى في غيره أضله الله) طيب: الذي يبتغي الهدى أليس معناه أنه يبحث عن الهدى؟ يعني: ما عنده حسن نية هو أن يهدي نفسه، ويهدي الآخرين؟ لكن المسألة ليست هكذا على ما تفصلها أنت، أو على حسب ما يقتضي نظرك، أو على حسب ما ترى، أو.. أو... الخ، لا، القضية مرسومة تحرك في إطارها، تمشي على هداه، وتهدي (ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله) بعد عدة فقرات في هذا الحديث يقول: (ومن دعا إليه - أي إلى القرآن الكريم - فقد هدى إلى صراط مستقيم). نحن عندنا أخطاء كثيرة جداً، في ثقافتنا أخطاء كثيرة جداً، ولم يعد الناس يفهمون بأن المسألة يجب أن تكون مضبوطة تماماً، وإلا فسنبقى على ما نحن عليه من الضلال، والضياع، والخذلان لدين الله، والعجز عن مواجهة أعداء الله. كل واحد عنده أنه يمكن أن يأخذ أيَّ كتاب يعمل منه خطبة ويقرأها على الناس، أيَّ شخص أشد الناس إليه؛ عندما فهم أن المسألة مفتوحة، ما لها حدود، وما لها ضوابط، ولا شيء. يصل بنا الأمر إلى أن نتعبد الله بالضلال، بالضلال فعلاً، نرتكب أخطاء من حيث لا نشعر؛ لأننا لم نعرف أسس الأشياء من خلال القرآن الكريم، فنرتكب أخطاء، ونحن نتعبد الله بها، وأنا أعلِّم غلط، وأتعلَّم غلط، وأرشد غلط، وأكتب غلط، ويبدو أنني أرجو ثواب الله مما أكتب، وأرجو ثواب الله مما أعلِّم، وأريد من الملائكة أن تفرش أجنحتها لي وأنا أتعلم وأكتب! لو يأتي واحد يسرد، كم هي القضايا التي نحن نتعبد بها وهي غلط لطلعت أشياء كثيرة، وأشياء خطيرة جداً، خطيرة على الدين، وخطيرة على الناس، فلهذا هنا قال: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ} ألم ينسب الهدى إليه؟ الهدى الذي يرسمه هو؟ {فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} أليست عبارة ضيقة جدا؟ {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى} أليست هذه عبارة: {مِّنِّي هُدًى} وحدي، لم يقل: فإما يأتينكم هدى، ثم في الأخير كل من انطلق يهدي حيَّاه الله، ويرسم هو طريقة للهدى. {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ} أليس هكذا من جديد أعاد الضمير إليه؟ لم يقل: فإما يأتينكم هدى، فمن اتبع الهدى فلا يضل. كل واحد يدعي الهدى، وكل واحد يدعي أنه يرسم هدى، أليس هذا الذي يحصل؟ لا، المسألة هي مرتبطة به، هو الذي يرسم كل تفاصيلها، {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى} حتى عبارة: {يأتي} أي: أنه من طرف آخر، أليس هو يتحدث مع آدم وحواء؟ إذا كان الحديث معهم فقط، وليس مع الشيطان؛ لأن الشيطان هناك لوحده، يتحدث مع آدم وحواء، وهم يمثلون أبناءهم {يَأتِي} أي: يأتي من طرف آخر، ما معناه يأتي مِن مَن؟ عبارة: يأتي، لم يقل: فإما تكونوا على هدى، هل قال: فإما تكونوا على هدى، لا، يأتي، يعني: الهدى يأتي من طرف آخر هو من الله، أليست هذه؟ هذه واحدة: {يأتي}، و{مني} الضمير في مني، ما معناه كلها من الله؟ وفي قوله: {هداي} أليست كلها ثلاث عبارات تفيد أن الطريق هي واحدة، طريق هو الذي يرسمها، الهدى، والهدى هو هذا الهدى الذي من اتبعه لا يضل، ولا يشقى، أليس هدى واسع جداً؟ باتساع الحياة في الدنيا والآخرة، باتساع الحياة في كل شؤونها، اتساع الحياة، حياة الإنسان فيما يتعلق بالأشياء المعنوية، وفيما يتعلق بالأشياء المادية. أليس الضلال هو قد يتجه إلى الجوانب المعنوية في الإنسان؟ ضلال فكري، ضلال ثقافي، ضلال عقائدي، ونحوه، وشقاء في الحياة نفسها، صريح في الجانب المادي: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي} تجد الآيات كلها ربط بالله من أولها إلى آخرها. إلى آخر الآيات ترى كم فيها ضمائر إلى الله {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي} أليست هذه إضافة إلى الله؟ {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ - نحشره، يعني: الله - يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} (طه126) لاحظ كيف المسألة؟ من عند آدم، عندما يقول: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ} أليس هو هنا يرسم طريقة المسيرة إلى يوم القيمة، هذه آية ترد إلى القيامة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة: {فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُمْ مِنِّيْ هُدَىً}
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.