مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

درس اليوم الرابع عشر -الدرس الثاني- يوم الخميس/ 14 رمضان - البرنامج الرمضاني- برنامج رجال الله.

 

(ملزمة محياي ومماتي لله)

عناصر الدرس:

 

 

  1. من رحمة الله بعباده أن فتح أمامهم إمكانية أن يستثمروا حتى موتهم ليحصلوا على القرب منه.
  2. نحن مأمورون أن ننذر حياتنا وموتنا لله والمسألة ليست مختصة برسول الله فقط.
  3. إما ان تكون حياتك وموتك لله وإلا فستكون حياتك وموتك في خدمة أمريكا.
  4. الخسارة الحقيقية عندما تكون متهربا من الحياة الأبدية.

 

مع الدرس نسأل الله الهداية:

 

من رحمة الله سبحانه وتعالى الواسعة بعباده - وهو يفتح أمامهم المجالات الواسعة والمتعددة لما يحصلون من ورائه على رضوانه وعلى ما وعد به أولياءه - فتح أمام الإنسان إمكانية أن يستثمر حتى موته الذي هو حتمية لا بد منها، قضية لا بد منها لكل إنسان سواء كان براً أو فاجراً كبيراً أو صغيراً لا بد أن يموت، فإن الله لرحمته بعباده فتح أمام الإنسان هذا الباب العظيم هو: إمكانية أن يستثمر موته على أعلى وأرقى درجة، أعلى وأرقى درجة.

فعندما يكون لدى الإنسان هذا الشعور: نذر حياته لله ونذر موته لله فهو فعلا استثمر حياته، استثمر موته، استفاد من حياته، استفاد من موته، جعل حياته وموته كلها عملاً في سبيل تحقيق رضوان الله سبحانه وتعالى وأن يحظى بالقرب منه وأن يفوز بالنعيم الذي أعده لأوليائه.

عندما يفكر أي واحد منا، وينظر إلى أنه هل فعلاً سيموت؟ كل واحد منا متأكد من أنه سيموت؛ إذاً فلماذا، لماذا؟ إذا كان الله سبحانه وتعالى قد جعل حتى الموت مما يمكن أن تستفيد منه لماذا لا يستفيد كل واحد منا من هذا الموت الذي لا بد أن يهجم عليه سواء طال به العمر أو قصر؟!

كان بالإمكان أن يكون الموت قضية عادية، هي نهاية لا يرتبط بها شيء في ذاتها لا يمكن أن تستثمر؛ لكن الله سبحانه وتعالى الرحيم بعباده الرحيم بأوليائه جعل الموت على هذا النحو.

فأن تكون صادقاً في اقتفائك لرسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) أن تكون صادقاً في الإقتداء برسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) هو أن تنذر حياتك لله، وتنذر موتك لله. ليس فقط هو أن أبحث عن كيف كان رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) [يتَمَسوَك]؟ أو كيف كان يؤدي أعمالاً أخرى؟! هذا شيء.

الإنسان الذي يعلم أنه يجب عليه أن يقتدي برسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) يجب أن يقتدي به في كل هذه الأشياء التي أمر بها رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) ولو قلنا كما قد يقول البعض: بأن هناك أشياء تختص بالنبي، لكن أما في ميادين العمل فقد يختص بالنبي (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) هو أن يبذل جهده على أعلى مستوى، على أعلى مستوى، لكن ذلك لا يعني: بأن الآخرين ليس أمامهم أن يبذلوا جهودهم على أعلى مستوى.

فما أمر به رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) نحن أُمرِنا بأن نقتدي به، فما هو في مجال العمل في سبيل الله لا نجد أن هناك خصوصيات للرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) في مجال العمل في سبيله إلا خصوصية - إن صحت العبارة - التكليف على أرقى مستوى، أن يبذل جهده على أعلى ما يمكن في سبيل الله.

ولكن الآخرين من الناس لا زال المجال مفتوحاً أمامهم بأن يقتدوا به على أعلى درجة ممكنة، فنحن هنا في قوله تعالى: {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: من الآية162) وهو يقول لرسوله أن يقول هكذا وأنه أمر بهذا، فلو قلنا بأن المسألة لسنا أو ليس مطلوباً منا أن نقتدي به فيها: فننذر حياتنا لله، وننذر موتنا لله سترى ماذا سيحصل، أنه أنت إذا لم تكن ناذراً لحياتك لله ولم تكن ناذراً لموتك لله فإنك ستبتعد عن أشياء كثيرة جداً جداً من الأعمال التي يجب عليك أن تؤديها، وأنك أيضاً ستفقد صفة من الصفات التي فرضها القرآن الكريم كصفة لازمة لأولياء الله هي: أنهم باعوا أنفسهم من الله.

فلو أنها مسألة مختصة بالرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) لما ذكرها في مقام آخر من الصفات التي أثنى على عباده المؤمنين بالتحلي بها {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ} (التوبة:111).

كذلك في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} (البقرة:207) لاحظوا كيف هذه الآية تؤكد أن المسألة هي أيضاً من الرحمة والرأفة التي مَنَّ الله بها على عباده {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} يعنى باع نفسه من الله ليقتل في سبيله، ليعاني في سبيله، ليتعب في سبيله، ليبذل مهجته في سبيله قال بعدها: {وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} هو رؤوف بهم إلى درجة أنه فتح أمامهم أن يستثمروا موتهم،

ليس معنى رؤوف بهم أنه يعني: حصل عمل منهم وهو لا يريده منهم، وإنما هكذا غامروا بأنفسهم وإلا فهو رؤوف بهم لا يريد أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه من شراء أنفسهم منه، وبيع أنفسهم ابتغاء مرضاته؟!

إن الرأفة والرحمة بالإنسان تتحقق بأن الله يفتح أمامه المجالات الواسعة والمتعددة ليحصل على القرب منه، ليحظى بالقرب منه، ليحظى برضوانه، ليحظى بالنعيم الدائم في الجنة، ليحظى بالسعادة الأبدية في الجنة، هذه هي الرحمة، إضافة إلى مظاهر الرحمة في الدنيا التي تتحقق للإنسان في هذه الدنيا وهي كثيرة جداً.

فالمسألة إذاً مما لا يمكن أن نقول بأنها مما هي مختصة بالرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) فإذاً فما دام أن الرسول قد أمر فنحن كذلك مأمورون بأن ننذر حياتنا لله، وننذر مماتنا لله، وحينئذ بعد هذه الآية كل من يحاول معك أن يقعدك عن عمل أن يخوفك أن يثبطك فافهم بأنه يعمل على أن يحول بينك وبين أن تؤدي هذا الأمر الإلهي الذي هو شرف عظيم لك، ونعمة عظيمة عليك أن تنذر موتك لله، أن تنذر حياتك أولاً وتنذر موتك ثانياً لله سبحانه وتعالى، وما أكثر ما يحصل هذا!

مثلاً في هذا الزمن والكثير منكم شباب فيما أعتقد إذا نظرنا إلى أمثال لكم في معسكرات في مناطق أخرى مشى بهم الحال وسوء الحظ إلى أن تنذر حياتهم - سواء رضوا أو لم يرضوا - تنذر حياتهم في سبيل من؟ في سبيل [أمريكا] في سبيل [إسرائيل].

والبشر الآن، الشباب الآن، أنتم الشباب بالذات أمام مرحلة فيما أعتقد: إما أن يكون الإنسان قد رسم لنفسه أن تكون حياته وموته لله، وإلا فستكون حياته وموته من أجل أمريكا، هذه القضية الشباب مقبلون عليها. ستكون ممن ينذر حياته لأمريكا لوأنت في معسكر فتكلف أن تخرج ضمن حملة على منطقة معينة يقال: فيها إرهابيون، أو تكـون أنت معلم ممن يجمد الناس، ويهدئ الناس، ويثبط الناس، ألست هنا تعمل لمصلحة أمريكا؟ أو تكون أيضاً ولست معلماً وأنت إنسان عادي ينطلق من فمك كلمة مع هذا، وكلمة مع ذاك: "بطل ما لنا حاجة، با تكلفوا علينا انظر ما حصل في أفغانستان". أليس كل هذا العمل الذي يؤدي بالناس إلى القعود إلى الخنوع؟ أليس خدمة للأعداء؟ فتكون أنت قد نذرت حياتك في سبيل أمريكا، وستموت في سبيل أمريكا، يكون موتك خدمة لأمريكا لأنه لم تكن حياتك مؤثرة عليها، لم يكن موتك مؤثراً عليها.

فالإنسان إذا لم يتفهم من الآن ونحن في مقتبل هذه المرحلة والكثير منكم في مقتبل العمر لا زالوا شبابا طلابا. اليهود عندهم قدرة أن يثقفوا الناس وأن يعملوا الأشياء الكثيرة حتى يجعلوا الناس ينذرون حياتهم لهم، فالجندي يتحـرك بغضب وشراسـة، ويضـرب بيت أخ مسـلم له، يقتل، يدمر، ينهب، وهـو في الوقت نفـسه، - سواء فهم أو لم يفهم - إنما يخدم أمريكا،

وهكذا تصبح قضية؛ لأن المجال فيها واسع يمكن للمعلم يمكن للمرشد يمكن للوجيه يمكن للتاجر يمكن حتى التاجر نفسه سيخرج من أمواله مبالغ كبيرة خدمة لأمريكا.

والله سبحانه وتعالى يريد منا - لأنه رحيم بنا - أن نفهم بأنه يجب أن ننذر حياتنا له، فمتى ما نذرت حياتك لله خاصة وأنت تعرف النهج الذي تسير عليه وتعرف الصراط المستقيم الذي يجسد ما أنت عليه من أنك قد نذرت حياتك لله سبحانه وتعالى وحينئذ لن تسير على طريق آخر، لن تجعل حياتك في خدمة الطغيان لن تجعل حياتك في خدمة أعداء الله سبحانه وتعالى.

إذا كنت أيضاً قد نذرت موتك لله فأنت من سينطلق في سبيل إعلاء كلمة الله في نصر دين الله في دفع أعداء الله في محاربة أعداء الله؛ لأنك لم يعد لديك خوف من الموت، أنت قد اتخذت لنفسك قراراً أن تستثمر موتك، وأنك قد نذرت موتك لله.

وهذه القضية إذا تأملها الإنسان سيرى بأنها قضية من الحماقة ألا تحصل لدى أي إنسان منا، من الحماقة ألا يكون أي مؤمن قد نذر موته لله لماذا؟ لأن الموت قضية لا بد منها أليس كذلك؟ الموت قضية لا بد منها، وستموت إما بالموت الطبيعي أو تموت على يد أعداء الله إذا كان الأمر على هذا النحو فقد يكون الخوف لدى بعض الناس ليس لتَصور الألم، ليس لاستشعار أن هناك ألَماً، وإنما لاستشعار أنه يريد أن يبقى حيا، يتشبث بالحياة، يحس بالحياة، لا يريد أن يدخل في غيبوبة مطلقة.

فالمسألة إذاً: الله سبحانه وتعالى قد منح الشهيد الحياة الأبدية منذ أن تفارق روحُه جسدَه عندما قال سبحانه وتعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (آل عمران:169).

إذاً فالخسارة الحقيقة هي: أن يكون الإنسان متهرباً من الحياة الأبدية، إذا كنت تخاف من الموت؛ فإن المفترض منك هو أن تكون ممن يحرص على أن يكون حياً فلا يدخل في غيبوبة مطلقة من بعد أن تفارق روحه جسده، ستكون حياً.

من هذا نخلص إلى قضية باعتبارنا طلاب علم، وأن طالب العلم إذا لم يكن يريد من وراء طلب العلم هو أن يكون على هذا النحو: أن تكون صلاته وأن يكون نسكه وأن تكون حياته وأن يكون موته لله رب العالمين فلا فائدة في علمه، لا فائدة في حياته، لا فائدة من موته، لا فائدة في عبادته.

 

أنت كطالب علم يجب أن تضع هذا نصب عينيك: لماذا أريد أن أطلب العلم؟ أنا أريد أن تكون عبادتي لله، وأن تكون حياتي لله، وأن يكون مماتي لله. علم آخر يصرفك عن هذا فليس العلم الذي هو عبادة لله، ليس العلم الذي تفرش الملائكة أجنحتها لطالبه، ليس العلم الذي من سلكه سلك طريقاً إلى الجنة، هذه طريق الجنة التي أُمرَ بها الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) الذي أمرنا بأن نقتدي به، وأن نقتفي آثاره، وأن نسير على نهجه، ونسير بسيرته، ونتحلى بأخلاقه، هذه قضية.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

(محياي ومماتي لله)

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ: 17جماد الأولى 1423 هـ

الموافق: 26/7/2002م

اليمن – صعدة.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر