الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
خطبة الجمعة الثالثة من شهر ربيع الأول 1445هـ
العنوان: الرسالة الإلهية وعلاقتها بالتغيير في الواقع البشري )
التاريخ: 21 / 3 / 1445ه
الموافق: 6 / 10 / 2023
الرقم : (12)
➖➖➖➖➖➖➖➖
🎙️أولاً: نقاط الجمعة
نقاط الجمعة
1-أحيا شعبنا اليمني وبعض شعوب عالمنا ذكرى مولد رسول الله الذي ولد في عام الفيل ونشأ يتيما فتولى الله رعايته وهيأ له جده عبدالمطلب ثم عمه أبوطالب وبعثه الله بالرسالة وهو في الأربعين وبدأ في مكة ثم انتقل إلى الأنصار في المدينة وتحرك لإخراج الناس من الظلمات إلى النور
2-أول العناوين لإخراج الناس من الظلمات إلى النور هو تحريرهم من العبوديَةِ لغير الله تعالى (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)
3-كما كان من أبرز ظواهر الجاهلية هو الظلم بمختلف أشكاله فتحرك رسول الله بنور القرآن لإخراج الناس من ظلمات الظلم إلى نور العدل والقسط (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط)
4-أمام معاناة شعبنا لابد من تغيير جذري وقد أعلن السيد القائد أولى مراحله بتغيير الحكومة وإصلاح القضاء فمن المهم أن يلتف الشعب حول قيادته وعليه أن يحذر وأن يواجه كل مؤامرات الأعداء التي ستحارب ذلك ومن المهم الاستعانة بالله وتغيير أنفسنا: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
🎙️ ثانياً: نص الخطبة
الخطبة الأولى
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين، أَرْسَلَهُ اللَّه رَحْمَةً لِلعَالَمِينَ؛ لِيُخرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وليُنقِذَهُم مِن الجَاهِلِيَّة، وَليُحَرِرَهُم مِن العُبُودِيَّةِ لِلطَّاغُوتِ، وَلِيَهدِيَهُم إِلَى صِرَاطِ اللهِ المُستَقِيم، فَبَلَّغَ رَسَالاتِ اللهِ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ الله، وَأَرسَى دَعَائِمَ الحَق.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَار، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الأَبْرَار، وَأَدْخِلنَا بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِين.
أما بعد/ أيها الأكارم المؤمنون:
ما زلنا في شهر بيعٍ الأول، وما زال حديثنا يتجدد عن ربيع قلوبنا رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، وقد أحيا شعبنا اليمني العظيم وبعض شعوب عالمنا العربي والإسلامي ذكرى مولد رسول الله، وخاتم أنبيائه، وصفوة خلقه، وخير عباده: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم " صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه"؛ حيث كان مولده مولدًا للنور، وقدومًا للخير والخلاص، في وقتٍ كان العالم بأسره في كل أنحاء المعمورة في واقعٍ مظلمْ، وجاهليةٍ جهلاء، وضلالٍ مبين، والمجتمعات البشرية في مختلف أنحاء الأرض أسيرة الشقاء والضياع، والظلم والقهر والاستعباد.
وقد كانت إرهاصات ومقدمات المولد المبارك لرسول الله "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم"، هي تلك الحادثة العجيبة؛ (حادثة أصحاب الفيل) حينما اتجه الجيش الموالي للإمبراطورية الرومانية صوب مكة المكرمَّةِ - أثناء سيطرة الأحباش على اليمن - بهدف تدمير الكعبة المشرَّفةِ، والسيطرة على مكة، ومنع قيام المشروع الإلهي المنقذ للبشر في الحقبة الأخيرة والرسالة الخاتمة؛ فجعل الله كيدهم في تضليل، وأرسل عليهم الطير الأبابيل، وأهلكهم، كما بيَّنَ ذلك في (سورة الفيل) التي قال فيها: {بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ . أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ . أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ . وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ . تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ . فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ}، وكانت تلك آية عجيبة من مصاديق قوله تعالى: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
عباد الله:
في ذلك العام - الذي سُمي بعام الفيل - وُلد رسول الله وخاتم أنبيائه: محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب، ونشأ يتيمًا؛ لوفاة والده، وازداد يتمه بعد سنوات بوفاة والدته، وقد تولَّى الله " تَبَارَكَ وَتَعَالَى" رعايته، كما قال تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى}، وهيأ له عنايةً خاصةً ومميزة من جده عبدالمطلب، ثم من بعد ذلك عمه أبي طالب، ونشأ نشأةً مباركةً طيبةً وفريدةً،
وبتكاملٍ عجيبٍ: في رشده، وأخلاقه، وطهارته من دنس الجاهلية، ومن شركها وآفاتها، وحظي بالإعداد الإلهي للمهمة العظيمة: الرسالة الإلهية المقدَّسة العالمية.
وفي تمام الأربعين من عمره الشريف ابتعثه الله تعالى بالرسالة إلى العالمين، وأنزل عليه القرآن الكريم (المعجزة الخالدة) الذي يحتوي على الرسالة الإلهية، وإرث النبوة والكتب الإلهية السابقة؛ لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، كما قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ . اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ . الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ}.
وقد بدأ "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم" حركته بالرسالة الإلهية من مكة المكرَّمة، حيث واجهه أكثر قريشٍ بالتكذيب والاتهامات والعداء الشديد؛ فوجهوا التهم المتنوعة إليه: بالجنون، والسحر، والشعر، والكذب، ومارسوا الاضطهاد ضدّ المسلمين المستضعفين، وسعوا لاغتيال رسول الله "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، واستمروا على ذلك ما بين عشرٍ إلى ثلاثة عشر عامًا.
ثم أَذِنَ الله له بالهجرة إلى يثرب (المدينة المنوَّرة)، حيث الأوس والخزرج، الذين آمنوا، وآووا، ونصروا، وحملوا راية الإسلام، وخرجوا من الظلمات إلى النور، وبدأت مرحلة جديدة ابتنى فيها بنيان الأمَّة المسلمة، وواجه كل التحديات، وكل المؤامرات، وكل الأعداء، وقدّم النموذج المميَّزَ للإسلام، الذي وضَّحَ الفوارق الكبرى عن آثار ظلمات الجاهلية.
وواصل الرسول "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم" جهوده لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، من خلال حركته بكتاب الله تعالى (القرآن الكريم)، متجهًا إلى هداية الناس، وتغيير مفاهيمهم وأفكارهم الخاطئة، والضالَّةِ، والظلاميَّةِ، وساعيًا لتزكية أنفسهم، وتربيتهم على مكارم الأخلاق.
أيها المؤمنون:
لقد كان أول العناوين لإخراج الناس من الظلمات إلى النور هو: تحريرهم من العبوديَّةِ لغير الله تعالى، وللأسف الشديد كان قد حصل في واقع البشر - من بعد انحرافهم عن منهج الله تعالى، ومخالفتهم لرسالاته، واتباعهم للمضلين الظلاميين - معتقدات الشرك، والاعتقاد بالشرك في الألوهية لآخرين جعلوهم شركاء لله، واعتبروا أنفسهم عبيدًا لهم؛ فالبعض اعتقد عبوديته للأصنام، والبعض للشمس، والبعض للنجوم، والبعض للحيوانات، والبعض لطغاةٍ من البشر، والبعض للملائكة، والبعض للأنبياء، والبعض للجن، ولا تزال تلك العقيدة الباطلة مستمرةً لدى كثيرٍ من المجتمعات، فكثير من النصارى في أمريكا والغرب يعتبرون أنفسهم عبيدًا لنبي الله عيسى "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وفي واقع الحال هم يؤلِّهون المادَّة والشهوات، وهم على ارتدادٍ عن نهج نبي الله عيسى "عليه السلام" البريء من الشرك، فكيف يمكن أن يكون من يحملون عقيدة العبوديَّة لغير الله تعالى حملةً لراية الحريَّة؟! كما أنهم - ومن يتبعهم - يمنحون الإنسان حق التشريع والتحكم على أخيه الإنسان من دون الله تعالى، وذلك من الاستعباد للناس.
بينما رسالة الله تعالى وأنبياؤه وكتبه تحرر الإنسان من كل أشكال العبودية لغير الله تعالى، من جهة الاعتقاد، ومن جهة التوجه والممارسة، فكلُّ الناس عبيدٌ لله تعالى وحده، ولا يملك أحدٌ حق الألوهية والاستعباد لهم إلّا الله تعالى؛ لأنه ربهم الحقُّ، وخالقهم، ومالكهم، وله ما في السماوات والأرض، وهذا هو المعنى الحقيقي للحريَّةِ، والواقع الصحيح الذي يترجمها؛ لأن الرسالة الإلهية تبني مجتمعًا حرًّا بكل ما تعنيه الكلمة، وليس فيه أحدٌ عبدًا لأحد، والجميع عبيدٌ لله ربِّ العالمين فقط، ومبدأ التوحيد هو العنوان الأول لرسالة الله تعالى، قال تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ}، وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}، وكلُّ ما يُعبِّدُ الإنسان لغير الله تعالى، من عقيدةٍ، أو ممارسةٍ، فهو باطلٌ، وضلالٌ، وظلمة، يخسر بها الإنسان حريته بمفهومها الحقيقي.
وبحركة الرسول "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم" بالقرآن؛ فقد سعى لتحقيق هذا الهدف المقَدَّس في تحرير المجتمع البشري، ولا تتحقق الحريَّة الحقيقية إلّا باتباعه، والإيمان برسالته، والاهتداء بنور الله (القرآن الكريم)، وما عدا ذلك ظلماتٌ يتيه بها الإنسان، ويُعَبِّدُ نفسه للطاغوت والشيطان.
أيها الأكارم:
كما كان من أبرز ظواهر الجاهلية وظلماتها هو: الظلم، وقد تحوَّل إلى سلوكٍ عامٍّ للإمبراطوريات والدول، ومختلف الكيانات، والقبيلة، والأسرة، والأرحام، والأقارب؛ فتلاشت قيم العدالة، وتغلَّب نظام الغابة، والقوي يأكل الضعيف.
فتحرك رسول الله "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم" بنور القرآن وتعاليمه المباركة، بالتزكية للأنفس، وبترسيخ قِيم الرحمة والخير والعدل، وبالجهاد والتصدي للظالمين؛ لإخراج الناس من ظلمات الظلم، إلى نور العدل والقسط الذي هو من أبرز أهداف الرسالة الإلهية، وحظي فيها بمكانةٍ عظيمة، ومساحةٍ كبيرة من التعليمات والتوجيهات، كما قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}، وكما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أنه تعالى جوادٌ برّ رؤوف رحيم، قلت ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.
أما بعد/ أيها المؤمنون:
إنَّ شعبنا العزيز (يمن الإيمان والحكمة) في إحيائه الكبير وغير المسبوق لذكرى مولد خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، رسول الله محمد "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" أَعلَنَ للعالم أجمع تمسكه بالرسالة الإلهية، وإيمانه الراسخ بالقرآن الكريم: منهجًا، ودستورًا، وبرسول الله "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ": قدوة وأسوة وقائدًا، وإنَّ مسار التغيير الجذري لإصلاح مؤسسات الدولة يعتمد على الانتماء الصادق والهوية الإيمانية لشعبنا العزيز، ويستنير بنور الله تعالى وكتابه الكريم، والاتباع لرسوله الأكرم "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ".
ولقد عانى شعبنا العزيز معاناة كبيرة على مدى عقودٍ من الزمن، من الظلم والحرمان، ومن السياسات الخاطئة، وانعدام المشروع الحضاري؛ نتيجةً لمؤامرات أعدائه من الخارج، وأعوانهم من الداخل، وهو شعبٌ عزيز، وجديرٌ بالخير، وله تاريخه الحضاري العريق، ودوره الرائد في مسيرة الإسلام الخالدة منذ فجر الإسلام وعلى مدى التاريخ، وكان العدوان الذي شنه تحالف الإثم والعدوان من ضمن أهدافه: منع أيّ تصحيحٍ يبني البلد على أساسٍ من هويته الإيمانية، ويحقق له الاستقلال والحريَّة، ويتجه للنهضة الحضارية، بعد أن عملوا على أن يكون بلدنا محكومًا بالوصاية الخارجية، وخاضعًا للبند السابع، ومذعنًا للمبادرة الخليجية، التي جعلوها آنذاك محل الدستور اليمني، وكانت بنودها ومقرراتها فوق الدستور اليمني، وبعنوان الوفاق عُلِّقَ ما لا يتفق معها من الدستور آنذاك.
أيها الأعزاء:
إنَّ من المعلوم قطعًا أنَّ البناء الصحيح لابدَّ له من أساسٍ صحيحٍ وجامعٍ، يؤمن به كلّ اليمنيين، ويعزز الشراكة فيما بينهم، ولا ينحصر لصالح حزبٍ أو فئة، ولا يدخل في حيّز المناطقية، ولا العنصرية، ولا الفئوية، وفي ظل هذه الظروف التي يعيشها بلدنا، ويعاني فيها من احتلال أجزاء واسعة منه، ويسعى الأعداء إلى تمزيق النسيج الاجتماعي لشعبنا تحت كل العناوين: العنصرية، والمذهبية، والمناطقية، والسياسية، ويسعون لاقتطاع أجزاء من البلاد.
فإنَّ ما يؤمن به الشعب اليمني في كل أرجاء الوطن، في شمال البلد وجنوبه، وشرقه وغربه، وفي كل محافظاته، وتجتمع كلمتهم على الإقرار به: هو القرآن الكريم الذي له الاعتبار فوق كل المقررات والقرارات، وهو الأساس الذي سيعتمد عليه الشعب اليمني في مسار التغيير الجذري.
وفي هذا السياق نؤكد على ما أكّد عليه السيد القائد بالتمسك بالشراكة الوطنية، والمفهوم الإسلامي للشورى، ووحدة الشعب اليمني، والمفهوم العام للمسؤولية، الذي تتكامل فيه الأدوار، ولن نقبل بالاستبداد، ولا بالتسلط الفردي، ولا الحزبي، ولا الفئوي.
كما أننا ندعم المرحلة الأولى في التغيير الجذري المتمثلة بإعادة تشكيل الحكومة بحكومة كفاءات تجسد الشراكة الوطنية، ويتم فيها تحديث الهيكل المتضخم، وتغيير الآليات والإجراءات العقيمة والمعيقة، ويتم فيها تصحيح السياسات وأساليب العمل، بما يحقق الهدف في خدمة الشعب، ويساعد على التكامل الشعبي والرسمي في العمل على النهوض بالبلد، ومعالجة المشاكل الاقتصادية.
كما أن من ضمن المرحلة الأولى: العمل على تصحيح وضع القضاء، ومعالجة اختلالاته، ورفده بالكوادر المؤهلة من علماء الشرع الإسلامي، ومن الجامعيين المؤهلين، وفتح مسارٍ فعَّالٍ لإنجاز القضايا العالقة والمتعثِّرة إن شاء الله.
عباد الله:
في الفترة الأخيرة وكثمرة من ثمار ثورة 21 سبتمبر بدأت تظهر مشاريع صغيرة للأسر المنتجة عبارة عن صناعات غذائية متنوعة مواد خامها يمنية 100% تنتج بعض العصائر والمخللات والمربيات والألبان والزبدة والكعك والحلويات تمتاز بجودة عالية وخالية من المواد الحافظة بالإضافة إلى المشغولات اليدوية فعلينا أن ندعم هذه المنتجات وأن نقبل على شرائها دعما للمنتج المحلي وللأسرة اليمنية وتخفيضا لفاتورة الإستيراد .
وفي الختام:
نقول لشعبنا العزيز: إنّ أساس النجاح - بعد معونة الله تعالى وتوفيقه - هو تعاونكم، وتفهمكم، ووعيكم، وحذركم من مساعي الأعداء لإعاقة كل مشروعٍ بنَّاء، وحذركم من الحاقدين المفترين الذين سيعملون بكل جهد على محاربة ومواجهة كل مساعي التغيير الجذري الذي نحن في أمسّ الحاجة إليه.
وشعبنا سيقف خلف قيادته الثورية الصادقة الحريصة على مصلحة الشعب في إصلاح مؤسسات الدولة، وكل ذلك سيتحقق بالاستعانة بالله وتوفيقه ومعونته، والحرص على تغيير أنفسنا ليغير الله واقعنا؛ فهو القائل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم فصلِ وسلم على سيدنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، وعلى أخيه الإمام علي، وعلى فاطمة البتول الزهراء، وعلى ولديهما الحسن والحسين، وعلى جميع آل رسول الله، وارض اللهم برضاك عن صحابة نبينا الأخيار من المهاجرين والأنصار.
ربنا لا تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنباً إلا غفرته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شافيته وعافيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا خذلته، ولا مفقوداً إلا وكشفت مصيره، ولا أسيراً إلا وفككت أسره، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وانصرنا على من نَقل بنكنا، ونهب نفطنا، وقطع مرتباتنا من أئمة الكفر والنفاق: أمريكا وإسرائيل وآل سعود وعملائهم من المنافقين فإنهم لا يعجزونك.
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
➖➖➖➖➖ ➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
بديـوان عــام الــوزارة.
-----------