مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الطواغيت عادة ما يكونون أنانيين مستكبرين تحل فيهم روح الإجرام وروح الأنانية والاستكبار والغرور؛ فيجعلون من الناس مجرد خدم لهم وعبيد لهم يسخرونهم لتحقيق مصالحهم الخاصة.

ولأن المشروع الإسلامي مشروع رحمة للناس يستنقذ المستضعفين، ويبني مجتمعًا عزيزًا كريمًا عظيمًا، ولأن المشروع الإسلامي في الوقت نفسه ضد الظلم، وضد الباطل، ضد الطغيان، ضد الإجرام والمجرمين فقد أثار حفيظة الطغاة وأثار حفيظة المجرمين والمستكبرين فعملوا بكل جهد لمواجهة نبي الله محمد ‹صلى الله عليه وعلى آله وسلم› ووقفوا بوجهه بكل وسيلة، وبكل أسلوب، بعمل جاد ومتواصل لوأد هذا المشروع، وللقضاء على هذا الرجل ورسالته الإلهية فقد عملوا بكل جهد مثلما قال الله جل وعلا في شرح واقعهم:

{ وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ   أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ   وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ }[ص:4-6]

الملأ منهم كبارهم والمتنفذون فيهم من لهم السلطان والنفوذ أو الثروة والمال انطلقوا في محاربة هذا المشروع الإلهي العظيم

{ وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ }[ص:6]

لأنهم كانوا يجعلون من الشرك وسيلة للنفوذ واستعباد الناس من دون الله جل وعلا { أَنِ امْشُوا } تحركوا في مواجهة هذا المشروع، لا تسكتوا عنه، لا تقفوا أمامه، أمشوا، تحركوا واعملوا ضده بكل ما يمكن

{ وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ }

تحركوا في مواجهة هذا الرجل الذي ينسف حالة الشرك والاستعباد لغير الله بصبر

{ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ   مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ }[ص:6، 7]

بدؤوا في مواجهة المشروع الإلهي الذي يهدف إلى تزكية هذه الأمة، ومشروع في واقعه: الشيء الصحيح والشيء الطبيعي أن تتقبل الأمة هذا المشروع، أن تستجيب لله؛ لأنه مشروع خير لهذه الأمة، دين الله هو لخير هذه الأمة، لصلاحها هي، لتزكيتها هي، لمجدها هي، وعزتها هي، مثلما يقول الله:

{ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ }[الزخرف:44]

شرف كبير لك وشرف كبير أيضًا لقومك؛ لأن فيه مجد قومك وعزتهم وقيامهم وحياتهم وسعادتهم وسيادتهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة وإبعادهم عن الذل والقهر والهوان والانحطاط.

لذلك هذا المشروع الإلهي الذي يهدف لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور كان الشيء الطبيعي أن يُقبل، أن يُتبع، أن يُستجاب له.
لكن أولئك الطواغيت والجبابرة أمثال أبو جهل وغير (أبو جهل) وأمثالهم كثير من أصحاب النفوذ؛ فقد كانوا يرون في دين الله وتحرير العباد من هيمنتهم وطغيانهم: يرون في ذلك خطرًا عليهم، كما يرون فيه مشروعًا يهدد ما يقوم كيانهم عليه من ظلم وطغيان ونهب وغير ذلك.

تحركوا في مواجهة هذا المشروع بداية بالشائعات والأكاذيب، قالوا: عن الرسول إنه ساحر وإن التأثير الذي لهدى الله ولآيات الله ولكلام الله على قلوب الناس ومشاعرهم وعلى نفوسهم سموه سحرًا، وحركوا هذه الشائعة في المجتمع؛ ليصدوا المجتمع حتى عن اتباع الرسول ‹صلى الله عليه وعلى آله وسلم› والاستجابة له.

قالوا عنه: كذاب وإن ما يقوله كذب، وأنه ليس رسولاً من عند الله، وأن القرآن ليس كتاب الله، قالوا عنه مجنون ومختل عقليًّا ولديه مشاريع غريبة وأفكار غريبة، قالوا فيه

{ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُون }

تحركوا في أوساط المجتمع بهذه الشائعات وبشكل كبير ومكثف ونشاط كبير، لكنهم لم يفلحوا لذلك، ولم يتحقق لهم مأربهم من إيقاف هذه الدعوة. واجهوا النبي ‹صلى الله عليه وعلى آله وسلم› بالتكذيب والعداء وإثارة المجتمع ضده، لكنهم لم يفلحوا في القضاء على هذه الرسالة العظيمة.

 استمر رسول الله محمد ‹صلى الله عليه وعلى آله وسلم› صابرًا محتسبًا ثابتًا، مبلغًا رسالات ربه، صادعًا بالحق لا يبالي بأنه وحيد في هذه الأرض، وبدأ مشواره وحيدًا وفيما بعد استجاب له فئة قليلة من الناس، لم يوحشه ذلك، توكل على الله، وصدع بأمر الله وصبر وصابر واستمر في تذكير عباد الله برحمة كبيرة إلى حد أنه من شدة الحرص على هداية الناس وهو يرى الخطر الكبير عليهم في عدم الاستجابة لله، والخسارة الكبيرة عليهم فتأخذه الحسرة الكبيرة على الناس والألم الشديد إلى حد أن يقول الله:

{ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا }[الكهف:6]

تكاد تقتل نفسك، تكاد تخنق نفسك من الهم والحزن والأسف على هؤلاء كيف لا يهتدون؟! كيف يعرضون عما هو خير لهم، عما هو عزة لهم، عما هو شرف كبير لهم، عما فيه فلاحهم ومستقبلهم في الدنيا والآخرة؟!.

 استمرت هذه الحالة من الصراع بشكل إعلامي، واستغل أولئك المتنفذون والطغاة والجبابرة نفوذهم لدى الناس لصد الناس عن سبيل الله وعن الاستجابة، فكانت الاستجابة في داخل مكة عبارة عن فئة قليلة من المستضعفين استجابوا للرسول ‹صلى الله عليه وعلى آله وسلم› وأسلموا وانطلقوا مع الله وفي سبيل الله وكانت قضية الإسلام تعني تجندًا، كانت مسألة أن تنضم أن تسلم معناه أنك صرت جنديًّا لخدمة هذه الرسالة العظيمة الإسلام ولإقامة هذا الدين.

تحرك أولئك المؤمنون وهم قلة لكنهم صابرون وثابتون رغم كل المعاناة الشديدة: القهر، الظلم لهم، والمحاولة الدائمة لصدهم وإبعادهم عن الحق.

 واستمر رسول الله محمد ‹صلى الله عليه وعلى آله وسلم› مبلغًا لرسالة الله، عاملاً على هداية الناس وإنقاذهم وتحريرهم من العبودية لغير الله جل وعلا حتى وصل الحال بعد ثلاث عشرة سنة في مكة إلى أن يحصل تآمر كبير لهدف تصفيته أو القضاء عليه بأي طريقة.

وهذه الحالة من العجز عليها كل طواغيت الأرض قبل رسول الله وفي عصره وبعد عصره يعجزون عن مواجهة هدى الله؛ لأن هدى الله قوي والحق قوي والباطل زهوق والباطل ضعيف وأمام القدرة البيانية للحق ووضوح الحق وصدوع الحق يتحول الباطل عندما يعجز ويفشل في مواجهة الحق، يعجز عن الحجة وعن البيان يلجأ إلى محاولات أخرى: إلى القوة لمنع الحق وتصفيته والقضاء عليه.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر