مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

د/ عبدالرحمن المختار
الحرب نزاعٌ مسلَّح بين طرفَينِ أَو أطراف متعددة، وهي حالة تخضع -من حَيثُ الأصل- لأحكام القانون الدولي، وتوصَف الدولة أَو الدول الأطراف في النزاع المسلّح التي لا تلتزم بأحكام القانون الدولي بأنها مرتكِبةٌ لجرائم حرب.

وتنشأُ الجريمةُ في هذه الحالة بمُجَـرّد ثبوت انتهاك الدولة لأحكام القانون الدولي؛ فعلى سبيل المثال، يحرّم القانون الدولي استهداف المدنيين أَو الأعيان المدنية، فإذا ما تعرّض المدنيون أَو الأعيان المدنية للاستهداف عمدًا من جانب أحد أطراف النزاع المسلّح، ترتّبت على هذا الاستهداف مسؤوليته القانونية.

ويقع على عاتق الجهة المعنية بتطبيق القانون الدولي -وهي هنا الأمم المتحدة بمختلف فروعها، وفي مقدمتها الجمعية العامة ومجلس الأمن- واجبُ اتِّخاذ الإجراءات المقرّرة بموجب الميثاق والقانون الدولي في مواجهة الطرف المنتهك، بناءً على طلب من الطرف الذي تعرّض مدنيُّوه أَو أعيانُه المدنيةُ للانتهاك.

ولا يقتصر الأمرُ على المنظمة الدولية، بل يقتضي التعاون الدولي أن تبادرَ الدول -فرادى وجماعات- إلى اتِّخاذ إجراءات بحق الطرف المنتهك، وقد تتمثل هذه الإجراءات في الإدانة الواسعة، وفرض عقوباتٍ متنوعة في المجالات المختلفة، وأهمها حظر توريد السلاح والمعدات العسكرية، بما يؤدّي إلى حرمانه من وسائل التزوّد العسكرية اللازمة لمواجهة الطرف الآخر في النزاع المسلّح، وهو ما يعني أنّ الأهدافَ المشروعة لأطراف النزاع تقتصر على الجانب العسكري؛ كاستهداف الأفراد والمنشآت العسكرية، أَو الأعيان المدنية التي تُستخدم استخدامًا عسكريًّا بحتًا.

ويجوز لأطراف النزاع المسلّح الاستيلاء على وسائل الإمدَاد المدنية وحمولتها -سواءٌ أكانت سُفُنًا أَو طائرات أَو ناقلات- إذَا استُخدمت لإسناد الجانب العسكري، بل ويجوز تدميرها إذَا تأكّـد تخصيصها للاستخدام العسكري وتعذّر السيطرة عليها. كما يتوجّب على أطراف النزاع، في جميع الحالات، مراعاة الضوابط التي أقرّها القانون الدولي، كتحقيق الميزة العسكرية، ومراعاة شرط التناسب بين حجم الاستهداف والهدف المشروع المراد تحقيقه.

ولا يقتصر مفهوم الحرب على النزاع العسكري، بل يتسع ليشمل نزاعات أُخرى، كالنزاع الاقتصادي بين الدول، الذي يوصف بـ "الحرب الاقتصادية"، وهي إجراءات متبادلة قد تنتهي برضوخ أحد الأطراف لإجراءات الطرف الآخر، أَو بالتوصل إلى حَـلّ وسط.

ومع ذلك، لا يوصف النزاعُ بأنه "حرب" -سواء في جانبه العسكري أَو الاقتصادي- إلا إذَا كان أطرافُه دولًا مستقلَّةً ذات سيادة، تمتلكُ الوسائل اللازمة للمواجهة وتحقيق أهدافها.

وبوَصْفِ الحرب نزاعًا مسلحًا بين أطراف القانون الدولي، فَــإنَّ جميعَ هذه الأطراف ملزَمةٌ بأحكام القانون الدولي في عملياتها العسكرية، وأيُّ انتهاك لهذه الالتزامات يعدّ جريمة حرب تستوجب العقاب - جماعيًّا من جانب الأمم المتحدة وفروعها، أَو فرديًّا من جانب الدول.

