يتحدّث السّيد عن مصطلح الإمامة, هذا المصطلح القرآني المهمّ الذي تعرض للتشويه, والتزييف, والتّجريم, ووجه بحربٍ إعلاميّة ودعائية شرسة لضربه في نفوس الناس وثقافتهم, وتشويهه, مؤكّداً أنّ هذا من أهداف الصهيونيّة في محاربة المصطلحات القرآنيّة, حتّى يتمكّنوا من ضرب مبدأ الكمال, وليفتحوا المجال واسعاً أمام من يلي أمر الأمة, ويحكمها بعيداً عن أيّ اعتبارات, ومعايير, وشروط إلهيّة, يقول السيد: (لاحظوا في قضية الإمامة، عندما يحاربون الإمامة هل تظنون بأنهم يحاربون اسم [إمامة] هذا واحد من مقاصد الصهيونية في محاربة العناوين والمفردات - مع أن كلمة إمام أطلقت في القرآن الكريم على البر والفاجر ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ﴾ [القصص: من الآية 41] وهناك ﴿أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا﴾ [السجدة: من الآية 24] - هم حاربوا مبدأ كمال أن لا يترسخ في ذهنية الناس، لماذا؟ لأنه متى نسفنا هذا الكمال الذي لا بد منه فسنصل إلى أن نحكم الناس، سأصل أنا إلى أن أحكم الناس متى ما نسفت شروط الكمال، أليس هذا هو الذي حصل؟ ما هذا الذي يقدم في كل دساتير البلدان الإسلامية، لا يُشترط في زعيم البلد الفلاني إلا أن يكون من نفس الوطن، وأن يكون عمره كذا، وألا يكون قد صدر في حقه حكم شرعي يخل بالشرف ما لم يُرد إليه اعتباره، هذه هي الشروط فقط) سورة المائدة الدرس الثاني.
وعندما عملوا على ضرب مبدأ الكمال، أمكن ذلك من فسح المجال أمام أيّ انتهازيّ ليتمكّن من حكم الأمّة، وتولّي أمرها، وهو لا يتمتع بأيّ صفات، أو مؤهلات تؤهّله لذلك, يقول السيد: (أليس الكثير سيكون على هذا النحو وإن كان من الشارع، وإن كان ممن لا يهمه إلا مصلحة نفسه، وإن كان ممن لا يعرف كيف يدير شئون أمة، بل ممن لا يعرف كيف يدير شئون أسرة. أليست الدساتير فتحت المجال أمامهم؟ وعن أي طريق؟ عن طريق نسف الكمال الذي لا بد منه، عندما يقولون: يجب أن يكون كذا وأن يكون كذا وأن يكون, أليست هذه معايير دينية معايير إلهية؟ لماذا تجعل المعايير إلهية؟ نربط المسألة بالله سبحانه وتعالى وهو الذي سيصنع هو الذي سيؤهل، هو الذي سيكمل هو الذي سيختار كما نص الإمام الهادي (عليه السلام)) سورة المائدة الدرس الثاني.
ويؤكّد السّيد على أهميّة التّمسّك بالرّؤية القرآنيّة الّتي قدّمها الإمام الهادي يحي بن الحسين بن القاسم الرّسيّ في مقدّمة كتابه الأحكام, الّتي حدّدت الصّفات, والشّروط, والمعايير الإلهيّة في من يلي أمر الأمة ويحكمها, وينتقد السّيد المعايير التي تأثرت بها الزيديّة مؤخراً في موضوع ولاية الأمر باعتبارها اشتراطاتٍ, ومعاييرَ ومقاييسَ مغلوطةً, وماديّة ضربت المعايير ,والمقاييس الإلهيّة, يقول السّيد: (بل تأثرت الزيدية نفسها عندما غابت عن المعايير التي وضعها الإمام الهادي باعتبارها معايير إلهية في بداية كتاب (الأحكام) فظهر لنا أئمة حتى داخل الزيدية ليسوا جديرين بأن يحكموا الأمة، وصُدروا في تاريخنا كأئمة من أهل البيت وليسوا كاملين ولا مؤهلين، فعلاً وهم لا زالوا كثيرين في سلسلة أئمة الزيدية في كتب تاريخنا لكن جاؤوا هم فيما بعد يجعلوا مقاييس مغلوطة للكمال هذا نفسه [أن يكون عالماً، ويعني أن يكون مجتهداً، ومعنى أن يكون مجتهداً أن يكون قد قرأ كذا كذا كذا إلخ].
ألم تصبح المقاييس مادية في الأخير؟ بينما الإمام الهادي قدم نحو صفحة وهو يتحدث عن مواصفات من هو الأولى في ولاية أمر المسلمين, صفحة كاملة، وقال في الأخير: أن الله هو الذي يؤهل على النحو، إذا ما ارتبط الناس بالله من هذا المنطلق هو الذي سيؤهل لكن جئنا فيما بعد وقدمنا معايير مادية لنسف المعايير الإلهية فانحطينا فظهر لنا أئمة فعلاً كانوا ممن رسخ مبادئ الاختلاف داخل هذه الطائفة نفسها وبدلاً من أن يقدموا لنا علوم أهل البيت وحدهم أضافوا لنا ركاماً من علوم الطوائف التي هي طوائف ضالة فشغلوا أوقاتنا، وشغلوا بيوتنا بركام الكتب من هذا القبيل بدل أن ينتقوا لنا علوم القرآن الكريم وعلوم العترة الطاهرة، ركام من أقوال الآخرين تضيع عليك سنين من عمرك، تضيع حياتك تضيع وقتك تضيع الكثير من أعمالك) سورة المائدة الدرس الثاني.
عندما نسفت هذه المعايير الإلهية في من يلي أمر الأمة, وقدّم الموضوع بصبغة سياسيّة بحتة, فتح الباب أمام من هبّ ودبّ ليكون وليّاً, وحاكماً للمسلمين, والتّاريخ والحاضر يشهد بخطورة هذه المسألة عندما انتزعت من يد الله لتكون بيد البشر, وبيد النّاس أنفسهم, كيف قدّمت لنا, وحكمنا أناس جاهلون, ومتخلّفون, وضالون, ويؤكّد السّيد أنّ القضيّة لا تستهدف أهل البيت فحسب بل هي استهداف لمبدأ الكمال نفسه في من يلي أمر الأمّة, وهو الشيء الذي الأمّة أحوج ما تكون إليه, ولا تستقيم ولايتها, وحياتها إلاّ به, يقول السّيد: (ولنعرف أن المسألة هامة فعلاً أنها: إما أن تكون ضمانة تجعل القضية بيد الله, أو أن يكون نسفها يُهيئ الواقع لتكون في متناول كل من هب ودب، أنه ما الذي يحصل؟ حتى لو قلنا ليس شرطاً أن يكون من يلي أمر الأمة من أهل البيت تعالوا إلى الشروط الأخرى ضعوها في الدستور لتكون هي شروط فيمن يلي أمر الأمة، لن يقبلوا هذا، أتظنون أن المسألة فقط هو محاربة لأن يكون الشخص من أهل البيت الذي يلي أمر الأمة ليس هذا فقط يحاربوا أن يكون كاملاً كمالاً إلهياً وفق معايير إلهية.
عندما تقول يجب أن يكون من يلي أمرنا عالماً بالدين، عالماً بالله، متقياً لله، رحيماً بالأمة، تقياً، ورعاً، زاهداً، أليست هذه المعايير قرآنية؟ حاول أن تضعها في قاعة مجلس النواب لأن تكون ضمن النص الدستوري في مواصفات من يلي أمر هذا البلد أو ذلك البلد لن تقبل بل تحارب) سورة المائدة الدرس الثاني.
ويخاطب السيد أولئك الذين يحاربون مصطلح الإمامة، والذين هم مشغولون بمحاربة أهل البيت واستهدافهم، لماذا لا يعملون ببقية الشروط المعتبرة فيمن يلي أمر الأمة، ويعملون بها؟ موضّحاً أنّهم لا يريدون شيئاً من هذه الشّروط والمعايير, لأنّها لا تنطبق عليهم, ولن يسمح لهم اليهود والغرب بأن يعتبروها شروطاً دستوريّة, ولأنّ كلّ ما يهمّهم هو أن يحكموا الأمّة, ويتربعوا على عروش, وكراسي الحكم, والملك, والسّلطة, يقول السيد: (أولئك الذين يحاربون الإمامة باعتبار إمامة أهل البيت نقول: تعالوا: خلاص أسكتوا إذا كنتم ترون بأن المشكلة هي مشكلة أهل البيت لكن قدموا للأمة أنه يجب أن يكون من يلي أمرها تتوفر فيه المعايير الإلهية الأخرى، لا, مشغولون بأن يحاربوا مسألة أهل البيت وهم في نفس الوقت يؤمنون ببقية الشروط فلماذا لا تقدموا الشروط الأخرى هي وإن سكتم عن أهل البيت، لأنكم تعرفون أن الآخرين لن يسمحوا إطلاقاً أن تكون هذه ضمن الشروط التي لا بد منها في من يلي أمر الأمة، لماذا؟ لأنها معايير إلهية، لا تتوفر إلا على يد الله سبحانه وتعالى ونحن لا نريد أن نربط المسألة بهذا النحو، نريد أن نحكم، أنا أريد أن يكون المجال أمامي مفتوحاً أحكم بدون شرط ولا قيد، عندما يقال: لا بد أن يكون عالماً أنا لست عالماً إذاً فكيف أحكم، إذاً ما هذا شرط جديد علي نصفر عليه، وهكذا وهكذا.. هذا الذي يحصل) سورة المائدة الدرس الأول.
ويبيّن السّيد أنّ هذه الآية القرآنية تقدّم النّموذج, والرّؤية, والمنهجيّة القرآنيّة فيمن يلي أمر الأمة, وأنّها عرضت الصّفات التي تعتبر نماذج لما بعدها من صفات الكمال, والمعايير الإلهيّة, يقول السيد: (ولهذا نفس الآية هذه عندما تعرض معايير إلهية في المؤمن الذي نتولاه ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾[المائدة56] بعد أن قال: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾[المائدة:55] وعادة ما يعرض القرآن صفتين أو ثلاثة هي نموذج يدل على ما وراءها؛ لأنه عرض مجمل نواحي شخصيته في صفتين تدلك على ما بعدها من صفات الكمال والمعايير الإلهية) سورة المائدة الدرس الثاني.
الإصطفاء في القرآن الكريم
وفي مديح القرآن الدّرس الخامس يبيّن السّيد السُّنّة الإلهيّة في موضوع الإصطفاء, وأنّ موضوع الإصطفاء من المواضيع الرئيسيّة في سورة فاطر, وأنّ السُّورة من أولها إلى آخرها جاءت لتوضّح وتبيّن موضوع الإصطفاء, وتجيب على كلّ ما يخطر من تساؤلات حول الموضوع, يقول السيد: (لاحظ مثلأً سورة [فاطر] سورة فاطر من المواضيع الرئيسية فيها:﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾[فاطر32] موضوع الاصطفاء على هذا النحو, تجد السورة من أولها إلى آخرها تخدم الموضوع بشكل رهيب, وبشكل عجيب, في كل ما يطلع من تساؤلات حول الموضوع) مديح القرآن الدرس الخامس.
ويبيّن السّيد أنّ موضوع الإصطفاء يقوم على تعدّد الأدوار، والمهام، وتنوّعها، وتفاوتها كما بيّنته سُورة فاطر، يقول السيد: (فالقضية هي في الذهنية قضية تفاوت، أليست قضية تفاوت؟ يبدأ لك بالتفاوت من أول السورة إلى آخرها: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [فاطر1] أليس هذا أول شيء؟ وهكذا منْزَل، مَنْزل، تصل إلى عند: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ﴾ [فاطر27].
تجد السورة تقدم لك أن هذه سنة إلهية، سنة إلهية، وأنه أحياناً المهام نفسها تتطلب تفاوت على هذا النحو، كما أن الملائكة هم رسل, ولديهم مهام متفاوتة, فالمهمة تفرض أن تكون على نحو معين, تكون لائقاً بأداء المهمة ﴿رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ هناك ملائكة معهم من أربعة أجنحة, وملائكة معهم من ثلاثة, أو تقول ثلاثة وثلاثة, وهناك ملائكة معهم من اثنين أجنحة, أليس هذا نفسه تفاوت؟. وهكذا يمشي في الموضوع بشكل واضح) مديح القرآن الدرس الخامس.
وتقدّم هذه السُّورة المباركة موضوع الاصطفاء كاختصاص إلهيّ يأتي من جهة الله سبحانه وتعالى هو, وكيف جاءت هذه السُّورة من أوّلها إلى آخرها بالشّكل الّذي يخدم الموضوع, ويبيّنه للنّاس, وأنّ الله سبحانه وتعالى لا يقوم اصطفاؤه للأعلام والهداة من عباده على أساس التقليد والمحاكاة لأحد, بل هو الفاطر, والمبدع الذي يخلق ما يشاء, ويختار من جهة نفسه, يقول السيد: (نأتي إلى الموضوع في نفس السورة, أو المواضيع الرئيسية فيها, تجد السورة تخدم الموضوع من أولها إلى آخرها, تخدمه من أولها إلى آخرها, تطلع لك كلمة: ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾[الأنعام:14] بالنسبة لهذا الموضوع الرئيسي أن معناه هام جداً, يعني أن الله سبحانه وتعالى لا يأتي فقط يعمل مثلما يعمل الآخرون, أو أنه يساير تقاليد لدى البشر قائمة, لا, هو مبدع وفاطر, هو فاطر, هو مبدع للأشياء.
هو لا يقلد، رأى العرب يعملوا شيخ، وهو قال: سنعمل لنا شيخ! رآهم يعملوا بيت مَشِيْخ، فقال: ونحن سنصطفي بيت ونقول كذا... لا، هي مسألة من جهة نفسه، وهو عادة ليس مقلد، هو فاطر، فطر السماوات والأرض هذه بكلها، فهل سيقلدك في حاجة بسيطة من هذه؟ وهكذا... إلى آخر السورة) مديح القرآن الدرس الخامس.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.