{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (البقرة: من الآية30) أليس الله قال هكذا في القرآن الكريم؟ دورهم، مسئوليتهم في هذه الأرض واحدة، مهمتهم واحدة، هذا الإنسان ـ ولهذا جاء في القرآن الخطاب بلفظ ناس: {يا أيها الناس}، {يا أيها الناس}، هي تشمل الرجل والمرأة بعبارة واحدة اسمهم: ناس، كلهم اسمهم: بنو آدم، ـ مسئولية واحدة، ومهمة واحدة الآثار الطيبة أو النتائج السيئة كلها تأتي واحدة لا تتصور بأنه بالإمكان أن يكون الرجل يعيش في ظل وضعية صحيحة إلا وتكون المرأة كمثله، أو أن يكون في وضعية مضطهدة ستكون المرأة كمثله في مسيرة الحياة، لا تستطيع أن تتصور أنه يمكن أن يكون للرجل وضعية مستقلة عن المرأة أو للمرأة وضعية مستقلة عن الرجل في مسيرة الحياة على الإطلاق، كلها مسيرة واحدة، وكلهم كيان واحد، تختلف فقط الأدوار في إطار النهوض بهذه المسئولية التي هي ملقاة على بني آدم بشكل عام، تختلف الأدوار ليس فقط فيما بين الرجل والمرأة بل فيما بين الرجال أنفسهم وفيما بين النساء أنفسهن وكلمة: {خَلِيفَةً} يظهر من خلالها أنها مسئولية.
إذاً فالدور الرئيسي للإنسان بشقيه أو بجزئيه فعلاً المترابطين: الرجل والمرأة هي ماذا؟ مسئولية بكل ما تعنيه الكلمة أوسع حتى من مسألة النظام الإداري أو المؤسسات الإدارية لأي دولة من الدول، الحياة بكلها مسئولية، المهام بكلها تسمى: مسئوليات.
كانت الغلطة الكبيرة عندما اتجهوا إلى المرأة، اليهود اتجهوا إلى المرأة ليحسسوها بأنها تفقد الكثير من حقوقها وأطلقوا على كل هذه المسئوليات اسم: حقوق، الوظيفة العامة، الأعمال الإدارية، كلها سموها حقوقاً، رئيس، رئيس وزراء، أو وزير معين، أو وكيل وزارة أو مدير أو نائب أو أي شيء من هذه سموها حقوقا، وهذه غلطة كبيرة يجب أن نقاومها، هذه لا تسمى: حقوقا، هذه تسمى: مسئوليات، والمسئولية عادة يجب على الرجل والمرأة جميعا أن يعملوا من أجل أن تكون المسئوليات في المؤهلين لها، ليست المسئولية عبارة عن حق فيقال: الرجل له حق كذا، أما المرأة فليس لها حق ثم يقال للمرأة: يجب عليها أن تناضل من أجل أن تحصل على حقوقها فتكون شريكة مع الرجل في الإدارة في المنصب الفلاني .. إلى آخره! لا، هذه غلطة من البداية. نقول: لا، هذه هي مسئوليات هذه هي مسئولية يجب أن نبحث داخل الرجال أنفسهم عن المؤهل في أي عمل كان.
ولأن القضية كلها مسئولية، نفس الاستخلاف هو مسئولية، أن الإنسان حتى فيما يتعلق بممتلكاته الخاصة فيما يتعلق بأسرته متى ما كانت تصرفاته متجاوزة أمكن أن يُحْجَر عليه هذه القضية معلومة، وفي أموالك الخاصة أنت ما يقال بأن هذا حقي أعمل به ما أريد، لو يجد الناس شخصا يريد أن يحرق عملة من العملات الورقية أو يتلف شيئا من أمواله هكذا لوجب عليهم أن يمنعوه، لوجب على الحاكم أن يحجر عليه، أو وجدوه يسرف في نفقاته بشكل كبير فيلحق أضراراً بأولاده، وبأسرته، بل يبدو من خلال تعامله أنه تعامل غير طبيعي مع موضوع المال بشكل عام أن يحجر عليه، أن يوقفوه، أليس هذا يعني: أنها مسئوليات.
فهم اتجهوا إلى مسألة: التفريق ليستغلوا المرأة وليقدموا أنفسهم وكأنهم همهم إقامة القسط والعدل وأن تعطى المرأة حقوقها! لاحظ كيف الطريقة كيف قدموها، كان بإمكانهم هم كرجال أن يقوموا بالعملية دون إشعار للمرأة ومحاولة إثارة المرأة نفسها؛ هل إثارة المرأة نفسها في أي مجتمع يمكِّنها من أن تصل لنيل حقوقهاـ كما يقولون ـ؟ لا. عندما يأتي الأمريكيون في أي بلد يقولون بأنهم يريدون المرأة أن تأخذ حقوقها! لم يتجهوا هم إلى الرجل في أي شعب ليضغطوا عليه ليؤدي حقوق المرأة، لكن يتجهون بشكل كبير إلى إثارة المرأة، إثارة المرأة نفسها وهم يعلمون أن هذه المرأة في أي شعب من الشعوب لا تستطيع هي، هل هي تمتلك سلطة؟ هل تمتلك قدرات على أن تنال الحقوق التي رسخوا في ذهنيتها أنها حقوق؟ هذا لا يحصل، ما الذي يحصل في الأخير؟ ما النتيجة في الأخير؟ هي قضية تعقيد، أن يعقدوا المرأة على الرجل وأن تكون المرأة قريبة من التأثر بهم؛ لأنها تراهم وكأنهم مهتمون بقضيتها.
لكن تجدهم في نفس الوقت ـ لأنهم كاذبون في كل ما يدعون أنه حقوق ـ أن الرجال أنفسهم، أليس العالم، أليس الناس مظلومين بسببهم؟ حقوق الناس بكل ما تعنيه الكلمة حسب ما يقدمونها حقوق العرب، حقوق حكومات وحقوق شعوب، كلها هم ينتهكونها هم، يضيعون حقوق الناس هم، تعاملهم أليسوا دائما يقولون: إن من الحقوق التي يعملون لأن ينالها كل إنسان هو الحق في حرية التعبير، الحق في الرأي والرأي الآخر وأشياء من هذه؟ لماذا لا يتعاملون مع من يرفعون شعاراً في المساجد وهم على مدى سنة كاملة يوجهون بسجنهم؟ أليسوا كذابين أن يقولوا أنهم يريدون حقوقا؟ هم ينتهكون حقوق الكل وليست المرأة ذات قضية لديهم أنهم مهتمون بحقوق معينة لديها إنما المهم هو: التفريق بين الناس، التفريق بين الناس مهما أمكن التجزئة، أي شيء ممكن تجزءته يجزئونه، إذا أمكن تجزءة الأسرة الواحدة يجزئونها، ولأن الأسرة الواحدة تتكون عادة من رجال ونساء سيجزئون الأسرة الواحدة لو يمكنهم أن يجزئوك أنت إلى جهتين تحارب بعضها البعض لعملوا هذه!!.
إذا كانوا صادقين في مسألة حقوق، هناك حق أنتم دائما تفخرون بأنكم تحافظون عليه هو حق التعبير، لماذا لا تتركون للرجال حق أن يعبروا عن مشاعرهم عن رؤاهم عن مواقفهم عندما يرددون [شعاراً] في المساجد؟ عندما يسجنونهم أليسوا يشهدون على أنفسهم بأنهم كاذبون في أنهم يريدون أن يعطوا كل ذي حق حقه؟
---------------------
دروس من هدي القرآن الكريم
[الدرس السابع عشر]من دروس رمضان المبارك /ص -2-3 .
-------------------
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 17 رمضان 1424هـ
الموافق: 11/ 11/2003م
اليمن ـ صعدة .