الطريقة الصحيحة في التعاطي مع القرآن الكريم هي تقوم على أساس العمل والتّحرك الجماعي به, لأنّ النّظرة الفرديّة في التّعاطي والتّعامل مع القرآن الكريم هي الّتي ضربت القرآن الكريم في واقع نفوسنا, وفي واقع حياتنا, وجعلت الكثير, والنّسبة الواسعة من هداه وبيّناته خارج نطاق دائرة اهتماماتنا وأعمالنا, ومن يتعاطى مع القرآن الكريم بطريقته الفرديّة فإنّه لن يحصل على الهدى الواسع والشّامل, وغاية ما يحصل عليه هو القليل من المعارف والهدى, وتبقى القضايا الرئيسية والكبيرة التي تتعلق بإقامة الدّين, وبناء الأمّة خارج نطاق الإهتمام, وخارج نطاق القدرة, يقول السّيد: (لأن الكثير من الهدى الذي في القرآن الكريم، عندما ينظر الإنسان فردياً هو، ألست قد ترى أشياء كثيرة جداً منه خارج دائرتك أنت؟ فعلاً، أي بالنظر إليك أنت كشخص، وأنت تفترض بتكليفك الخاص أنت، تقول صلاة ممكن صلاة أصلي مقبولة، صيام ممكن أؤدي الصيام هنا أستطيع من الصباح إلى الليل، ذكر الله ممكن أذكر الله، زكاة ممكن أؤدي، أشياء هذه محدودة، أليست تعتبر محدودة؟ لكن تجد المساحة الواسعة في الدين، تجدها قضية جماعية، خطاب جماعي، مهام جماعية، هذه المهام الجماعية عندما تأتي أنت بنظرتك الفردية إليها سترى بأن هذا مبني على أنه إذا كان هناك استطاعة، وفي الأخير تقول: أنا لست مستطيعاً، وهذا الذي حصل، الذي حصل عند الناس، عندما ترسخت النظرة الفردية، لم يبق لديهم ما يتناولونه إلاّ الأشياء الفردية، تراهم مصلين، وصائمين، وحاجين، ومزكين، ومتصدقين، الأشياء الأخرى وهي المساحة الواسعة يبدي عليها ورآها وقال: هذا يمكن كذا... مثل: ﴿كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ﴾(الصف: من الآية14) ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ﴾(آل عمران: من الآية104) ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ﴾(النساء: من الآية135) ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾(الحج: من الآية78) ﴿قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾(آل عمران: من الآية167) أليس هو يراها خطاباً لأمة، وبدا عليها.. و قال: [هذا فيما إذا كان واحد مستطيع، وليس باستطاعتي أنا، ورجع.. ورجع.. ورجع..].
لهذا ترى في الأخير أن الذي قعد عنه الناس يمثل نسبة كبيرة جداً من الدين، بسبب هذه النظرة الفردية، إلى درجة أن الأشياء الأخرى لم يعد لها قيمة في واقعنا، وكما نقول أكثر من مرة: بأن الله يذكِّرنا بأن الأعمال هنا في الدنيا، تستطيع أن تعرف أن الأعمال مقبولة، ولها قيمة، أو أنها محبطة، يربط بين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، يقول هناك: ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾(العنكبوت: من الآية27) فنظرنا إلينا وإذا نحن ملايين مصلين، وملايين يحجون، وملايين يصومون، وكم يشترون من مسابح يسبحون، أسواق تكون في المدينة، وفي مكة يشترونها في [الشوالات] مسابح، ولكن هذه الأمة رأينا واقعها بالشكل الذي يبدو أن كل هذه الأعمال قد فرغت من محتواها، ولم تعد ذات قيمة بالنسبة لواقعها، إذا لم تعد ذات قيمة بالنسبة لواقع الحياة فاعلم بأنها ليست ذات قيمة عند الله؛ لأنه هو الذي وعد أنه إذا كانت الأعمال متكاملة، ومقبولة، سيجعل لها أثرها هنا، وأثرها في الآخرة، فإذا لم نلمس لها أثرها هنا يعني ماذا؟ أنها ليست مقبولة، ليست أداء للدين كما أمر.
إذاً فتجد أنه فعلاً بسبب النظرة الفردية التي رسخها أصول الفقه، جعلت كل إنسان يبدي على الدين واختار الأشياء التي يمكن يأخذها، واعتزل له هناك، وبقية الأشياء يقول: [لا نستطيع، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ما يلزمنا] وأشياء من هذه) سورة الأعراف الدرس الثامن والعشرون من دروس رمضان.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.