أما إذَا لم يكن النزاع المسلّح بين طرفين من أطراف القانون الدولي، فلا ينطبقُ عليه وصف "الحرب"؛ فإذا كان بين دولةٍ معترَفٍ بها وبين مجموعات مسلحة من شعب أرضه محتلّة، وُصف من جانب المقاومين بأنه مقاومة للاحتلال، بينما يصفه المحتلّ بأنه "عملية أمنية". وفي هذه الحالة يفرض القانون الدولي على المحتلّ التزاماتٍ واضحةً تجاه الشعب الواقع تحت الاحتلال، ويكفلُ للشعب المحتلّ حقوقًا أَسَاسية، في مقدمتها الحقُّ في مقاومة الاحتلال بجميع الوسائل المشروعة لتحقيق التحرّر والاستقلال والسيادة.

ويُعدّ تجاوز كيان الاحتلال لالتزاماته انتهاكًا للقانون الدولي، يستوجب العقوبات، لكن لا يصح قانونيًّا وصف المواجهة بينها وبين المقاومة الشعبيّة بأنها حرب؛ لأَنَّ المقاومة لا تُعد طرفًا من أطراف القانون الدولي.

أما حالة الحرب بين الدول، فهي تمنح الأطراف حقًّا متساويًا في امتلاك الوسائل الدفاعية والهجومية. وغالبًا ما تسبقها مقدمات كخلافات حدودية استعصى حلها سلميًّا، وتُعلن الحرب حينذاك بشكل رسمي. أما أي هجوم مفاجئ محدود أَو غير محدود دون إعلان، فيوصف بالعدوان، والعدوان جريمة دولية تختص بنظرها محكمة الجنايات الدولية، إلى جانب محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن، الذي خوّله ميثاق الأمم المتحدة -وفق المادة (51) والفصل السابع- اتِّخاذ جميع الوسائل، بما فيها القوة المسلحة الجماعية، لردع المعتدي.

ومن أمثلة الجرائم المرتكَبة في سياق النزاعات المسلحة: إلقاء الولايات المتحدة القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي، وإعلان السعوديّة محافظةَ صعدة "منطقةً عسكرية" خلال عدوانها على اليمن، بما يعني استهدافَ جميع سكانها بالقتل الجماعي. في الحالة الأولى وقعت جريمة إبادة جماعية مكتملة، وفي الحالة الثانية أعلن عن نية اقتراف الجريمة، لكن المقاومة الشعبيّة حالت دون تنفيذها.

وقد حدّدت اتّفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948م الأفعال التي تندرج ضمن هذا المفهوم، سواء صدرت مباشرة من دولة ما، أَو بشكل غير مباشر عبر المواقف السياسية المؤيدة، أَو عبر الإمدَاد بالوسائل القتالية، أَو غير ذلك من أشكال الدعم. ومن ثم، فَــإنَّ أية دولة تمدّ دولة أُخرى بالسلاح وهي ترتكب إبادة جماعية، تعد شريكًا مباشرًا في الجريمة. وينطبق الأمر نفسه على المواقف السياسية أَو الاقتصادية أَو غيرها.

وبتطبيق ذلك على الحالة في قطاع غزة، فَــإنَّ الوصفَ الدقيقَ هو "جريمةُ إبادة جماعية" وليست "حربًا"، كما يروّج الكَيانُ الصهيوني والإعلام الغربي والعربي. فجميع الدول التي أمدّت الكيان بالسلاح تُعدّ شريكة في جريمة الإبادة الجماعية، وكذلك الدول التي قدّمت له الدعم السياسي أَو الاقتصادي.

ويزداد هذا الوصف تأكيدًا بالنظر إلى سعي الكيان الصهيوني -مدعومًا بحلفائه- إلى نزع سلاح حركات المقاومة الإسلامية، وهو ما يعني تجريدَ الشعب الفلسطيني من وسائل الدفاع وتركه فريسةً لجريمة الإبادة دون أيٍّ من وسائلِ المقاوَمة للمجرم.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر