مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

يقول الله سبحانه وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (آل عمران:110-112). صدق الله العظيم

من قول الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران: من الآية110) نفهم من هذا ما هو أسلوب القرآن الكريم في جلب كل ما يمكن أن يكون مساعداً للناس أن ينطلقوا، وفي القيام بما يريد الله سبحانه وتعالى أن يقوموا به، كما يذكِّر باستشعار المسؤولية الكبيرة على المسلمين، بدءاً من أولئك المسلمين الذين كانوا في أيام الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم)، يذكِّرنا كما ذكرهم سابقاً بتلك المسؤولية الكبيرة، بأن عليهم مسؤولية كبيرة هي: أنهم أخرجوا للناس، {أخرجت للناس} أي: أُظهرت لإصلاح الناس، لرد الناس إلى دين الله، لرفع الظلم عن الناس، لتعميم هذه الرسالة العظيمة في أوساط البشرية جميعاً.

مسؤولية كبيرة جداً، وهي في الوقت نفسه تذكير بنعمة عظيمة هي: أنهم اختيروا، أن تناط بهم هذه المسؤولية الكبيرة، فمن يعرفون قيمة الوسام الذي قلدهم الله سبحانه وتعالى به، وسام شرف عظيم، أن يكونوا هم المؤهلين لأن يحملوا هذه الرسالة؛ ليلتفوا حول راية هذه الرسالة، فيتحركوا في أوساط الأمة، لإصلاح العباد، وتطهير الأرض من الفساد، ليحوزوا شرف السبق، شرف أن تصلح الأمة على أيديهم، وأن تُطَّهر على أيديهم من فساد المضلين.

أليس هذا شرف عظيم، ونعمة كبرى؟ مسؤولية كبرى، ونعمة كبرى، وشرف عظيم، يدفع، يدفع من يرى لهذا قيمته الكبيرة، يدفعه إلى أن ينطلق فعلاً، يدفع هذه الأمة إلى أن تنطلق فعلاً في ميدان العمل، وفق ما هداها الله سبحانه وتعالى إليه، في مجاهدة أهل الكتاب، من اليهود والنصارى، من يشكلون أعظم خطر على البشرية؛ لأنهم كما قال الله عنهم: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً} (المائدة: من الآية64).

فنرى كيف اجتمعت عملية الدفع بالناس، الدفع بالمسلمين، بالعرب، بأهل البيت، وتجد المسؤولية أيضاً على درجات الأولوية داخل هذه الأمة، العرب يتحملون مسؤولية كبيرة أعظم من غيرهم، أهل البيت وشيعتهم يتحملون مسؤولية كبيرة أعظم من غيرهم، أهل البيت بالذات يتحملون مسؤولية كبيرة أعظم من غيرهم.

حينما نتأمل نجد من خلال هذه الآيات عدة عوامل مهمة للدفع بالناس إلى أن ينطلقوا، إلى أن يهتموا بالقضية، في البداية: ذكَّر بخطورة القضية، الخطورة البالغة، التي تصل بالناس إلى درجة أن يكفروا، أن يكفروا بالله وبرسوله من حيث لا يشعرون.

الشيء الثاني: خطورة إذا لم يعملوا على تأهيل أنفسهم؛ ليكونوا بمستوى المواجهة، الخطورة البالغة، بالعذاب العظيم، عندما قال تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (آل عمران:105).

الدافع الثالث: تذكير الله لنا بأنه هو سيهيئ الأجواء التي يمكن أن تفتح انفراجات كبيرة أمام العاملين في سبيله، في هذا الميدان، كما يقول: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} (آل عمران:108- 109).

العامل الرابع: التذكير بالنعمة والمسؤولية الكبرى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (آل عمران: من الآية110) أليس هذا وسام شرف عظيم جداً؟ أنتم من أنيط بكم حمل هذه الرسالة، إن تتحركوا فعلى أيديكم تطهر الأرض من فساد من يسعون في الأرض فساداً، وعلى أيديكم يتم إعلاء كلمة الله، على أيديكم يكون إصلاح عباد الله، فضيلة السبق فضيلة عظيمة،

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} مقارنة بالأمم الأخرى، في ذلك العصر، وفي هذا العصر، مسؤوليتكم تتمثل في هذا، الاصطفاء لا يأتي لمجرد الاصطفاء إنما يناط به مسؤولية كبرى، الاختيار لا يكون لمجرد الاختيار، إنما يناط به مسؤولية كبرى، مسؤوليتكم هي: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (آل عمران: من الآية110) والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو إطار واسع، يشمل العمل في كل مجالات الحياة، في سبيل إعلاء كلمة الله، وتطهير الأرض من الفساد والمفسدين.

{وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} فحينما فرط أهل الكتاب أنفسهم، حينما لم يعودوا بمستوى المسؤولية التي أنيطت بهم، على طول التاريخ، عندما جاء رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم)، وهم من كانوا ينتظرون أن يجاهدوا بين يديه، وكانوا من قبل يذكِّرون الكافرين، ويستفتحون به على الكافرين، أنه سيأتي نبي يبعث، وسنقاتلكم تحت رايته.

يذكِّر كيف يجب أن يكون من تناط به المسؤولية، كيف يجب أن يكون من تناط به المسؤولية. عندما تخلى أهل الكتاب، عندما أصبحوا غير جديرين بتحمل المسؤولية، عندما أصبح أكثرهم فاسقين، وكان المؤمنون فيهم قليلا، أختار الله سبحانه وتعالى هؤلاء، اختار العرب أن يكونوا هم من يقومون بحمل الرسالة تحت راية رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}.

ويذكِّر بأن حمل الرسالة هو شرف عظيم، أن أولئك الذين لم يكونوا بمستوى الأمانة التي قُلِدوها في آخر أيامهم، وهم أهل الكتاب {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ} أنتم اخترتم لتقوموا بالمهمة تحت راية محمد (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) أهل الكتاب أنفسهم لو استشعروا عظم المسؤولية لعرفوا أن المسألة هي على هذا النحو: أنه متى اختار الله نبياً من أنبيائه، فليكن من هنا، أو من هنا، فالأمر إليه، ولهم الشرف العظيم بأن يقاتلوا تحت راية هذا النبي، حتى وإن لم يكن من بني إسرائيل؛ لأنهم غضبوا جداً عندما لم يأت النبي من بني إسرائيل، وقالوا: لماذا يأتي من بني إسماعيل؟ الله هو الذي يقول: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (الأنعام: من الآية124).

والمجال لا يزال أيضاً أمامهم مفتوحاً {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ} خيراً لهم؛ لأنهم هم من يفترض فيهم أن يكونوا من أول من يؤمن بمحمد (صلي الله عليه وعلى آله وسلم)، وهم كانوا من تجمع نحو المدينة؛ لما يعرفون من أنها ستكون مهاجر النبي الذي سيبعث في آخر الزمان، فتجمعوا تجمعات كبيرة حول المدينة المنورة وداخلها.

{وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} (البقرة: من الآية41) لا تكونوا أول كافر به، أنتم يا بني إسرائيل، لا يليق بكم أن تكونوا أنتم أول من يكفر بهذا الدين، وبمحمد، وبالقرآن، وأنتم من تعرفون الرسالات، وتعرفون الكتب السماوية، وتعرفون حاجة الأمم الماسة إلى الهداية من قبل الله، كما قال هنا، في مطلع هذه الآيات في أولها: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ}(آل عمران: من الآية99) وأنتم شهداء، وهو دوركم في الحياة: أنكم اخترتم، وفضلتم على العالمين؛ لتكونوا أنتم من تحملون لواء الرسالات، وأنتم من تكونون شهداء على الأمم، شهداء على الناس.

لكنهم لما تخلوا عن المسؤولية، لما لم يكونوا بمستوى المسؤولية في آخر أيامهم، وإن لم يكن المجموع، كما سيأتي الاستثناء فيما بعد، ولكن عندما يغلب، عندما يكون الغالب هم الفاسقون، عندما يقصِّر، ويفرط المؤمنون، فتبقى الغلبة للفاسقين، يصبح المجموع، من حيث المجموع غير جدير بتحمل المسؤولية، وبالتالي يكون معرضاً للاستبدال، بأن يستبدل به غيره.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

الدرس الرابع – سورة آل عمران

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ:28 شوال 1422هـ

الموافق:12/1/202م

اليمن – صعدة


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر